أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد الطيب - رماد الذاكرة














المزيد.....

رماد الذاكرة


عماد الطيب
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8488 - 2025 / 10 / 7 - 20:57
المحور: الادب والفن
    


( حين تكتشف أن الزمان ليس زمانك.. وأن المكان ليس مكانك.. والإحساس ليس إحساسك.. وأن الاشياء حولك لم تعد تشبهك.. وأن مدن أحلامك ما عادت تتسع لك.. عندها.. لا تتردد.. وأرحل بلا صوت) .
ثمة لحظة يصل فيها الحب إلى نهايته بصمت، كما تنطفئ شمعة في غرفة لا يسكنها أحد. كنتُ أظن أن الحب لا يموت، لكنه فعلًا يحترق ببطء، حتى لا يبقى منه سوى رماد تذروه الرياح. لا وجع بعد الاحتراق، بل سكون غريب، كأن القلب أنهى معركته الطويلة وقرر أن يستريح.
خيالكِ الذي كان يرافقني كظلٍّ لا يفارقني، تلاشى ذات يوم عاصف، وكأن الريح قررت أن تمنحني حرية لم أطلبها. صورتك التي كانت تسكن زوايا الذاكرة بهتت مع الزمن، ومسحت الأيام ألوانها كما تمسح الموجة آثار الأقدام على الرمل. لا ملامح لكِ الآن، لا صوت، لا دفء.. فقط فراغ لا يحمل وجعًا ولا حنينًا.
ما عدتُ أبالي بكِ ولا بذكرياتك، ولا بتلك الرسائل التي كانت يومًا نبضًا من نور. اكتشفت أن بعض الأحاسيس تشبه العطر القديم، تبقى رائحته في الذاكرة، لكنها لا تعود كما كانت. وما أكتبه اليوم ليس عنك، بل عن شطحات خيالٍ تتمرد على صمت الواقع، عن رمادٍ كان يومًا نارًا، وعن قلبٍ تعلّم أخيرًا أن يعيش بلا انتظار.
أحيانًا لا نكتب عن الأشخاص الذين رحلوا، بل عن أنفسنا التي تغيّرت بعدهم. نكتب لنقول إننا تجاوزنا الحنين، وإن الحب الذي كان يسكننا صار قصة تُروى لا تُعاش. ربما الحب لا ينتهي تمامًا، لكنه يتحول إلى درس، إلى ذكرى تهمس لنا ، حتى الرماد كان يومًا وهجًا من نار.
الماضي لا يعنيني بشيء، ولا حتى حاضرك الذي تركته للأيام تعبث به كما تشاء. لم أعد أبحث عنك في الوجوه ولا أفتش عن ظلك في الممرات القديمة، فقد اختفى في أحلك الليالي ولم يعد له وجود. كأنك لم تمر في حياتي يومًا، أو كأن حضورك كان وهماً صنعته رغبتي في أن أصدق أن الحب يمكن أن يخلّد نفسه.
تعلمت أن الغياب ليس موتًا، بل ميلاد جديد لذاتٍ أنهكتها العاطفة. كنتَ ذات يوم طيفًا من دفء، واليوم صرتَ فراغًا منسيًا بين السطور. لم أعد أنتظر رسالة منك ولا نظرة تبرر الرحيل، لأن ما انكسر في قلبي لا يجبره اللقاء.
أصبحتُ أعيش في مساحة من الصفاء، لا يشوبها الحنين ولا يعكرها السؤال. كل شيء مضى، وكل ما تبقى هو أنا.. أكثر قوة، أكثر نضجًا، أكتب لأحرق ما تبقى من بقايا الذاكرة.
الحب الذي ظننته أبديًا كان عابرًا، والوجع الذي صدقته خالدًا تلاشى كغيمة في صباح صيفي. والآن، حين أكتب، لا أكتب عنك، بل عني.. عن رجل نجا من حريق الذكرى، وخرج من الرماد بكامل الضوء.
لقد انتهت الحكاية، ولم يبقَ منها سوى درس واحد: أن من يرحل لا يأخذ منا شيئًا، بل يتركنا نكتشف كم كنا نستحق البقاء لأنفسنا.



#عماد_الطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة نقدية في نص - رمزية العشق -
- أنا .. وأنتِ
- حين يخبو مصباح العمر
- كيف تصنع صحفيا ماهرا ..؟ !!
- خالد النبل والاخلاق
- تاريخ التحقيق الصحفي في العراق وكتابه .. النشأة والتطور
- ملاذ الأمين .. بين وهج الحرف وصدق الميدان
- قراءة
- شيخوخة
- ثلاثة أحلام ...
- ضفاف براءة وجسور محبة
- القطيعة بين الروح والجسد
- ياحاضرة الغياب ..
- سعد مبارك.. فنان العصور وبوصلة الذاكرة الجمالية
- حين يبكي الجبل ..!!
- مؤتمرات
- لماذا احبك ِ
- حين أقول أحبك
- عبث البقاء
- أين أنت ...؟!!


المزيد.....




- فولتير: الفيلسوف الساخر الذي فضح الاستبداد
- دموع هند رجب تُضيء مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ46
- توقيع الكتاب تسوّل فاضح!
- فيثاغورس… حين يصغي العقل إلى الموسيقى السرّية للكون
- العلماء العرب المعاصرون ومآل مكتباتهم.. قراءة في كتاب أحمد ا ...
- -رواية الإمام- بين المرجعي والتخييلي وأنسنة الفلسطيني
- المخرج طارق صالح - حبّ مصر الذي تحوّل إلى سينما بثمن باهظ
- -إنّما يُجنى الهدى من صُحبة الخِلّ الأمين-.. الصداقة الافترا ...
- مؤسس -هاغينغ فيس-: نحن في فقاعة النماذج اللغوية لا الذكاء ال ...
- مسرحية -عيشة ومش عيشة-: قراءة أنثروبولوجية في اليومي الاجتما ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد الطيب - رماد الذاكرة