عماد الطيب
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 8405 - 2025 / 7 / 16 - 07:56
المحور:
الادب والفن
في زمن تتكاثر فيه الأعمال الفنية التقليدية وتتناسل فيه المحاكاة السطحية للتراث، يبرز الفنان سعد مبارك كحالة فنية فريدة، تستمد روحها من عمق الموروث الحلي، لا لتكرره، بل لتعيد تأويله بلغة بصرية معاصرة تنبض بالهوية وتتنفس من رئة الأصالة.
على مدى قرابة خمسة عشر عاماً، ظل سعد مبارك يغوص في تفاصيل التراث الحلي، يلتقط ما فيه من رموز، أشكال، نقوش، وملامح حضارية، ليعيد صوغها بمنظور حديث يحمل نَفَس النحات القديم ورؤية الفنان المعاصر. لم يكن التراث بالنسبة له مجرد مخزن للماضي، بل كان حلمًا فنيًا يتجدد، مشروعًا جمالياً يعانق الحاضر ولا يقطعه عن جذوره.
ما يميز أعمال سعد مبارك ليس فقط استلهامه من التراث، بل اللمسة الفريدة التي يحملها كل عمل من أعماله، تلك اللمسة التي لا تُخطئها عين المتلقي، وتدل على حضور فنان يفكر ويشعر ويُبدع خارج القوالب الجاهزة. فهو لا يكرر، بل يُحوّر، لا ينقل، بل يبتكر من عمق الأثر.
في زمنٍ تغرق فيه الأسواق بأعمال تقليدية مكررة، تتشابه حتى تكاد تفقد معناها، تأتي قطع سعد الفنية كأنها نُتوءات نادرة في جسد النمطية، تخرق السائد وتمنح المتلقي فسحة للتأمل والتساؤل والانبهار. لوحاته ومنحوتاته لا تقول فقط "هكذا كان التراث"، بل تهمس: "هكذا يمكن أن نحاكيه ونحياه من جديد".
إن أعمال سعد مبارك هي جسر بصري بين الماضي والمستقبل، تحمل على أكتافها عبق التاريخ وتقدمه في شكل حديث، يجمع بين الرمز والأسطورة، وبين الصنعة الدقيقة والرؤية الحداثية. فهو الفنان الذي لم يكتفِ بأن يكون ناقلاً، بل صار مرممًا للذاكرة، ومُجدِّدًا للصياغة، ونحّاتًا للهوية.
هكذا، يمكن القول إن سعد مبارك لا يصنع أعمالًا فنية فقط، بل ينقش حضورًا في ذاكرة الفن العراقي والعربي، ويخط مسيرته الخاصة كـ"فنان العصور"، الذي يستقي من الماضي، ويحاكيه، ليعيد إنتاجه كفن خالد، نابض بالحياة، لا يموت.
#عماد_الطيب (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟