أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد الطيب - مهرجانات للتهريج














المزيد.....

مهرجانات للتهريج


عماد الطيب
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8517 - 2025 / 11 / 5 - 09:17
المحور: الادب والفن
    


في الوقت الذي تتألق فيه المهرجانات الفنية المصرية بتكريم الفنانين الملتزمين أصحاب الرسائل الإنسانية والجمالية، نجد في العراق مشهداً معكوساً ومؤلماً، حيث تُقام المهرجانات الفنية وكأنها عروض للتهريج لا للاحتفاء بالفن، وتتحول منصات التكريم إلى مسارح عبثية تُمنح فيها الجوائز لمن يجيد الصخب لا الإبداع، ولمن يتقن الضجيج لا الأداء.
لقد أصبحت بعض المهرجانات في العراق مهرجانات “العلاقات” لا مهرجانات “الإبداع”، تُمنح الجوائز فيها بحسب القرب من أصحاب النفوذ أو الممولين أو القائمين على المهرجان، لا بحسب القيمة الفنية أو الأثر الجمالي للعمل. وهكذا يُقصى الفنان الأصيل الذي أفنى عمره في تقديم أعمال رصينة تلامس وجدان الناس وتعبّر عن معاناتهم، فيما يُكرّم من لم يقدّم سوى فقاعات عابرة في فضاء الفن.
هذه الظاهرة ليست مجرد خلل إداري أو سوء تنظيم، بل هي مؤشر خطير على تآكل الذائقة الفنية وغياب المعايير الثقافية في مؤسسات يفترض بها أن تحمي الفن لا أن تبيعه. إن تكريم “المهرّجين” تحت مسمى “الفنانين” يرسل رسالة مدمرة إلى الأجيال الشابة مفادها أن الطريق إلى الشهرة ليس الموهبة ولا الجهد، بل الثرثرة والابتذال.
في المقابل، حين نرى في مصر مثلاً مهرجاناً يحتفي بفنان ملتزم قدّم فناً يحمل مضموناً إنسانياً راقياً، ندرك أن هناك مؤسسة فنية تعرف معنى “التاريخ الفني”، وتفهم أن التكريم ليس هدية، بل اعتراف بمسيرة وإضافة للثقافة. أما في العراق، فالتكريم أصبح ـ في كثير من الحالات ـ صفقة رمزية أو دعاية رخيصة، تُستخدم لأغراض سياسية أو اجتماعية، لا فنية.
النتيجة أن المهرجانات العراقية اليوم، في كثير منها، فقدت بريقها ومصداقيتها، وأصبحت أقرب إلى حفلات مجاملة منها إلى تظاهرات فنية. ومن المؤسف أن ترى فنانين كباراً ما زالوا يعيشون في الظل، بينما تُرفع على المنصات أسماء لا علاقة لها بالفن سوى الظهور والابتذال.
إن سلخ الأصالة عن المشهد الفني العراقي ليس مجرد إساءة إلى الفنانين الحقيقيين، بل هو إساءة إلى هوية العراق الثقافية التي عُرفت بعمقها وجمالها وريادتها في الفن والمسرح والموسيقى. فحين يُهان الفن، يُهان الوعي الجمعي للأمة. وحين يكرَّم التافه، يُطعن المبدع في كرامته وفي صميم رسالته.
لقد آن الأوان لإعادة الاعتبار للمبدع الحقيقي، وإقصاء التهريج من ساحات الفن، لأن الفن ليس سلعة تُباع، بل روح تُخلّد. فإما أن نُكرّم من يزرع الجمال في الذاكرة، أو نترك المهرجانات تغرق في صخبها المبتذل حتى آخر تصفيق مزيف.



#عماد_الطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سقوط الذائقة الفنية في الفن المسرحي والتلفزيوني
- لماذا نجحت المرأة الامية وفشلت المرأة العصرية ؟!!
- لاتظلموا
- حب في مدار الزمن
- ردهات الطوارئ.. المريض بين الإهمال والديكور الطبي
- الطالب والكتاب .. خصومة مع الحياة
- القائمة الحمراء تطيح بالجامعات العراقية
- أبو صابر المسكين على موائد الطهاة
- جامعة للبيع .. والرصانة في إجازة !
- ارتباك الإدارة العراقية بين تعليمات الوزارات وغياب الثوابت
- وأد الإبداع في المدارس العراقية
- ضمير المهنة وشرف الكلمة
- الوعود الزائفة… تجارة المواسم الانتخابية
- رماد الذاكرة
- قراءة نقدية في نص - رمزية العشق -
- أنا .. وأنتِ
- حين يخبو مصباح العمر
- كيف تصنع صحفيا ماهرا ..؟ !!
- خالد النبل والاخلاق
- تاريخ التحقيق الصحفي في العراق وكتابه .. النشأة والتطور


المزيد.....




- مصر.. عمر هلال يجمع أحمد حلمي وهند صبري في فيلم -أضعف خَلقه- ...
- فنانة سورية تصبح سيدة نيويورك الأولى...من هي ؟
- صوّر في طنجة المغربية... -الغريب- خلال استعمار الجزائر في قا ...
- يتناول ثورة 1936.. -فلسطين 36- يحصد الجائزة الكبرى في مهرجان ...
- -صهر الشام- والعربية والراب.. ملامح سيرة ثقافية للعمدة ممدان ...
- انطلاق أعمال المؤتمر الوطني الأول للصناعات الثقافية في بيت ل ...
- رأي.. فيلم -السادة الأفاضل-.. حدوتة -الكوميديا الأنيقة-
- -المتلقي المذعن- لزياد الزعبي.. تحرير عقل القارئ من سطوة الن ...
- موفينييه يفوز بجائزة غونكور الأدبية وباتت الفرحة تملأ رواية ...
- السودان.. 4 حروب دموية تجسد إدمان الإخوان -ثقافة العنف-


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد الطيب - مهرجانات للتهريج