عماد الطيب
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 8519 - 2025 / 11 / 7 - 08:43
المحور:
الادب والفن
الحب في طعمه الأول .. ينتابك فيه ذلك الإحساس الذي يوقظ فيك شيئًا نائمًا منذ دهور، كأنك تشرب الحياة للمرة الأولى بعد عطش طويل. كلّ شيء فيها مختلف. آه كم يشبه معجزة صغيرة! حين يتذوّق القلب ما لم يعرفه من قبل، فيضطرب النبض كعصفورٍ تحرّر للتوّ من قفصه، وتتداخل فيك المشاعر كأنك تسير على خيطٍ من ضوءٍ وحنين.
الانتظار يشبه مذاق السكر المذاب في الرجفة، واللقاء يشبه فجرًا يشرق بعد ليلٍ طويل من الوحدة. الانتظار يصبح صلاةً لا تعرف الملل، واللقاء... يشبه سقوط نجمةٍ في كفّك. تتبادل الصمت معها وكأنه لغةٌ سرّية، وتتقاسم معها الصراحة بعينين تقولان أكثر مما يُقال. المحادثة ليست كلمات، بل دفء ينساب من بين الحروف، كأن القلب يتكلم بلسانٍ من نور.
ثم تأتي النظرات... يا له من سحرٍ غامض! نظرة منها كفيلة بأن تربك ترتيبك الداخلي، أن تذيبك ببطءٍ جميل، كأنك شمعةٌ تذوب لتضيء وجهها. تشعر بحرارةٍ تسري في دمك، بلذةٍ غريبة لا تشبه أي لذّةٍ أخرى، بين الألم والرغبة، بين الخوف والانجذاب، بين الاحتراق والولادة من جديد.
النظرات ومضات تشعل ليلك فجأة، تخترقك دون إذنٍ، تترك فيك احتراقًا لذيذًا كأنك تذوب لتولد من جديد. نظرةٌ منها كافية لأن تهدم فيك المدن، وتبني مكانها حلماً يشبهها. يا لهذا الشعور حين يتملكك! كأن العالم كله انكمش ليصير ظلّها، وصوتها هو النشيد الوحيد الباقي من فوضى الكون. تشعر أن قلبك خُلق لأجل هذا اللقاء فقط، وأنك لم تعرف الحياة إلا حين نظرت في عينيها لأول مرة.
كأن العالم كله اختصر في ملامحها... المدن، والأصوات، والضجيج، وحتى الأيام الماضية — جميعها تتلاشى حين ترفع عينيها نحوك. يصبح الوقت بطيئًا كنسمةٍ تتلمّس خدّك، وتشعر أنك لست في مكانك المعتاد، بل في فضاءٍ جديد خُلق لتكون أنت وهي فقط فيه.
ذلك الشعور لا يُوصف، لا يُكرّر، لا يُتعَلَّم... إنه الدهشة الأولى للحب حين يكون صادقًا ومجنونًا في آنٍ واحد. حين يتحوّل القلب إلى وطنٍ صغير يسكنه اسمٌ واحد، وصوتٌ واحد، ونظرةٌ واحدة... تكفي لتشعل فيك العمر كله. ذلك الإحساس... لا يُشبه شيئًا، هو النار حين تصير حبًّا، والحب حين يتحوّل إلى صلاةٍ لا تُقال بصوتٍ، بل بنظرةٍ، بارتجافةٍ، بابتسامةٍ تُعيد ترتيب الفصول داخلك.
#عماد_الطيب (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟