أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - عماد الطيب - القائمة الحمراء تطيح بالجامعات العراقية














المزيد.....

القائمة الحمراء تطيح بالجامعات العراقية


عماد الطيب
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8511 - 2025 / 10 / 30 - 08:33
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


ضربة موجعة تلقاها التعليم العالي العراقي بعد إدراج ثماني جامعات عراقية في القائمة الحمراء العالمية، بتهمة انعدام الرصانة العلمية وارتكاب مخالفات في الأمانة البحثية ووجود شبهات في النزاهة الأكاديمية. الجامعات التي شملها التصنيف ليست هامشية ولا طارئة على المشهد التعليمي، بل هي من أعرق المؤسسات العراقية: الجامعة المستنصرية، الجامعة التكنولوجية، جامعة بغداد، جامعة البصرة، جامعة الموصل، جامعة بابل، جامعة الكوفة، وكلية المستقبل الجامعة. حدث كهذا لا يمكن اعتباره مجرد إخفاق عابر، بل هو مؤشر خطير على عمق الأزمة التي يعيشها التعليم العالي منذ سنوات طويلة.
أن تصل جامعات كانت يوماً منارات علم إلى هذا المستوى من التراجع، يعني أن المشكلة لم تعد في التفاصيل، بل في البنية الأكاديمية ذاتها. لم يعد يكفي أن تُرفع الشعارات عن “الرصانة العلمية” أو أن تُقام المؤتمرات الشكلية التي تكتفي بالصور واللافتات، بينما تغيب عنها روح البحث العلمي الحقيقي. فالكثير من الدراسات الجامعية اليوم تُكتب لأجل الترقية أو لتسجيل رقم جديد في الإحصاءات، لا لإضافة قيمة معرفية حقيقية. وحتى الأمانة البحثية، التي كانت يوماً خطاً أحمر، أصبحت في حالات كثيرة مادة للمساومة، وأداة للحصول على ألقاب ومناصب.
إدراج هذه الجامعات في القائمة الحمراء ليس قراراً شكلياً، بل ستكون له تبعات خطيرة على سمعة الشهادة العراقية. فالعالم اليوم يقيس كفاءة المؤسسات التعليمية بمعايير دقيقة، وأي جامعة تخسر موقعها في التصنيفات تفقد تلقائياً احترام المجتمع الأكاديمي الدولي. وهذا يعني أن خريجي هذه الجامعات سيواجهون صعوبات في الاعتراف بشهاداتهم، أو في الحصول على فرص دراسات عليا أو وظائف في الخارج. إنه ليس عقاباً للجامعات فقط، بل للطلبة الذين بذلوا سنوات من أعمارهم في مؤسسات فقدت بوصلتها الأكاديمية.
المؤلم في الأمر أن هذا التراجع لم يأتِ من فراغ. فقد تراكمت عوامل الفشل عبر سنوات من الفوضى الإدارية والتسييس والمحاصصة. أصبحت الجامعة في كثير من الأحيان ساحة لتقاسم النفوذ لا لخلق المعرفة. تراجع التمويل، وغابت البرامج التطويرية للأساتذة، وانهارت منظومة الرقابة الأكاديمية، وهاجر المئات من العقول التي كانت تمثل الضمانة الأخلاقية والعلمية للمؤسسات التعليمية. كل ذلك صنع واقعاً هشاً كانت نتائجه متوقعة، لكن أحداً لم يجرؤ على دق ناقوس الخطر.
إن ما يحدث اليوم هو تحذير واضح بأن التعليم العالي في العراق يقف على مفترق طرق. إما أن تكون هناك إرادة حقيقية لإصلاحه من الجذور، وإعادة الاعتبار للنزاهة العلمية والقيادات الأكاديمية الرصينة، أو أن يستمر الانحدار حتى نفقد ما تبقى من هيبة الجامعة العراقية. الإصلاح لا يتحقق بالشعارات ولا بالقرارات الوقتية، بل برؤية وطنية تضع التعليم في مقدمة أولويات الدولة، لا في ذيلها.
هذه ليست مجرد أزمة تصنيف، بل أزمة ضمير أكاديمي. والجامعات العراقية اليوم مطالبة بأن تنظر في المرآة بصدق، فالصورة التي تعكسها لم تعد مشرقة كما كانت، والوقت لم يعد يحتمل المزيد من المكابرة. إنها لحظة مواجهة مع الذات، إما أن ننهض أو نستسلم لواقع لا يليق بتاريخ بلد كان يوماً منارة للعلم والمعرفة.



#عماد_الطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبو صابر المسكين على موائد الطهاة
- جامعة للبيع .. والرصانة في إجازة !
- ارتباك الإدارة العراقية بين تعليمات الوزارات وغياب الثوابت
- وأد الإبداع في المدارس العراقية
- ضمير المهنة وشرف الكلمة
- الوعود الزائفة… تجارة المواسم الانتخابية
- رماد الذاكرة
- قراءة نقدية في نص - رمزية العشق -
- أنا .. وأنتِ
- حين يخبو مصباح العمر
- كيف تصنع صحفيا ماهرا ..؟ !!
- خالد النبل والاخلاق
- تاريخ التحقيق الصحفي في العراق وكتابه .. النشأة والتطور
- ملاذ الأمين .. بين وهج الحرف وصدق الميدان
- قراءة
- شيخوخة
- ثلاثة أحلام ...
- ضفاف براءة وجسور محبة
- القطيعة بين الروح والجسد
- ياحاضرة الغياب ..


المزيد.....




- ترامب يعلن توقعاته بشأن -نهاية حرب أوكرانيا-
- فيديو متداول لـ-سيول تجرف سيارة مليئة بالركاب- في المغرب.. ه ...
- حفاة في البرد القارس.. شهادة أممية مؤلمة حول معاناة أطفال غز ...
- عبد الله الثاني ومودي يبحثان التعاون الثنائي وتنفيذ اتفاق غز ...
- استشهاد طفل برصاص الاحتلال والمستوطنون يستهدفون أشجار الزيتو ...
- -ما وراء الخبر- يتناول أجندة زيارة براك إلى إسرائيل وفرص نجا ...
- عاجل | بيان أوروبي: نؤيد تشكيل قوة متعددة الجنسيات بقيادة أو ...
- سودانيون عالقون بين أنياب الجوع ونيران المدافع في كردفان
- بين المتفجرات والإسبستوس.. رحلة الرعب لاستخراج الجثث من ركام ...
- جدل حول مقاومة الاستبداد اليوم


المزيد.....

- أساليب التعليم والتربية الحديثة / حسن صالح الشنكالي
- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - عماد الطيب - القائمة الحمراء تطيح بالجامعات العراقية