أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عماد الطيب - لماذا نجحت المرأة الامية وفشلت المرأة العصرية ؟!!














المزيد.....

لماذا نجحت المرأة الامية وفشلت المرأة العصرية ؟!!


عماد الطيب
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8516 - 2025 / 11 / 4 - 05:23
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


في زمن مضى، لم تكن المرأة تعرف القراءة ولا الكتابة، لكنها كانت تقرأ الحياة بعينيها وتكتب تاريخ الأسرة بيديها. كانت أمية الحروف، لكنها عالمة بالفطرة، تفهم الرجل من صمته، وتربي أبناءها على الاحترام والمسؤولية من دون أن تقرأ في علم النفس أو التربية. كانت مدرسة صامتة، ولكنها أخرجت أجيالاً قادرة على مواجهة الحياة بصلابة وبساطة ورضا.
المرأة الأمية في الماضي نجحت في بناء أسرة متماسكة لأنها امتلكت ثلاثة عناصر جوهرية: القناعة، والالتزام، والحكمة الفطرية. كانت تؤمن بأن الأسرة مسؤولية مشتركة، وأن الزواج ميثاق مقدّس لا صفقة عابرة. لم تكن تطارد الكمال، بل كانت تصنعه من النقص، وتحول الفقر إلى غنى بالمودة، والتعب إلى سعادة بالرضا. كانت تقيس نجاحها بعدد الابتسامات في بيتها لا بعدد المتابعين على شاشتها.
أما المرأة العصرية اليوم، فهي متعلّمة، مثقفة، قوية الحضور، لكنها تعيش وسط ضجيج الحداثة وتناقضات العصر. أصبحت الأسرة في كثير من الحالات ساحة صراع أدوار لا ميدان تكامل. الانفتاح على العالم أضاف وعياً، لكنه أيضاً أضاف ضغوطاً وتوقعات غير واقعية. المرأة الحديثة تُحاصر بمعايير مثالية: أن تكون ناجحة في عملها، جميلة في مظهرها، حاضرة في بيتها، متوازنة في كل شيء، وكأنها مطالبة أن تكون نسخة خارقة من الإنسان، لا امرأة من لحم ودم.
لقد تغيّر الإطار الاجتماعي والقيمي للأسرة. لم تعد الطاعة مفهوماً محبباً، ولا التضحية قيمة ثابتة. تراجعت فكرة "نحن" لتحل محلها "أنا"، فانهارت جسور كثيرة كانت تربط القلوب قبل العقول.
ومع ذلك، لا يمكننا القول إن المرأة العصرية فشلت بالمطلق، بل تعثّرت تحت وطأة التحوّلات. نجاحها يحتاج إلى إعادة تعريف لمفهوم الحرية والشراكة، وإلى توازن بين ما تعلّمته من الكتب وما يجب أن تتعلمه من الحياة.
فالمرأة الأمية نجحت لأنها عاشت في زمن كان البيت محور الوجود، بينما المرأة العصرية تعيش في زمن أصبح العالم كله بيتاً كبيراً، لكنه بلا جدران تحفظ الدفء.
كانت الأمية في الماضي تشعل قنديل الحب بزيت الصبر، وتخيط جراح الأيام بخيوط الدعاء، فتظل الأسرة متماسكة كعقدٍ من الودّ لا تنفرط حباته. أما المرأة العصرية، فتمسك بيدها شعلة العلم، لكنها أحياناً تنسى أن الدفء لا يأتي من الضوء وحده، بل من القلب الذي يحسن إشعاله.
الزمن تغيّر، والبيوت تغيّرت، لكن سرّ التماسك لم يتبدّل: امرأة تعرف متى تصمت بحكمة، ومتى تتكلم بحب، ومتى تحنو كالأم، ومتى تقف كالركيزة.
فليست الأميّة هي الجهل، ولا الحداثة هي الوعي… إنما الوعي الحقيقي أن تعرف المرأة أن العلم بلا رحمة، والحرية بلا محبة، كلاهما لا يبني بيتاً، بل يهدم سقفاً فوق القلوب.



#عماد_الطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لاتظلموا
- حب في مدار الزمن
- ردهات الطوارئ.. المريض بين الإهمال والديكور الطبي
- الطالب والكتاب .. خصومة مع الحياة
- القائمة الحمراء تطيح بالجامعات العراقية
- أبو صابر المسكين على موائد الطهاة
- جامعة للبيع .. والرصانة في إجازة !
- ارتباك الإدارة العراقية بين تعليمات الوزارات وغياب الثوابت
- وأد الإبداع في المدارس العراقية
- ضمير المهنة وشرف الكلمة
- الوعود الزائفة… تجارة المواسم الانتخابية
- رماد الذاكرة
- قراءة نقدية في نص - رمزية العشق -
- أنا .. وأنتِ
- حين يخبو مصباح العمر
- كيف تصنع صحفيا ماهرا ..؟ !!
- خالد النبل والاخلاق
- تاريخ التحقيق الصحفي في العراق وكتابه .. النشأة والتطور
- ملاذ الأمين .. بين وهج الحرف وصدق الميدان
- قراءة


المزيد.....




- استشهاد 30 امرأة بمسيرة استهدفت تجمع عزاء شرق الأبيض بالسودا ...
- جدل حول صورة المدينة: ما مدى أمان النساء في ألمانيا؟
- السودان ـ الجنائية الدولية تحقق في تقارير عن قتل جماعي واغتص ...
- دراسة: النساء في المناصب القيادية -أصعب- في التعامل مع بنات ...
- ألمانيا ـ ما سبب عزوف النساء عن تولِّي المناصب القيادية؟
- تقرير بحثي يُوثق 495 جريمة عنف ضد النساء في مصر خلال النصف ا ...
- قراءة في الإعلان السياسي للقمة العالمية الثانية للتنمية الاج ...
- السلطات اللبنانية تقبض على مُغتصب وقاتل طفلة بلدة “الناعمة” ...
- اغتصاب 3 صحفيات وفقدان 13 صحفياً/ـة في الفاشر بولاية شمال دا ...
- المؤبد للاعب هوكي مصري أُدين بقتل زوجته البريطانية


المزيد.....

- الحقو ق و المساواة و تمكين النساء و الفتيات في العرا ق / نادية محمود
- المرأة والفلسفة.. هل منعت المجتمعات الذكورية عبر تاريخها الن ... / رسلان جادالله عامر
- كتاب تطور المرأة السودانية وخصوصيتها / تاج السر عثمان
- كراهية النساء من الجذور إلى المواجهة: استكشاف شامل للسياقات، ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عماد الطيب - لماذا نجحت المرأة الامية وفشلت المرأة العصرية ؟!!