أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - انهيارات في جيش الاحتلال بعد 7 أكتوبر: سقوط الأسطورة أمام الحقيقة














المزيد.....

انهيارات في جيش الاحتلال بعد 7 أكتوبر: سقوط الأسطورة أمام الحقيقة


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8540 - 2025 / 11 / 28 - 04:48
المحور: القضية الفلسطينية
    


منذ الساعات الأولى لعملية «طوفان الأقصى» بدا أن المشهد الذي يتصدّع أمام أعين قادة الكيان ليس مجرد ثغرة أمنية ولا إخفاقاً استخباراتياً عابراً، بل زلزالاً تاريخياً يهزّ إحدى أضخم المؤسسات العسكرية في الشرق الأوسط. ولم يتوقف هذا الزلزال، بل تواصل مع موجة الإقالات التي أعلنها رئيس الأركان إيال زامير، واضعاً نهايةً مهينة لعدد من كبار القادة الذين قُدِّموا لسنوات باعتبارهم حراس “الدولة القوية”.

لم يكن قرار زامير شطب قادة مثل حليفا، فينكلمن، بسيوك وروزنفلد مجرد إعادة ترتيب إدارية، بل اعترافاً قاسياً بأن الجيش الذي كان سكان الكيان يفاخرون بقدرته على “المعجزات العملياتية” قد فشل في أول اختبار حقيقي أمام قوة مقاومة منظّمة تمتلك الإصرار أكثر مما تمتلك السلاح.

لم تكُن المفاجأة في حجم التوغّل فحسب، بل في الدقة التي أثبتت أن المقاومة قضت شهوراً وربما سنوات في جمع المعلومات ومراكمة القدرة، بينما كانت الاستخبارات الاحتلالية غارقة في ثقةٍ متعالية بأن “الغلاف حصين”.

تُعد هذه الإقالات مؤشراً على اهتزاز العقيدة العسكرية للكيان، لا مجرد عملية محاسبة. فالتقارير الداخلية التي تسربت خلال الأشهر الماضية تؤكد أن ما حدث في 7 أكتوبر لم يكن مجرد فشل في الاستجابة، بل فشل في الفهم: فهم طبيعة الخصم، وفهم حدود القوة، وفهم أن الجدار الإلكتروني لا يمكنه حماية جيشٍ يغرق في الغرور.

يمكن القول إن جيش الاحتلال يعيش اليوم أخطر أزمة هوية منذ عام 1973. لكن الفارق بين الأزمتين أن حرب تشرين بقيت ضمن إطار مواجهة عسكرية كلاسيكية، بينما 7 أكتوبر زعزعت الركائز الأسطورية التي بُنيت عليها صورة الجيش: الردع، الحذر، التفوق الاستخباراتي، والقدرة على المبادرة.

لم يعد الشارع داخل الكيان يرى في هذه الإقالات “مسؤولية قيادية”، بل غايةً في حد ذاتها: البحث عن وجوه تُحمَّل الفشل كي يبقى رأس الهرم السياسي بعيداً عن خط النار. إلا أن معظم المحللين يجمعون على أن حجم الفشل يتجاوز القادة الذين أُقيلوا، وأن محاولة حماية السلطة السياسية لن تنجح في محو حقيقة أن الجيش لم يكن مستعداً للحظة هي الأخطر في تاريخه.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الثقة بالمؤسسة العسكرية تراجعت إلى مستويات غير مسبوقة، وأن “القدسية المؤسسية” التي تمتع بها القادة العسكريون لعقود باتت موضع شكّ، خصوصاً بعد توالي التقارير التي تحدثت عن ارتباكٍ وسوء إدارة وتضارب أوامر في الساعات الأولى للعملية.

يبقى السؤال: هل كان هذا الجيش يوماً بلا هزيمة؟
لقد بُني الإيمان داخل الكيان بهذه الأسطورة على خطاب القوة أكثر مما بُني على الحقائق، وعلى نجاحات عسكرية سريعة أُضفيت عليها هالة من القدرات الخارقة. لكن التاريخ، بمراجعته بمنهج أكاديمي محايد، يكشف أن جيش الاحتلال هُزم في لبنان عامَي 2000 و2006، وتعرض لعمليات نوعية في غزة خلال العقدين الأخيرين، وصولاً إلى ما حدث في 7 أكتوبر، الذي لم ينسف الأسطورة فحسب، بل عرّى هشاشتها.

قد يستعيد جيش الاحتلال جزءاً من قدرته العسكرية، وقد تُعاد هيكلة منظومته الأمنية، لكن ما لن يعود بسهولة هو صورة الجيش التي سُوِّقت طويلاً كأيقونة قوة لا تُمس.
لقد فتح طوفان الأقصى صفحة جديدة في الوعي الإقليمي والدولي: صفحة تقول إن القوة المادية مهما تضخمت لا قيمة لها إن وُلدت من الغرور لا من الفهم، وإن جيوشاً بُنيت على الهالة الإعلامية قد تنهار في ساعات أمام خصم يعرف ماذا يريد.

وهكذا، لم تعد المسألة اليوم: “لماذا فشل القادة؟”، بل:
هل ما زال جيش الاحتلال يمتلك ثقةً في نفسه أصلاً، كي نتحدّث عن هزيمة أو انتصار؟

محمود كلّم، كاتبٌ وباحثٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سماح إدريس… ذاكرة لقاء، ومرارة الغياب
- وفاء بهاني: ابنة الشهيد التي حوّلت الإعلام إلى معركة فلسطين
- صرخة لم تُدفن: ماذا يعني أن تكون نزار بنات؟
- حوار الطرشان في فلسطين… وغزة وحدها تقول الحقيقة!
- جورج حبش… سيرةُ قائدٍ عصاميٍّ في زمنٍ يزدحمُ بالمُرتزقةِ!
- فلسطين.. حين يعلو الشعب على الرايات!
- ياسر عرفات... القائد الذي خانته البنادق التي صنعها!
- حينَ يبكِي التُّرابُ: مرثِيّةُ وطنٍ أَثقلتهُ الحُرُوبُ وتخلّ ...
- في غزة... هزيمةٌ مُذلّةٌ للمجتمع الدولي وحقوق الإنسان!
- غزة… وسام الحياة في زمن الخذلان!
- حين يُصبحُ الوطنُ قبراً
- كلّما عاهدوا عهداً... نبذه فريقٌ منهم!
- غزّة والفاشر.. وجهان لمأساةٍ واحدة!
- الخائن يُستَخدم ثم يُرمى: تأملات في زمن الانكسار الفلسطيني!
- غزة.. مرآة الكرامة في زمن التصفيق!
- غزّة... من قصف البيوت إلى قصف الحقيقة!
- المحررون خلف الأبواب المغلقة: خذلانٌ عربيّ يلاحق الأسرى بعد ...
- الشجاعة في غزة.. حين يصبح الخوف رفيقاً لا يفارق!
- الذين خانُوا غزّة... سقطُوا من ذاكرة الوطن!
- عبّود بطاح: الوجه الحيّ للمقاومة بعد حنظلة!


المزيد.....




- ترامب: ندرس ترحيل عائلة رحمن الله لاكانوال المشتبه به في إطل ...
- ترامب: العمليات البرية ضد عصابات المخدرات في فنزويلا ستبدأ - ...
- تونس: قلق أوروبي إزاء -تدهور دولة القانون والحريات الأساسية- ...
- إيداع الصحافي الجزائري سعد بوعقبة الحبس الاحتياطي على خلفية ...
- توتر بين الصين واليابان بشأن تايوان: هل تخطت طوكيو خطاً أحمر ...
- ترامب يأمر بمراجعة شاملة لطلبات اللجوء المعتمدة في عهد بايدن ...
- نتنياهو يعقد اجتماعا طارئا لبحث جبهة لبنان
- فيديو.. إسرائيل تقتل رجلين في الضفة رغم استسلامهما
- إسرائيل تشن ضربات جديدة ضد حزب الله جنوب لبنان
- منعطف جديد للحرب في السودان.. ضغوط غربية على حكومة البرهان


المزيد.....

- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والموقف الصريح من الحق التاريخي ... / غازي الصوراني
- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - انهيارات في جيش الاحتلال بعد 7 أكتوبر: سقوط الأسطورة أمام الحقيقة