أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد الطيب - القطيعة بين الروح والجسد














المزيد.....

القطيعة بين الروح والجسد


عماد الطيب
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8421 - 2025 / 8 / 1 - 10:24
المحور: الادب والفن
    


دون مقدمات...
انفكَّ عني الحبل السري الذي يربطني بكل شيء احببته ومنحته ولائي... فانقطعت صلتي بالرحم كما تنفصل الموجة عن البحر،
لا رجعة ولا التفات.
مثلما كانت القطيعة الوجودية الأولى،
حين خُطَّ لي طريق آخر . هذا الحبل كان لُحمةٍ معنوية وعاطفية،
بل شريان ذاكرةٍ ، انفصل،
لكنه ترك في داخلي شعورًا أبديًا بالحنين
إلى مكان لم أعد قادرا أن أعود إليه.
هكذا استفيق على رسالة كأنها صفعة الزمن،
تخبرك بأنك قد بلغت الستين من عمرك،
وأن معاملة التقاعد تمضي في طريقها بلا رجعة،
وما عليك إلا أن تراجع دائرة التقاعد لتكمل أوراق النهاية،
نهاية الرحلة، أو هكذا يظنون!
فجأة... يتحول كل شيء إلى حلمٍ ثقيل،
أو كابوسٍ بطيء يُغرقك في تفاصيله،
تردد مع نفسك: "ستون عاماً! أأنا حقاً بلغت هذا الرقم؟"
تحاول أن تتحسّس وجهك في المرآة،
فترى الملامح نفسها،
لكن الزمن خطّ على الجبين أسئلته،
وفي عينيك... بريقُ شابٍ لم ينطفئ بعد.

أي عبث هذا؟
وصرخة مدوية في داخلي
أنا ما زلت طالباً جامعياً في داخلي،
أجري خلف أحلامي كأنني أراها تلوّح لي من ردهات الحياة.
"لماذا هذا التشبث بعمر الشباب؟" تسأل نفسك،
فتهمس لك روحك: لأن النمو لا يُقاس بعدد السنين،
بل بعدد الأحلام التي ما زلت تركض وراءها.

دخلت دائرة التقاعد،
فرأيت الجدران تتهامس بخيبة الأمل،
والكراسي تئن تحت أوجاع الكهولة،
رأيت من سبقوك، أكل الزمن من أرواحهم،
فتخيلت نفسي واحداً منهم...
يا للهول! أي مرآة هذه التي تُريك ملامح غير التي تعرفها؟
حتى حين ألقيت كلمتي الأخيرة في حفل الوداع،
قلت لهم: "أنا لم أُنهِ رحلتي، بل أبدأ فصلاً جديداً،
ما زلت في قمة العطاء، في قمة الشغف،
ولديّ خططٌ ومشاريع لم تولد بعد،
لكن القانون لا يعترف بالشغف،
بل بعدد الأيام التي عبرتها في دفتر الدوام."
يا الله...
أي حكمٍ هذا الذي يجعل التقاعد أشبه بحكم إعدام معنوي؟
كيف أُقنع قلبي أن يجلس في البيت،
أن لا ينهض باكراً نحو الحلم؟
كيف أقول لعقلي: "كفّ عن التخطيط!"؟
وقد قال الحكيم كونفوشيوس:
"اختر عملاً تحبّه، ولن تضطر للعمل يوماً في حياتك"
لكنهم لم يتركوني أختار... بل اختاروا لي الرحيل.
أما المتنبي فقد صرخ قبل قرون:
إذا غامرتَ في شرفٍ مرومِ
فلا تقنعْ بما دونَ النجومِ
وها أنا ما زلت أروم النجوم،
أرفض أن أكون كهلاً في وطنٍ يدفن الطاقات باكراً،
أرفض أن أعلّق روحي على مشجب الذكريات،
وأقول كما قال الشاعر:
ما دمتُ أحيا فالرجاءُ رفيقي
والعزمُ زادي والنجاحُ طريقي
فالتقاعد ليس موتاً، بل لحظة إعادة تعريف.
قد أكون غادرت المؤسسة،
لكنني لم أغادر ذاتي،
ولا الحلم،
ولا الحياة.
ويبقى ذلك الحبل السري الذي يربطني بأحلامي بقوة لا ينفك ابدا ..!!



#عماد_الطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ياحاضرة الغياب ..
- سعد مبارك.. فنان العصور وبوصلة الذاكرة الجمالية
- حين يبكي الجبل ..!!
- مؤتمرات
- لماذا احبك ِ
- حين أقول أحبك
- عبث البقاء
- أين أنت ...؟!!
- صوتك اغنية عشقية
- سطر على هامش التاريخ
- أيها المسافر... ارجع
- حين اُحب ... !!!
- قدري أن لا أراكِ
- تجلى هلال العيد ووجهك غائب عني
- السينما العالمية .. بين العنف والرسالة الإنسانية
- يبقى الوضع كما هو عليه
- كليات ميتة... أزمة التعليم العالي بين الواقع وسوق العمل
- النسق الشعري في ديوان -محُتلة القلب- للشاعر فاضل كاظم البكري
- منى الطريحي ثنائية الحب والالم
- نخلة عراقية .. سعاد البياتي صحفية الزمن الجميل


المزيد.....




- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...
- صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
- الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها
- لحظة الانفجار ومقتل شخص خلال حفل محمد رمضان والفنان المصري ي ...
- بعد اتهامات نائب برلماني للفنان التونسي بالتطبيع.. فتحي بن ع ...
- صحف عالمية: إنزال المساعدات جوا مسرحية هزلية وماذا تبقّى من ...
- محللون إسرائيليون: فشلنا بمعركة الرواية وتسونامي قد يجرفنا
- فيديو يوثق اعتداء على فنان سوري.. قصوا شعره وكتبوا على وجهه ...
- فيديو.. تفاصيل -انفجار- حفلة الفنان محمد رمضان
- جواسيس ولغة.. كيف تعيد إسرائيل بناء -الثقافة المخابراتية-؟


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد الطيب - القطيعة بين الروح والجسد