أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد الطيب - أكتب كي احيا














المزيد.....

أكتب كي احيا


عماد الطيب
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8520 - 2025 / 11 / 8 - 02:43
المحور: الادب والفن
    


أكتب كي لا أجن، كي أظل ممسكًا بخيطٍ رفيعٍ من الاتزان في هذا العالم المائل على حافة الجنون. أكتب لأرتب الفوضى التي تعصف برأسي، لأعيد الأشياء إلى مواضعها بعد أن بعثرتها الأيام في زوايا القلب والعقل.
الكتابة ليست هواية، إنها طوق نجاة أتشبث به حين يغرق كل شيء في صمتٍ كثيف لا يُحتمل. كما قال ألبير كامو: “الكتابة شكل من أشكال التمرد على العبث، محاولة لإضفاء معنى على ما لا معنى له.”
أكتب كي لا أمرض، فالكتابة دواء الروح حين يعجز الجسد عن البوح. كل جملة أكتبها تشبه شهيقًا نقيًّا في صدرٍ امتلأ بدخان الحياة. أكتب لأن الكلام العادي لا يكفي لتفريغ هذا الزحام الداخلي، ولأن الصمت الطويل يولّد أمراضًا في القلب لا علاج لها سوى الحرف. “الكلمة دواء، فإذا استُعملت بقدر شفت، وإذا جاوزت القدر قتلت.” وأنا أكتب في حدود الشفاء… أكتب لأحيا.
أكتب كي لا تغادرني كلماتي، أخاف عليها من النسيان، من أن تتيبس في داخلي وتتحول إلى رماد. الكلمات كائنات حية، إن لم تمنحها الورق تموت، وإن لم تسقها من نبضك تذبل. أكتب لأمنحها حياة، لتظل شاهدة على أني كنتُ يومًا هنا، وأحلم، وأخاف، وأحب، وأحزن. “نحن نكتب حتى لا نُنسى.” فالكتابة شكلٌ من الخلود، طريقة لأن يبقى الأثر بعد أن يمضي الجسد.
أكتب لأتصالح مع الأشياء التي جرحتني، مع الوجوه التي رحلت، مع الأسئلة التي لم أجد لها جوابًا. أكتب لأنني حين أضع نقطة في نهاية السطر، أشعر أنني أغلقت جرحًا صغيرًا في داخلي. “الألم هو الوعي الكامل، ومن لا يكتب ألمه لا يشفى منه.” لذلك، أكتب لأتجاوز نفسي، لا لأتزين بها.
الكتابة ليست ترفًا، إنها فعل نجاة . حين أكتب، أتحرر من القيود . فالحرف وحده يفهم صمتي، ويترجم وجعي، ويمنحني القدرة على الاستمرار في عالمٍ يزداد قسوة كل يوم. وكما قال كافكا: “الكتابة شكل من أشكال الصلاة.” وأنا أمارسها بخشوع من يبحث عن خلاصٍ في اللغة. إن توقفت عن الكتابة، سأفقد نفسي. فالكتابة ليست ما أفعل، بل ما يُبقيني على قيد الوعي. . أكتب… كي لا أجن، كي لا أمرض، وكي لا أنطفئ في عتمةٍ بلا معنى. لأن الحرف – كما قال سارتر – “هو الفعل الأخير للحرية في وجه العبث.” أكتب لأن الحروف منحتني هويةً حين غابت الهويات، ولأن الصحافة علّمتني أن الكلمة موقف، وأن الصمت خيانة. أكتب كي أرى العالم بعينٍ أصدق من البصر، وأصافح الحياة دون قفازات الخوف. فالكتابة بالنسبة لي ليست وسيلةً للبقاء فحسب، بل طريقةٌ لأعيد صياغة الوجود كما أراه… لا كما يُملى عليّ .



#عماد_الطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حمورابي… رز ولحم بطعم الحضارة
- ارتجافة الحب الاول
- الشهادة بين الرصانة والابتذال العلمي
- المستشفيات الأهلية وشرف المهنة
- مهرجانات للتهريج
- سقوط الذائقة الفنية في الفن المسرحي والتلفزيوني
- لماذا نجحت المرأة الامية وفشلت المرأة العصرية ؟!!
- لاتظلموا
- حب في مدار الزمن
- ردهات الطوارئ.. المريض بين الإهمال والديكور الطبي
- الطالب والكتاب .. خصومة مع الحياة
- القائمة الحمراء تطيح بالجامعات العراقية
- أبو صابر المسكين على موائد الطهاة
- جامعة للبيع .. والرصانة في إجازة !
- ارتباك الإدارة العراقية بين تعليمات الوزارات وغياب الثوابت
- وأد الإبداع في المدارس العراقية
- ضمير المهنة وشرف الكلمة
- الوعود الزائفة… تجارة المواسم الانتخابية
- رماد الذاكرة
- قراءة نقدية في نص - رمزية العشق -


المزيد.....




- ترحيل الأفغان من إيران.. ماذا تقول الأرقام والرواية الرسمية؟ ...
- الإعلام الغربي وحرب الرواية بغزة: كيف كسرت مشاهد الإبادة الس ...
- أطروحة دكتوراة عن أدب سناء الشعلان في جامعة الأزهر المصريّة
- يوروفيجن تحت الحصار.. حين تسهم الموسيقى في عزلة إسرائيل
- موجة أفلام عيد الميلاد الأميركية.. رحلة سينمائية عمرها 125 ع ...
- فلسطينية ضمن قائمة أفضل 50 معلمًا على مستوى العالم.. تعرف عل ...
- أفلام الرسوم المتحركة في 2025.. عندما لم تعد الحكايات للأطفا ...
- العرض المسرحي “قبل الشمس”
- اكتمال معجم الدوحة التاريخي للغة العربية.. احتفال باللغة وال ...
- المدير التنفيذي لمعجم الدوحة: رحلة بناء ذاكرة الأمة الفكرية ...


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد الطيب - أكتب كي احيا