أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عماد الطيب - الوعود الزائفة… تجارة المواسم الانتخابية














المزيد.....

الوعود الزائفة… تجارة المواسم الانتخابية


عماد الطيب
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8504 - 2025 / 10 / 23 - 22:30
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


مع كل دورة انتخابية، تعود ذات المسرحية الرديئة بإخراجٍ جديد وأبطالٍ قدامى لا يتبدّلون، وكأن الزمن لم يتحرك، وكأنّ وجع الناس لم يزل قائماً منذ أكثر من عقدين. يعود المرشحون بملامحٍ منمّقة وكلماتٍ منسوخة من أرشيف الكذب ذاته، يملؤون الشاشات والشوارع والشعارات بوعودٍ يعرفون هم قبل غيرهم أنها لن تتحقق.
يتقنون فنّ الخداع، يلبسون عباءة الإصلاح ويتحدثون بلغة المعاناة، وكأنهم لم يكونوا جزءاً من الخراب الذي أوصل البلاد إلى ما هي عليه. يظهرون بين الناس بابتساماتٍ مصطنعة وعباراتٍ محفوظة، يوزّعون الوعود كما تُوزّع الصدقات، ويستجدون الأصوات وكأنها غنيمة حرب. والناخب المسكين، الذي أرهقته الأزمات وتعبه العوز، يمدّ يده مرة أخرى لهم، طمعاً بفتاتٍ لا يسدّ جوعه ولا يروي عطشه للكرامة.
المفارقة المؤلمة أن بعض هؤلاء الفاسدين لا يخجلون من المجاهرة بسرقاتهم، بل يفاخرون بما نهبوه من أموال الشعب، فيما يجلس الناس أمامهم مصفقين ومهللين، كأنهم أمام بطلٍ منقذ لا لصٍ في ثوب منمّق. تلك هي قمة الإسفاف والعمى الروحي الذي نعيشه؛ حين يفقد المجتمع حسّه بالكرامة ويصير الخداع عادةً مألوفة.
تتكرر ذات التعهدات: فرص عمل، إسكان، إعمار، كهرباء، محاربة فساد… وتمرّ السنوات، ويبقى كل شيء على حاله، سوى ازدياد أرصدة السياسيين وتضاؤل أمل المواطنين. الوعود لا تُبنى بها الأوطان، بل تُهدم بها الثقة وتُدفن بها الأحلام.
لقد صار واضحاً أن الانتخابات لم تعد ساحة للتغيير، بل موسم تجارة للضمائر، تُشترى فيه الأصوات برغيف خبز أو بطانية أو ورقة نقدية باهتة. والنتيجة واحدة: فاسدون يعودون، وشعبٌ يزداد فقراً وضياعاً.
ما لم يستيقظ الناس من سُباتهم، ويرفضوا هذا الخداع الممنهج، سيظلّ الفاسدون يحكمون باسمهم ويثرون على حساب وجعهم. الإصلاح الحقيقي يبدأ حين يدرك المواطن أن صوته ليس سلعة، بل أمانة، وأن التغيير لا يأتي بالتصفيق للجلاد، بل بمحاسبته. فهل نفيق قبل أن نصحو على وطنٍ بلا روح، ومواطنٍ بلا كرامة؟
نقول إنّ الوعي الانتخابي اليوم لم يعد خيارًا، بل هو واجب وطني وأخلاقي. على المواطن أن يدرك أنّ صوته هو سلاحه الأخير في مواجهة الطغمة الفاسدة، وأنّ بيعه بثمنٍ بخس هو خيانة للوطن وللمستقبل. لا يجوز أن نُلدغ من الجحر ذاته في كل مرة، ولا أن نُصدّق من باعنا الوهم طيلة أكثر من اثنين وعشرين عامًا. فلنمنح أصواتنا لمن يملك ضميرًا حيًّا وسجلًّا نزيهًا، لا لمن يرفع الشعارات ويخفي تحتها خزائن الفساد. وحده الوعي قادر على كسر حلقة التكرار، ووحدها الإرادة الشعبية الصادقة يمكن أن تُعيد للوطن كرامته المسلوبة.



#عماد_الطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رماد الذاكرة
- قراءة نقدية في نص - رمزية العشق -
- أنا .. وأنتِ
- حين يخبو مصباح العمر
- كيف تصنع صحفيا ماهرا ..؟ !!
- خالد النبل والاخلاق
- تاريخ التحقيق الصحفي في العراق وكتابه .. النشأة والتطور
- ملاذ الأمين .. بين وهج الحرف وصدق الميدان
- قراءة
- شيخوخة
- ثلاثة أحلام ...
- ضفاف براءة وجسور محبة
- القطيعة بين الروح والجسد
- ياحاضرة الغياب ..
- سعد مبارك.. فنان العصور وبوصلة الذاكرة الجمالية
- حين يبكي الجبل ..!!
- مؤتمرات
- لماذا احبك ِ
- حين أقول أحبك
- عبث البقاء


المزيد.....




- متحدثة البيت الأبيض تفسر لـCNN قرار ترامب بإلغاء قمته مع بوت ...
- كوريا الشمالية تختبر صواريخ تفوق سرعة الصوت لتعزيز ترسانتها ...
- عودة الكهرباء الخارجية لمحطة زابوريجيا النووية بعد شهر من ال ...
- ما خلفيات المواجهات بين القوات السورية والجهاديين الفرنسيين ...
- لقاء بين حماس وفتح في القاهرة يبحث مستقبل غزة وترتيبات ما بع ...
- أوكرانيا: هل غير ترامب استراتيجيته مع بوتين؟
- قضية هانيبال القذافي في لبنان: جدل بشأن كفالة الـ11 مليون دو ...
- رويترز: خطة أميركية بديلة -لمؤسسة غزة الإنسانية- تشمل تسليم ...
- إسلام آباد تحظر حزب -لبيك باكستان- الإسلامي
- مقتل عشرات المسلحين بهجمات شرق نيجيريا


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عماد الطيب - الوعود الزائفة… تجارة المواسم الانتخابية