أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عماد الطيب - كيف تصنع صحفيا ماهرا ..؟ !!















المزيد.....

كيف تصنع صحفيا ماهرا ..؟ !!


عماد الطيب
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8460 - 2025 / 9 / 9 - 14:33
المحور: الصحافة والاعلام
    


اذا كانت الصحافة ، كما يصفها البعض ، هي مهنة المتاعب ، ومهنة البحث عن الحقيقة . تجعل من الصحفي يعيش هاجس الترقب ، والتوقع ، والانتظار ، والمصاعب التي تعيق اداء واجبه الصحفي . وتصل في بعض الاحايين الى الوقوع في المشاكل ، والقضايا . والتعرض الى نوع من الارهاب الذي يصل حد القتل كما يحدث في بعض مناطق العالم ومنها العراق وغيره من الدول التي تشهد عدم استقرار امني .
ورغم تلك المتاعب الا انه توجد متاعب من نوع آخر يواجهها الصحفي في عمله تتمثل في صراعه المستمر نحو الحصول على المعلومة والوصول الى مكان الحدث بسرعة يصارع فيها الوقت وكسبه لصالحه . ومشكلة الوصول الى المعلومة من اكبر كوابيس الصحفي اثناء تأديته لواجبه . فقد يجد الصحفي ابواب المعلومة مغلقة في وجهه بحجج واهية لا تمت بصلة الى القانون او غيره . وقد يواجه الصحفي في وجهه صيحات المنع بالتصريح مثل ( غير مخول بالتصريحات للصحافة ) وغيرها من العبارات العقيمة الرادعة لكل فكرة صحفية .
وعادة ان الصحافة في بلداننا كما تؤشر معظم التجارب ، ان بعض القائمين على الصحف لا يعيرون اهمية كبيرة للتحقيقات الصحفية . ولا يوجد وقت يسمى التفرغ للتحقيق الصحفي . اذ ان بعض التحقيقات بحاجة الى تفرغ تام لإتمامها . ولكن هذا الجدول غير موجود في اجندة الصحف . وقد يكون مخالف لسياسة الصحفية التي تريد التحضير للطبع بإملاء صفحاتها بالوقت المناسب بسبب الاحداث المتسارعة وهموم الانتهاء من اعداد وطبع الصحيفة . مما ينتج تحقيقات صحفية خالية من المواصفات الفنية . وهذا يشير الى ان معظم صحفنا غير معدة جيدا لانتاج تحقيقات صحفية .
وتجسدت تلك الحالة في صحفنا العراقية بعد عام 2003 . فعلى الرغم من الاعداد الكبيرة من الصحف التي صدرت في تلك الفترة فأن اغلبها لاتحمل بين صفحاتها تحقيقات بالمعنى المهني وانما ( تقارير صحفية ) اطلقت عليها تحقيقات لضعف مهنية القائمين على الصحيفة . الا النزر القليل من تلك الصحف وخاصة الكبيرة منها التي ظلت محافظة على مهنيتها صامدة بوجه الصعوبات .
ان بعض الصحفيين من ذوي الخبرة القليلة يواجه مشكلة تتمثل في جهله بالموضوعات التي يقوم بالتحقيق عنها ولايعرف الا القليل منها مما يضع نفسه بدوامة من الفوضى . وافضل وسيلة لبداية جديدة اعتماد مبدأ التخطيط قبل البت بعمل اي التحقيق بالتحري عنه وجمع المعلومات اللازمة . واعداد الاسئلة قبل لقاءه بشخصيات موضوع التحقيق . والصحفي الناجح هو من يمتلك صفات تساعده في الكشف عن الحقائق والوصول الى استنتاج قائم على الحقائق ، تتمثل بالمثابرة والذكاء والاستقامة . وان يكون امينا مع نفسه ومع الاخرين في الوقت نفسه . كما عليه المعرفة بالأشخاص . اي القدرة على فهم الدوافع وان يكون لديه مهارة اقناع الناس بأن يثقوا فيه . ولكي ينجح الصحفي في مهمته عليه ان يتعلم مهارة الرصد وتعقب الاثر الذي يقوده الى نتائج ناجحة. و يتمعن بالقضية ويحللها ويفسرها بغية الخروج بالاستنتاجات . لاسيما ان الاستنتاجات تعد مهمة شاقة خاصة للصحفيين المبدئين الذين يفتقرون للخبرة فيكتفون بالحقائق المعروضة .
ولابد هنا ان نؤكد على تأهيل المحقق الصحفي تأهيلاً مهنياً وحرفياً جيداً لأدواته من ثقافة واسعة ، وفهم عميق للواقع من قبله، ومعرفة دقيقة بالأسس والإمكانيـات والآفـاق المتاحـة، وإدراك لاتجاهـات الجمهور إزاء العديد من القضايا، والتعرف على مزاجه، ومستوى وعيه، ونفسيته، وأفكـاره، وقناعاته الحالية والسابقة ومشاركة المحرر في الحياة العامة بشكل فاعل وواضـح، وإلمامـه بسياسة الصحيفة التي يعمل لديها تجاه مختلف الأحداث والظواهر، والتطورات. وقدرته علـى التلاؤم مع مختلف البيئات والمستويات.
ويأتي هذا التأهيل على ايادي صحفيين محترفين ينقلون خبراتهم للصحفيين الجدد والافادة منها بشكل كبير .. يقول الكاتب الصحفي " ملاذ الامين "عن تجربته الاولى في عالم الصحافة انه " استمد خبرته من خلال دورات مكثفة تنظمها نقابة الصحفيين للصحفيين الجدد في الاعوام ١٩٧٧ و١٩٧٨ و١٩٧٩ والاعوام اللاحقة باعتباره صحفي مستجد آنذاك مع زملاء المهنة القدامى . تعلم كثيرا عن أسرار مهنة المتاعب . فكانت الدورات في اللغة العربية وفي كتابة الخبر وفن اجراء الحوار والتحقيق الصحفي وفن الالقاء والتصوير. مؤكدا ان غالبية تلك المحاضرات في هذه الدورات يحاضر فيها صحفيين قدامى عملوا في الصحافة العراقية خلال فترة الخمسينات والستينات ومنهم من تبوأ مراكز مهمة في المؤسسات الاعلامية مثل الصحفي المرحوم يحيى زكي والصحفي المرحوم لطفي الخياط وغيرهم مع استقدام اساتذة صحافة من مصر و ألمانيا ومن وكالات انباء عالمية. وكانت تلك الفترة لاتوجد دراسة أكاديمية للصحافة. فكان الصحفي يمر بمرحلة اعداد حازمة وطويلة وشاقة قبل كتابته اول حرف في المجلة او الجريدة. فهم يتعمدون للراغب من الشباب في العمل في جريدة معينة ان يمضي شهرا في المكتبة او ارشيف الصحيفة ليطلع على الأخبار في الصحيفة بقية الصحف وكيفية تناولها للاخبار والاحداث . فتزداد ثقافته جراء هذا العمل ويتعلم جيدا اسماء الدول وعواصمها وحدودها وعدد سكانها والأنظمة التي تحكمها و اقتصادياتها وتاريخها الحضاري . وبعد الشهر من ذلك يتم امتحانه من قبل مدير التحرير لينتقل الى مرحلة ثانية وهي مرحلة مرافقة المندوب الذي يجلب الأخبار من مصادرها ويتعرف عن كثب على اتكيت المقابلات وكيفية استقاء المعلومات واعدادها كخبر او تقرير . وبعد شهر أو أكثر من هذا التمرين لكي ينجح في كتابة اول خبر يوافق عليه مدير التحرير . ثم يباشر بعمله ولكن تحت المراقبة مع استمرار التعلم خصوصا في مجال اللغة وأسلوب تناول الخبر . وكتابة الخبر والاحتراف به تكشف عن مواهب لدى الصحفيين الجدد فمنهم من ينجح في كتابة المقال ، وآخر ينجح في التحليلات السياسية، وغيره في المقابلات. وقليل منهم من يخوض غمار التحقيقات الصحفية التي تعد قمة الفنون الصحفية لأنها تعتمد على أداء خاص وفراسة وثقافة عالية الى جانب الصبر والحس الأمني والظفر بأعجاب المتلقي .
ويتابع الامين حديثه " ان اساتذة الصحافة آنذاك هم من الصحفيين الكبار الذين كانوا يبذلون جهدهم في نقل المعلومات والتجارب و الخبرات لنا ويستغلون لهفة الصحفيين الجدد لإدراج اسمائهم في بداية الخبر أو التحقيق . فيحاولون بث الرغبة والتقويم فيهم بغية انتهاج اسلوب صحيح في الكتابة. فكان اسلوب المرحوم لطفي الخياط الذي كان يشغل مدير تحرير جريدة الجمهورية عام ١٩٧٦ في اجبار الصحفي على كتابة مقال عن واقعة اجتماعية معينة فكان بجلس الصحفي أمامه ليسأله عن معاني الجمل التي كتبها وهدفه . فيقوم بتصحيح الكلمات والعبارات ويختار بدائل عنها . وحينها كانت ورق الصحفي المستجد تمتلأ بالإشارات الحمراء ويأمره بأعاده كتابتها لتنشر باسمه . وهكذا تعلمنا من الجيل القديم في الصحافة تجربة ثرة في الصحافة حددت مسارنا بقوة ."
ويعود الصحفي الكبير ملاذ الامين بعد خبرة قاربت الخمسين عاما الى تأشير مشاكل وعيوب بعض الصحفيين الجدد الذين يخوضون مهمة التحقيق الصحفي .. منها :" ان نقاط الضعف الشائعة في كتابة التحقيق الصحفي تتلخص في ضعف اللغة وعدم التخطيط لأداره التحقيق واستنتاج الهدف الذي من اجله يكتب التحقيق الصحفي . وهذا الامر يبدأ من اختيار الموضوع – ويجب ان تكون فكرة الموضوع مشكلة تشغل بال المتابعين – ووضع خارطة طريق لتسليط الضوء عن المشكلة والحصول على تصريحات من مسؤولين قريبين ومعنيين بالمشكلة ومن جميع الاطراف . وتوثيق ذلك بصور واستنساخ للوثائق ان وجدت لتعزيز مصداقية المادة. وان بعض ما يكتب في الصحف ،لايرقى لان يكون تحقيقا صحفيا ،يمكن ان يكون تقريرا ،فالتحقيق الصحفي يجب ان يبرز المشكلة موضوعة البحث من خلال وجهة نظر – ضد ،مع، محايد- وبالتالي ابراز الرأي العلمي الاكاديمي . وان كاتب التحقيقات حسب رأي " الامين" يجب ان يكون اولا كاتب اخبار جيد يلاحق الخبر والحدث وبعد ذلك ينتقل الى المرحلة الثانية الخاصة بكتابة التقارير والتحقيقات، لان صياغة الخبر تمنح الكاتب خبرة ممتازة في كتابة التحقيقات ،وقد لا نتعجب بان نرى اغلب كتاب التحقيقات الصحفية في عموم الصحف يكونون مستقبلا كتاب روايات او قريبين منهم.
واكد انه بعد 2003 ،تعرض بعض كتاب التحقيقات الى ابتزاز وتهديد من قبل جماعات متسلطة بسبب تحقيقاتهم التي تؤشر حالات فساد لجهة معينة. وهذا الامر ادى الى تغييب عدد من الاقلام البارزة .
والنصيحة التي يقدمها الصحفي ملاذ الامين وهي : على الصحفيين الجدد اولا ان يهتموا باللغة العربية لانها عماد وسيلة الاتصال ،فبدون لغة رصينة ملتزمة بالقواعد لايمكن ان تكون مادة تقرا.
وعلى الزملاء الجدد الاستفادة من الزملاء الاقدم منهم ودراسة التحقيقات السابقة والحالية وحبذا لو تم الاطلاع على التحقيقات التي تكتب في الصحف الكويتية والاماراتية واللبنانية والمصرية ، للاستفادة من طريقة اجراء التحقيق والجهات المقصودة وطريقة تناول المشكلة. .
وعليهم ( اي الصحفيين الجدد ) اعداد افكار تجريبية لعدد من التحقيقات التي يرغبون بتنفيذها . وثم كتابتها على الورق وتقديمها الى رئيس القسم لتقييمها قبل اجراء التحقيق بشكل عملي وكتابته وتقديمه الى رئيس القسم لتقيمه .مؤكدا ان طريق النجاح يحتاج الى محاولات كثيرة ،والمحاولات الفاشلة بالاصرار والتحدي تتحول الى نجاح ."



#عماد_الطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خالد النبل والاخلاق
- تاريخ التحقيق الصحفي في العراق وكتابه .. النشأة والتطور
- ملاذ الأمين .. بين وهج الحرف وصدق الميدان
- قراءة
- شيخوخة
- ثلاثة أحلام ...
- ضفاف براءة وجسور محبة
- القطيعة بين الروح والجسد
- ياحاضرة الغياب ..
- سعد مبارك.. فنان العصور وبوصلة الذاكرة الجمالية
- حين يبكي الجبل ..!!
- مؤتمرات
- لماذا احبك ِ
- حين أقول أحبك
- عبث البقاء
- أين أنت ...؟!!
- صوتك اغنية عشقية
- سطر على هامش التاريخ
- أيها المسافر... ارجع
- حين اُحب ... !!!


المزيد.....




- خبير عسكري يتحدث لـCNN عن خيارات قطر للرد على إسرائيل
- مسؤول إسرائيلي: تم إبلاغ أمريكا قبل الهجوم على حماس في قطر
- السفارة الأمريكية في قطر تصدر توجيهًا لرعاياها بعد انفجار با ...
- شاهد كيف وصف منتج في CNN لحظة القصف الإسرائيلي في قطر
- الأردن: الاعتداء الإسرائيلي في قطر يدفع المنطقة نحو مزيد من ...
- الجيش الإسرائيلي يطلق على هجوم الدوحة اسم -قمة النار-.. ونتن ...
- ما الخيارات المتاحة أمام قطر بعد استهداف إسرائيل لقيادات حما ...
- عبدالله بن زايد وأنور قرقاش يُعلّقان على الهجوم الإسرائيلي ف ...
- إيران تعلق على الهجوم الإسرائيلي ضد وفد حماس في قطر
- إثيوبيا تفتتح سد النهضة بعد 14 عاماً، ومصر ترد


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عماد الطيب - كيف تصنع صحفيا ماهرا ..؟ !!