أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - الشجاعة في غزة.. حين يصبح الخوف رفيقاً لا يفارق!














المزيد.....

الشجاعة في غزة.. حين يصبح الخوف رفيقاً لا يفارق!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8510 - 2025 / 10 / 29 - 18:19
المحور: القضية الفلسطينية
    


في غزة لا تُشرق الشمس كما في سائر المدن، بل تأتي مثقلة بالدخان ورائحة البارود، وتتعثر خطوات النهار بين أنقاض البيوت المهدمة. هناك لا يقاس الوقت بالساعات، بل بعدد الغارات، بعدد الجثامين التي تُشيّع، بعدد الدموع التي لا تجد كتفاً لتستريح عليه. غزة ليست مجرد مكان على خارطةٍ تاهت بين الأخبار، إنها جرح مفتوح على العالم، ينزف كل يوم، ومع ذلك ما زال نابضاً بالحياة.

قال مانديلا: "تعلمت أن الشجاعة ليست غياب الخوف، بل الانتصار عليه"، وكأنما كان يصف قلوباً تقف اليوم في غزة، حيث يتربص الموت عند كل باب، وحيث الخوف لا يغيب لحظة واحدة. الخوف من قذيفة تهوي، من خبر استشهاد عزيز، من فقدان مأوى أو بقاء جثة طفل تحت الركام بلا وداع.

وفي غزة لا أحد يمكنه الادعاء أنه لا يخاف. الأطفال يخافون من صوت الانفجارات، الأمهات يخشين أن يضيع أبناؤهن في ثانية، والآباء يخافون من العجز أكثر من الخوف ذاته. ومع ذلك يبقون واقفين. وهذا ما قصده نيل جايمان حين قال: "الشجاعة لا تعني أنك لست خائفاً، الشجاعة معناها أن تكون خائفاً جداً، لكنك تفعل الصواب رغم ذلك".

في غزة الشجاعة ليست صورة بطولية تلمع في نشرات الأخبار، بل هي تفاصيل صغيرة يومية:

حين تخبز أم الخبز تحت القصف كي لا ينام أطفالها جائعين.

حين يحمل أب جثمان طفله الصغير بين ذراعيه ويمضي به إلى قبره، دون أن ينكسر صوته أمام بقية أطفاله.

حين يضحك طفل وسط الركام لأنه وجد كرة ممزقة ما زالت تصلح للركل.

حين يرفع الناس الأذان بين الأطلال وكأن الحياة لم تُمحَ.

الخوف هناك ليس عاراً، بل دليلاً على أنهم بشر من لحم ودم، لكن ما يجعلهم أبطالاً حقاً هو أن هذا الخوف لا يشلهم، بل يرافقهم، ويشد على أعصابهم، ثم يتركونه خلفهم ليفعلوا ما يجب فعله: الصمود.

غزة اليوم تعطي معنى آخر للشجاعة، شجاعة ليست اختياراً، بل قدراً مفروضاً. شجاعة أن تبقى حيّاً رغم أن الموت يحيط بك، أن تحلم رغم أن الحلم صار جريمة، أن تحب رغم أن الرحيل صار أقرب من كل شيء.

هكذا تصبح كلمات مانديلا وجايمان مرآة تعكس وجوه الغزيين، وجوهاً متعبة، دامعة، لكنها لا تزال تقول:
"نحن نخاف، نعم، لكننا لا ننكسر."

قد يظن العالم أن غزة مدينة محاصرة، ضعيفة، مكسورة، لكن الحقيقة أنها مدرسة للشجاعة، تعلّمنا أن البطولة ليست غياب الخوف، بل القدرة على مواجهته، على السير إلى الأمام رغم الخوف.
غزة لا تخلو من الدموع، لكنها أيضاً لا تخلو من الأمل. لا يخلو ليلها من أصوات الانفجارات، لكنه لا يخلو من أصوات الأذان والدعاء.
هناك بين الركام، يولد معنى جديد للشجاعة.. معنى لا يكتبه التاريخ في سطور باردة، بل يكتبه الأطفال بضحكات قصيرة وسط الخراب، والأمهات بصبر يشبه المعجزات، والرجال بخطوات ثابتة في مواجهة المجهول.

غزة تقول للعالم:
"لسنا أبطالاً لأننا لا نخاف.. بل لأننا رغم خوفنا، نواصل الحياة."

محمود كلّم، كاتبٌ وباحثٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذين خانُوا غزّة... سقطُوا من ذاكرة الوطن!
- عبّود بطاح: الوجه الحيّ للمقاومة بعد حنظلة!
- لم تنتهِ الحكاية بعد.. غداً تطير العصافير يا غزة!
- غزّة... آخِرُ ما تبقّى من شرفِ الأُمّةِ!
- غزّة... حين تسقط الأقنعة!
- غزة تصرخ… وصمت الأخوة يقتلها!
- غزة… الجرح الذي يفضح إنسانيتنا!
- غزة لم تنكسر!
- غزة… المدينة التي نامت على رمادها وحدها!
- غزة… عنوان الصبر وشمس الكرامة
- المفاوض الفلسطيني بين الخيبة والإنصاف!
- مروان البرغوثي… القائد الذي لم تغب روحه عن الوطن!
- غزة... والخزي والعار لمن غاب حين وجب الحضور!
- غريتا... ضميرٌ يبحر نحو غزة حين خذلها العالم!
- يوميّات من القلب... حين يتحوّل الألم إلى إبداع!
- أبواب أغلقتها الأيام!
- تحيّة من فلسطين إلى اليمن!
- غزة... عنوان الصمود وضمير الأمة!
- غزة وجائزة نوبل للسلام… من يستحقها حقاً؟
- غزة.. مرثيّةُ الذين يُشبهوننا ولا ينتمون إلينا!


المزيد.....




- ليلى ألين تصدر ألبوما جريئًا بعد انفصالٍ يوصف بـ-المُرَوّع- ...
- كشف التاريخ والعام.. شاهد ما قاله أحمد الشرع عن ذكرى مولده ف ...
- -السعودية هي المفتاح-.. فيديو يرصد رد فعل ولي العهد السعودي ...
- صورة متداولة لـ-السيدة الباكية في الفاشر-.. ما حقيقتها؟
- كيف ألهم فؤاد معلى الجزائر بشجرة؟
- إحالة 73 متهماً في قضية التلاعب بالسحوبات التجارية في الكويت ...
- إعصار ميليسا: أسقف طائرة وأشجار مقتلعة وهدوء في عين العاصفة ...
- نتفليكس تُغضب البنتاغون بفيلم-بيت الديناميت-
- من هو مشمش أفندي، أول بطل كرتوني خرج من مصر؟
- أعنف هجوم إسرائيلي منذ بدء الهدنة يحصد مئة قتيل في غزة... فه ...


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - الشجاعة في غزة.. حين يصبح الخوف رفيقاً لا يفارق!