أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - عماد الطيب - الطالب والكتاب .. خصومة مع الحياة














المزيد.....

الطالب والكتاب .. خصومة مع الحياة


عماد الطيب
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8512 - 2025 / 10 / 31 - 08:18
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


من المؤسف أن يتحوّل الكتاب، الذي كان يومًا رفيق الدرب وشعلة الوعي، إلى غريبٍ مهمل في حياة طلبة الجامعة. لقد كشفت نتائج استطلاعٍ حديث أن أكثر من 70 في المئة من الطلبة لم يقرأوا كتابًا واحدًا خارج المقرر الدراسي، لا رواية تُغذي الخيال ولا مؤلفًا يفتح لهم نوافذ الفكر. والأدهى من ذلك أن المفارقة جاءت على غير العادة، إذ بدت الطالبات أكثر شغفًا بالقراءة من زملائهن الذكور، وكأن الحس الثقافي بات حكرًا على من يمتلكن حسًّا أعمق بالحياة والمعنى.
تلك الأرقام ليست مجرد إحصاءات جافة، بل هي جرس إنذار يدقّ في صمت. فالجامعة التي لا يقرأ طلابها، تشبه بستانًا بلا ماء، أوراقه خضراء في الظاهر، لكنها ذابلة في الجوهر. إن القراءة هي المرآة التي يرى فيها الطالب ذاته والعالم من حوله، وهي التي تصقل لغته وتمنحه حضورًا وجرأة في النقاش والحوار.
فكيف يغيب هذا “الجليس” عن حياة من يُفترض أن يكونوا حملة الفكر ورواد المستقبل؟
إن العزوف عن القراءة هو في جوهره عزوف عن التفكير، ومؤشر على انكماش الوعي في زمنٍ يفيض بالمعلومة ويفتقر إلى الفهم. الطالب الذي لا يقرأ يعيش على فتات العناوين وملخّصات المواقع، يظن أنه يعرف، وهو في الحقيقة لم يقترب من المعرفة إلا من ظاهرها. وفي المقابل، نجد أن من يقرأ، يعيش حياةً أوسع من عمره، ويجالس عقولًا من أزمنةٍ وثقافاتٍ متعددة، كما قال فرانسيس بيكون: القراءة تصنع الإنسان الكامل، والمحادثة تصنع الإنسان المستعد، والكتابة تصنع الإنسان الدقيق.”
ولأن القراءة ليست واجبًا أكاديميًا بل نَفَس حياة، فهي التي تمنح الطالب قدرة على التحليل، وذوقًا لغويًا، وعمقًا في الفهم. إن الطالب الذي يقرأ كتابًا واحدًا في الشهر، أكثر ثراءً من طالبٍ يحفظ المقررات عن ظهر قلب دون أن يعرف كيف يربط بين فكرة وأخرى.
ولعلّ المشكلة لا تكمن في الطلبة وحدهم، بل في بيئةٍ تعليمية جفّت فيها ينابيع التحفيز. لم تعد الجامعة تزرع حبّ الكتاب، بل تغرق الطالب بكمٍّ من المحاضرات والامتحانات حتى صار ينظر إلى المعرفة بعين الملل لا الشغف. في حين أن الأمم التي تقرأ، تبني وعيها كما تبني مدنها، وتعتبر المكتبة قلب الجامعة لا هامشها.
إن إحياء ثقافة القراءة بين الطلبة ليس ترفًا فكريًا، بل ضرورة تربوية وأخلاقية. فالقراءة هي التي تجعل الإنسان يرى ما وراء الجدران، وتمنحه حسًّا نقديًا يمنعه من أن يكون رقمًا في قطيع. وكما قال نجيب محفوظ: القراءة هي التي تعطيك أكثر من حياة، لأنها توسّع حدود عمرك في الزمان والمكان.
يا طلبة الجامعات، أفيقوا قبل أن يغدو العلم شهادة بلا فكر، والمعرفة حروفًا بلا روح. عودوا إلى الكتاب، فهو ما زال ينتظركم بصبر، يفتح ذراعيه كلما ابتعدتم، لأن بين دفّتيه الحياة التي تليق بكم.



#عماد_الطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القائمة الحمراء تطيح بالجامعات العراقية
- أبو صابر المسكين على موائد الطهاة
- جامعة للبيع .. والرصانة في إجازة !
- ارتباك الإدارة العراقية بين تعليمات الوزارات وغياب الثوابت
- وأد الإبداع في المدارس العراقية
- ضمير المهنة وشرف الكلمة
- الوعود الزائفة… تجارة المواسم الانتخابية
- رماد الذاكرة
- قراءة نقدية في نص - رمزية العشق -
- أنا .. وأنتِ
- حين يخبو مصباح العمر
- كيف تصنع صحفيا ماهرا ..؟ !!
- خالد النبل والاخلاق
- تاريخ التحقيق الصحفي في العراق وكتابه .. النشأة والتطور
- ملاذ الأمين .. بين وهج الحرف وصدق الميدان
- قراءة
- شيخوخة
- ثلاثة أحلام ...
- ضفاف براءة وجسور محبة
- القطيعة بين الروح والجسد


المزيد.....




- بيلي إيليش بإطلالة كلاسيكية -قديمة الطراز- في نيويورك
- السعودية.. فيديو رد فعل أحمد الشرع على طرح -دول تُدمن على ال ...
- الجمعية الوطنية في فرنسا تُدين اتفاقية 1968 مع الجزائر وسط غ ...
- دراسة واعدة.. علاج بالبلازما يمنح الأمل باستعادة حاسة الشم ب ...
- هل تنهي قمة ترامب وشي الحرب التجارية؟
- ماذا تتضمن اتفاقية 1968 بين الجزائر وفرنسا وما تأثير التصويت ...
- في -حدث تاريخي-... افتتاح المتحف المصري الكبير بالقاهرة السب ...
- الباروكة القضائية بأفريقيا.. إرث استعماري يثير الجدل
- كيف تتشكل الأعاصير؟ وما الذي يجعلها أشد فتكا؟
- قتيل بغارة إسرائيلية على بلدة كونين جنوبي لبنان


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - عماد الطيب - الطالب والكتاب .. خصومة مع الحياة