أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - عماد الطيب - الكتابة واشكالية المتلقي














المزيد.....

الكتابة واشكالية المتلقي


عماد الطيب
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8538 - 2025 / 11 / 26 - 01:08
المحور: قضايا ثقافية
    


يسألونني ببرودٍ يليق بالميت: لمن تكتب؟ ولماذا تزعجنا بكل هذا الكلام؟ وما جدوى أن تتعب نفسك؟ كأنني موظف عندهم، كأنهم يطالبونني بفاتورة تبرر وجودي.
حسنًا… سأقولها لهم بصوتٍ لا يتلعثم: أنا لا أكتب لكم. ولا يعنيني رأيكم. ولا أحتاج إذنًا من أحد لأقول الحقيقة.
قالوا: تضيّع وقتك. والحقيقة أن الوقت يضيع معهم، مع وجوهٍ تتحدث كثيرًا وتفعل لا شيء، مع بشرٍ يستنكرون الفساد ثم يمدّون أيديهم له، مع مجتمعٍ ينافق في النهار ويتدين في الليل، ويكذب على نفسه قبل أن يكذب على الآخرين.
أنا أكتب لأن الواقع وسخ… نعم، وسخ. ولا يحتاج إلى مساحيق لغوية، بل يحتاج إلى من يقول له: أنت قبيح… قبيح جدًا.
أكتب لأنني أرى ما لا يريد أحد رؤيته: أرى مسؤولًا يتحدث عن النزاهة وهو يغرق في الأموال. أرى رجلًا يبكي على الوطن وهو أوّل من يبيعه عند أول مصلحة. أرى طالبًا يشتري شهادته ثم يتفاخر بجهله. أرى مجتمعًا يصفق للكاذب ويخاف من الصادق. ومن ثم يأتون إليّ، بكل بلاهة العالم، ويسألون: لماذا تكتب؟
أكتب لأن هذه البلاد لا تعاني من نقص في المال… بل تعاني من نقص في الشرف. لا تعاني من نقص في العقول… بل في من يجرؤون على تشغيلها. لا تعاني من ظلم الحكومات فقط… بل من شعبٍ يعبد الجلاد لأنه يخاف أن يرى نفسه في المرآة.
أكتب لأن الصمت شراكة في الجريمة، ولأن الكلام هنا ليس رأيًا… الكلام موقف، والموقف لا تأخذه من فم الناس، بل من ضميرك.
أكتب لأنني لو سكتّ، سأصبح مثلهم: أمشي بلا معنى، وأتنفس بلا قيمة، وأدفن رأسي في الرمل وأقول: “اللهم سلّم”. وكأن الله خلقنا لنكون شهود زور على خراب وطن.
أكتب لأنني أرى: أرى طبقة سرقت كل شيء، وطبقة صامتة على كل شيء، وطبقة تصفّق وهي لا تفهم شيئًا. وهؤلاء الثلاثة معًا… يصنعون الكارثة.
يسألونني عن النتيجة… والنتيجة واضحة: أكتب لأنني لست جثة. لأنني لم أصبح أعمى مثلهم، ولم أفقد صوتي مثلهم، ولم أعتد على القبح مثلهم. أنا لا أكتب لأغيّرهم…
هؤلاء لا يتغيرون.
أنا أكتب لأحمي نفسي من أن أصبح واحدًا منهم. لأحمي كرامتي من أن تتحول إلى ورقة استقبال على مكتب مسؤول تافه. لأحمي عقلي من أن يصبح خادمًا عند الجهل. لأحمي قلبي من أن يتعفن.
الكتابة ليست شغفًا… الكتابة ليست هواية… الكتابة ليست مجدًا… الكتابة معركة، ومن لا يجرؤ على الدخول فيها، فليجلس جانبًا ولا يتفلسف.
أنا أكتب لأن الحقيقة .. مهما كانت مؤلمة .. أشرف ألف مرة من حياة كاملة تُبنى على الكذب. وأكتب لأنهم لا يحتملون الحقيقة… ولأن هذا وحده يجعل الكتابة تستحق كل هذا الغضب.



#عماد_الطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في المسافة بين إنسانيتهم… و ( انسانيتنا )
- حين يفقد الوطن كرامته
- من قال إن الزمن يشفي؟
- امرأة بين السطور
- حين تتحول العقول الى سجون
- في جامعاتنا .. ثقافة مشتعلة خلف أبواب مغلقة
- تقاسيم أخيرة في جنازة الذكريات
- حين يكون الصمت بيتي الأول
- العراق بين وفرة الموارد وتعطّل الإرادة
- الشخصية العراقية والسلطة والسياسة
- ذاكرة تتفتح بالشعر والحكايات
- في حضرة التفاهة .. قراءة نقدية للسطحية الرقمية
- فيروز والصباح
- حب في الستين
- فوضى العمران وضياع الهوية الجمالية في المدن العراقية
- سطحية الترند وثقافة اللايك
- برامج ام مسرحيات هزلية
- قرءة نقدية في نص - الربيع والحب في موسكو -
- الثقافة والفقر.. استثمار الوعي
- جدلية الجهل والسلطة عند جورج أورويل


المزيد.....




- فيديو يظهر الهاتف الذي يستخدمه أمير قطر خلال رحلة إلى رواندا ...
- السعودية.. فيديو سوداني يتحرش بامرأتين وما قام به وافد سوري ...
- صيف أوروبا سيمتد 8 أشهر بحلول نهاية القرن جراء تغير المناخ
- الباوباب.. -شجرة الحياة- الأسطورية المهددة بالتغير المناخي
- مادورو يتعهد بالمقاومة وكوبا تحذر من جنون أميركي
- دراسة علمية حديثة: المراهقة تستمر حتى الثلاثينات من العمر
- ترامب يحول تقليد العفو عن الديوك الرومية إلى هجوم سياسي على ...
- رئيس البرازيل السابق يبدأ تنفيذ عقوبة السجن 27 عاما
- ماذا نعرف عن -رجل المسيرات- الذي اختاره ترامب لإنهاء حرب أوك ...
- بعضهم من دول عربية.. روسيا في مرمى الاتهامات باستخدام -الخدا ...


المزيد.....

- قصة الإنسان العراقي.. محاولة لفهم الشخصية العراقية في ضوء مف ... / محمد اسماعيل السراي
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - عماد الطيب - الكتابة واشكالية المتلقي