أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عماد الطيب - سطحية الترند وثقافة اللايك














المزيد.....

سطحية الترند وثقافة اللايك


عماد الطيب
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8530 - 2025 / 11 / 18 - 07:00
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


في زمنٍ لم تعد فيه القيم تُقاس بالعلم أو الإبداع، بل بعدد المتابعين والإعجابات، أصبح الترند سيد الموقف، والعقول أَسْرى لسطحيته. باتت أخبار الفضائح والطلاق تتصدر واجهات السوشيال ميديا، وكأنها إنجازات وطنية تستحق الاحتفاء! فكلّما زاد الصخب، ارتفع الاسم في قوائم “الترند”، حتى لو كان الثمن سمعة أو كرامة أو كذبة متفق عليها مسبقاً.
في العراق، تتجلّى هذه الظاهرة بوضوح؛ فكم من “مشهور” أو “مشهورَة” اختلقا مشادةً مفتعلة أو إعلان طلاق مزيف أمام الكاميرا، فقط ليحظيا بانتشار واسع على “تيك توك” و”إنستغرام”. وما هي إلا ساعات حتى تتناقل الصفحات الخبر على أنه حدثٌ جلل، وتبدأ التعليقات تنهال بين شتائم وتبريرات ومقاطع “ردّ فعل”، ليصبح الجميع جزءاً من المسرحية.
لقد تحولت وسائل التواصل من فضاء للتعبير إلى ساحة مزايدات، يُقاس فيها الوجود بعدد المشاهدات، حتى لو كان الثمن الكرامة أو الخصوصية. نرى البعض يصور لحظات الحزن والموت والمرض ليحصل على "اللايك"، وكأن الإنسان فقد حسّه الفطري بالحياء والاحترام.
إن هذه السطحية ليست وليدة اليوم، بل هي نتيجة تراكمات من غياب الوعي الإعلامي، وانحدار الذوق العام، وتحوّل "المحتوى" إلى تجارة سريعة بلا مضمون. بدلاً من أن تُسلّط الأضواء على المبدعين، صارت تتسابق على من يفتعل الفضيحة أو "يصرخ أكثر" أمام الكاميرا.
ولعلّ أخطر ما في هذه الظاهرة هو أنها تصنع قدوات زائفة للأجيال الجديدة. فالشاب الذي يرى أن الشهرة تُنال بالجدل والفضائح لن يجد دافعاً ليقرأ أو يبدع، بل سيتعلّم كيف يُضحك الجمهور بخطأٍ أو “موقفٍ تمثيلي” فقط.
في النهاية، الترند الحقيقي ليس ما يصعد في السوشيال ميديا، بل ما يترك أثراً في العقول. وما أكثر الضجيج اليوم، وما أقلّ الصدى الحقيقي. فالقيمة لا تُقاس بعدد الإعجابات، بل بما يُزرع من وعيٍ في الناس.
لقد آن الأوان أن نعيد النظر في هذا المشهد المشوَّه الذي جعل التفاهة وسيلة للشهرة، والكذب طريقاً للنجاح. إن الإعلام الجديد في العراق بحاجة إلى تطهير من موجة المحتوى الزائف، وإلى وعيٍ جماعي يُعيد للمشهد رقابته الأخلاقية والمعرفية. فليس كل ما يُعرض يستحق المشاهدة، وليس كل من يُتابَع يستحق المتابعة.
إننا بحاجة إلى جيلٍ يدرك أن الكلمة مسؤولية، وأن الشاشة مرآة تعكس صورة المجتمع لا ساحة للمساخر. نريد صناع محتوى يقدّمون فكراً وفناً، لا مناظر مثيرة للجدل تُنسى بعد ساعات. فالمجتمع الذي يرفع من شأن الصراخ على حساب المعنى، يُسهم في هدم وعيه بيده.
إن إعادة الوعي تبدأ من المشاهد قبل صانع المحتوى؛ حين يكفّ عن الإعجاب بالزيف، ويرفض أن يكون رقماً في موكب “الترند”. فالقيمة لا تُقاس بالضوضاء، بل بالعمق والصدق. وإذا أردنا أن يكون للمحتوى العراقي حضورٌ محترم، فعلينا أن نرفع من شأن الكلمة المسؤولة، لا من شأن المقطع المثير. فالوعي هو الترند الحقيقي، ومن يزرع فكراً في العقول أرفع شأناً ممن يزرع جدلاً في الهواء.



#عماد_الطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- برامج ام مسرحيات هزلية
- قرءة نقدية في نص - الربيع والحب في موسكو -
- الثقافة والفقر.. استثمار الوعي
- جدلية الجهل والسلطة عند جورج أورويل
- سأزورك يوما
- الدولمة العراقية ترند في مطاعم العالم
- رسالة اليها
- ضجيج بلا اثر
- الانتخابات .. الوجه الآخر للقمر
- العراق بين الحلم المؤجل والواقع المرير
- حلم المسافات الطويلة
- احلام ذلك الزمان
- المثقف وورقة الاقتراع
- المثقفون واشكالية السلطة
- دولة الجسور والمولات... وجنازة الصناعة العراقية
- فراسة الحب
- الصمت الانتخابي... الهدوء الذي فضح كل شيء
- اعلام الضجيج
- الحقائب المدرسية .. حقائب اثقل من طفولة اطفالنا
- أكتب كي احيا


المزيد.....




- -لا أريد سماع ذلك-.. لحظة طريفة بين ترامب والصحفيين عند سؤال ...
- -زايد ما مات دام أبو خالد حي-.. تركي آل الشيخ ينشر صورة من ل ...
- بن سلمان يزور ترامب في البيت الأبيض: قضايا ساخنة على المحك! ...
- اليابان تدعو مواطنيها في الصين للحذر وسط تصاعد التوتر مع بكي ...
- ترامب يتوعد -عصابات- الكاريبي ومادورو مستعد للقائه
- مستوطنون إسرائيليون يحرقون مركبات ومنازل فلسطينية في قرية با ...
- حادث غامض بخط أنابيب غاز في منطقة أومسك الروسية
- القصبة.. قلب الجزائر العاصمة ومتحفها العابر للأزمنة
- ميرا غنيم.. فتاة فلسطينية ترسم القدس وتفوز بجائزة عربية
- النواب الأميركي يصوت اليوم على الإفراج عن ملفات إبستين وترام ...


المزيد.....

- نبذ العدمية: هل نكون مخطئين حقًا: العدمية المستنيرة أم الطبي ... / زهير الخويلدي
- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عماد الطيب - سطحية الترند وثقافة اللايك