عماد الطيب
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 8367 - 2025 / 6 / 8 - 23:16
المحور:
الادب والفن
في الليالي التي يُفترض أن تكون أكثر بهجة، عندما يُعلن الهلال عن قدوم العيد وتضاء القلوب قبل البيوت، يفتقد البعضُ تلك الفرحة الصافية التي عهدوها. فالعيد، رغم زينته وأناشيده وضجيجه المبهج، يمكن أن يأتي حاملاً في طياته غصةً لا تُمحى. هكذا شعرت حين رأيت هلال العيد يتجلى في السماء، بينما وجهك غائب عني.
العيد ليس فقط مناسبة دينية، بل هو لحظة إنسانية خالصة، تكتمل بحضور من نحب. فكيف لقلب أن يفرح وقد غاب عنه من كان نوره وسر سعادته؟! إنّ غياب الأحبة في مواسم الفرح يترك فراغًا لا يملأه ضوء، مهما سطع الهلال، ولا يخففه صوت، مهما علت التهاني.
في كل زاوية من زوايا العيد، كنت أبحث عنك. في فنجان القهوة الصباحي، في رائحة العطور، في تكبيرات الفجر، وفي أعين الناس التي تلمع باللقاء. لم أجدك. كنت هناك في الذاكرة فقط، تلوح في خيالي كما يلوح الهلال في السماء، بعيدًا، جميلاً، لكنه لا يُطال.
ما أقسى أن يأتي العيد والحنين هو الضيف الأول، أن تفتح بابك على صوت الذكريات بدل صوت الأحبة. أن ترتب المائدة وتُبقي كرسيًا شاغرًا، كأنك لا تزال تأمل أن يعود من رحل، أو على الأقل، أن تستعيده لحظةً بينك وبين نفسك.
لكن رغم هذا الغياب، يبقى العيد مساحة نلملم فيها أنفسنا. نغسل قلوبنا بالدمع إن لزم، ونعانق الغياب بالكلمات، ونتلو على أرواحنا المنكسرة آيات الصبر. فالعيد وإن خلا من وجه من نحب، لا يخلو من الدعاء لهم، ولا من الأمل بأن نلتقيهم يومًا، في دارٍ لا فراق فيها.
"تجلى هلال العيد ووجهك غائب عني" ليست مجرد عبارة، بل هي صدى شعور عميق يسكن كل من فقد عزيزًا. ولعل أعظم ما نملكه حين تغيب الوجوه الغالية، هو أن نمنحهم حضورًا في قلوبنا لا يغيب، وأن نجعل من ذكراهم عيدًا صغيرًا في كل لحظة حنين.
#عماد_الطيب (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟