أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عماد الطيب - العراق بين وفرة الموارد وتعطّل الإرادة














المزيد.....

العراق بين وفرة الموارد وتعطّل الإرادة


عماد الطيب
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8533 - 2025 / 11 / 21 - 03:17
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


العراق بلد غني لم يعرف يوماً ندرة الموارد، بل عرف دائماً سوء إدارتها. فمنذ عقود ظلّ الاقتصاد العراقي مرتهناً لإيرادات النفط، وكأنّ البلاد لا تمتلك منفذاً حدودياً، ولا تجارة عابرة، ولا ملايين المسافرين سنوياً، ولا ثروات عقارية هائلة، ولا طاقة بشرية يمكن أن تشكّل بحد ذاتها قوة إنتاجية. ومع ذلك، فإن العراق قادر فعلياً على تحقيق ميزانية شبه مثالية غير معتمدة على النفط لو توافرت الإرادة السياسية والإدارة المحترفة.
فالمنافذ الحدودية وحدها تمثل كنزاً مالياً مهملاً، إذ يمتلك العراق أكثر من 35 منفذاً قادراً على توفير ما يفوق 10 مليارات دولار سنوياً في حال ضبطها إلكترونياً ومنع التهرب الجمركي وتطبيق آليات تحصيل شفافة كما تفعل تركيا والمغرب. لكن الواقع يشير إلى تداخل الصلاحيات ووجود جهات متعددة تتحكم بتلك الموارد، ما يجعل كثيراً من الإيرادات تتبخر قبل وصولها إلى خزينة الدولة.
ويمتد هذا الخلل إلى قطاع المرور، فالعراق بلد عبور تجاري مهم، وكان يمكن لرسوم مرور الشاحنات أن تحقق ما بين 2 إلى 4 مليارات دولار سنوياً لو تم تحصيلها بنظام إلكتروني واضح على غرار ما يطبق في الأردن. حتى الغرامات المرورية ورسوم تسجيل المركبات والفحص الفني يمكن أن تشكل مورداً كبيراً لو جُمعت بشفافية وأعيد استثمارها في البنى التحتية.
أما بيع المشتقات النفطية فيمثّل باباً آخر للتمويل المستدام بعيداً عن تصدير النفط الخام. إذ تشير تقارير دولية إلى أن العراق يخسر سنوياً قرابة 3 مليارات دولار بسبب تهريب الوقود. ويمكن إنشاء شركة وطنية متخصصة في التسويق الداخلي والخارجي للمشتقات على نموذج شركات الخليج مثل "أدنوك للتوزيع" لتأمين إيرادات ثابتة وتنظيم قطاع الوقود.
وفي جانب آخر، يمتلك العراق ما يزيد عن 7 ملايين وحدة عقارية بين سكنية وتجارية وصناعية، ورغم ذلك، تبقى الضرائب العقارية ضعيفة بسبب غياب التقييم الحقيقي للعقارات وعدم وجود نظام رقمي شفاف. بينما تعتمد دول متقدمة مثل كندا على الضريبة العقارية كمصدر رئيس لتمويل البلديات. ولو تم اعتماد نظام تقييم حديث مشابه لما هو في الإمارات وقطر لأمكن للدولة تحقيق ما لا يقل عن 5 مليارات دولار سنوياً دون زيادة العبء على المواطن.
كما أن رسوم المسافرين تمثل مورداً مهملاً، إذ تشهد المطارات العراقية حركة تتجاوز 10 ملايين مسافر سنوياً. وفي بلد مثل الأردن، ترفد رسوم المطارات الخزينة بمئات الملايين من الدولارات، ويمكن للعراق تحقيق ما يصل إلى مليار دولار سنوياً عبر فرض رسوم تطوير وتنظيم خدمات المطارات والخطوط الجوية بطريقة مدروسة.
وإلى جانب ذلك، يمتلك العراق أكثر من 30 نوعاً من الضرائب المطبقة أو المجمدة. لكن المشكلة ليست في نقص الضرائب، بل في غياب النظام الإلكتروني الموحد، وكثرة الثغرات، ووجود "روتين موازٍ" يلتهم القيم الحقيقية للجباية. وقد استطاعت دول صغيرة مثل إستونيا إحداث طفرة مالية عبر التحول الرقمي، ما يؤكد أن العراق قادر على تحسين إيراداته لو اعتمد نظاماً رقمياً صارماً يقلل التدخل البشري بنسبة كبيرة.
ومع كل هذه الإمكانات الهائلة، تبقى العقدة سياسية وإدارية قبل أن تكون اقتصادية. فهذه الإيرادات المهدورة يمكن أن توفر للعراق ميزانية تزيد على 25 مليار دولار سنوياً دون أن يعتمد على برميل نفط واحد، وتمنح الدولة فرصة لتأسيس اقتصاد متنوع وقادر على مواجهة تقلبات أسعار النفط، وتخلق فرص عمل في قطاعات الجباية والتقنية والخدمات.
لكن غياب الإرادة السياسية، وتعدد مراكز النفوذ، واستمرار الفوضى الإدارية، يجعل كل هذه الإمكانات مجرد أرقام تُذكر في تقارير ولا تتحول إلى واقع. فالعراق لا يحتاج إلى اكتشاف موارد جديدة بقدر ما يحتاج إلى إدارة تعرف أين تقف الأموال وأين تُسرق، وتملك الشجاعة لاستعادتها.
الدول لا تُبنى بالثروات وحدها، بل بالإدارة التي تحول الضرائب والحدود والجبايات والممتلكات العامة إلى اقتصاد يحفظ كرامة المواطن ويقوي الدولة. والعراق قادر على تحقيق ذلك… لكنه ينتظر من يؤمن بقدرته أول



#عماد_الطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشخصية العراقية والسلطة والسياسة
- ذاكرة تتفتح بالشعر والحكايات
- في حضرة التفاهة .. قراءة نقدية للسطحية الرقمية
- فيروز والصباح
- حب في الستين
- فوضى العمران وضياع الهوية الجمالية في المدن العراقية
- سطحية الترند وثقافة اللايك
- برامج ام مسرحيات هزلية
- قرءة نقدية في نص - الربيع والحب في موسكو -
- الثقافة والفقر.. استثمار الوعي
- جدلية الجهل والسلطة عند جورج أورويل
- سأزورك يوما
- الدولمة العراقية ترند في مطاعم العالم
- رسالة اليها
- ضجيج بلا اثر
- الانتخابات .. الوجه الآخر للقمر
- العراق بين الحلم المؤجل والواقع المرير
- حلم المسافات الطويلة
- احلام ذلك الزمان
- المثقف وورقة الاقتراع


المزيد.....




- عقد إسرائيلي بمليارات الدولارات لتوسيع إنتاج -القبة الحديدية ...
- سوريا تعود إلى نظام سويفت رسميا
- -الوضع ليس كما تسمعون-.. الصومال يسعى لإحياء قطاع السياحة
- اقتصاد بلا عمل ولا مال؟ ماسك يطلق أكثر توقعاته تطرفًا حتى ال ...
- سعر صرف الدينار العراقي يرتفع مقابل الدولار بنهاية الأسبوع
- بدأت بالنصيرات.. حملة بغزة لإعفاء ذوي الشهداء من المستحقات ا ...
- استقرار سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار اليوم
- صندوق النقد الدولي يرجح تراجع نمو مجموعة الـ20
- بالأرقام.. ارتفاع صادرات النفط الإيراني
- أرباح إنفيديا تتجاوز التوقعات مدفوعة بالطلب على رقائق الذكاء ...


المزيد.....

- الاقتصاد السوري: من احتكار الدولة إلى احتكار النخب تحولات هي ... / سالان مصطفى
- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عماد الطيب - العراق بين وفرة الموارد وتعطّل الإرادة