أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - عماد الطيب - فوضى العمران وضياع الهوية الجمالية في المدن العراقية














المزيد.....

فوضى العمران وضياع الهوية الجمالية في المدن العراقية


عماد الطيب
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8530 - 2025 / 11 / 18 - 11:04
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


حين تتجول في مدن العراق، تشعر وكأنك أمام لوحة باهتة رسمتها أيادٍ كثيرة دون رؤية مشتركة أو روح موحدة. أبنية تتجاور بلا انسجام، عمارات ترتفع كيفما اتفق، وواجهات تفتقر إلى أي ملامح جمالية أو رموز محلية تعكس هوية المكان وتاريخه العريق. لقد باتت مدننا تتشابه حد التطابق، بلا طابع عمراني واضح، وكأنها خرجت من قوالب إسمنتية مكررة لا تحمل بصمة الزمان ولا نكهة الأرض.
الخلل لا يكمن فقط في الشكل الخارجي، بل في الفلسفة العمرانية ذاتها. فقد تم إقصاء دور المهندس المعماري في معظم مشاريع البناء، وخاصة الحكومية منها، لتحل محلّه قرارات إدارية ومقاولات سريعة تبحث عن الربح قبل الجمال. المعماري ـ وهو صاحب الرؤية القادرة على المزج بين الحاجة والذوق، بين الوظيفة والجمال ـ أصبح مهمشاً، فتولدت لدينا مدن بلا ملامح، مبانٍ مشوهة، وشوارع بلا روح.
غياب التخطيط الحضري جعل من المدن العراقية مناطق عشوائية في مظهرها وإن لم تكن كذلك في جوهرها. لا توجد رؤية عمرانية طويلة المدى، ولا مراعاة لخصوصية كل مدينة من حيث تاريخها أو موقعها أو طابعها الاجتماعي. فبغداد مثلاً، التي كانت يوماً مفخرة الشرق بجمال عمرانها وتناسق شوارعها، تحولت إلى خليط متناقض من الأبنية الزجاجية والمنازل المتداعية والمولات التجارية التي قفزت بلا انسجام ولا ضابط.
أما التلوث البصري فقد أصبح سمة عامة، لا يقتصر على الأبنية فقط، بل يشمل اللافتات التجارية الفوضوية، وأسلاك الكهرباء المتشابكة، وألوان الطلاء المتنافرة، والإعلانات التي تغطي الواجهات بلا ذوق. المشهد العام يفتقر إلى النظام، وإلى حسّ الجمال الذي يرفع من ذائقة الإنسان ويعكس حضارة المجتمع.
إن غياب التخطيط الاستراتيجي والرؤية المعمارية جعل مدننا تفقد شخصيتها، فلا هي تتطور وفق معايير الحداثة، ولا تحافظ على موروثها التاريخي. المدن الحقيقية ليست إسمنتاً وزجاجاً فقط، بل روح، هوية، وانسجام بين الإنسان والمكان. ما نحتاجه اليوم ليس مجرد مشاريع عمرانية، بل نهضة تخطيطية شاملة تعيد الاعتبار للمعماري العراقي، وتضع الجمال الحضري ضمن أولويات الدولة، لا كترفٍ بصري بل كضرورة إنسانية وثقافية.
لقد آن الأوان أن يُعاد النظر في فلسفة البناء والتصميم، وأن تُستعاد هوية المدينة العراقية التي كانت يوماً من أجمل مدن الشرق. فالعمران ليس جدراناً تقف، بل رسالة حضارية تعكس ذوق الأمة ووعيها ومستقبلها.



#عماد_الطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سطحية الترند وثقافة اللايك
- برامج ام مسرحيات هزلية
- قرءة نقدية في نص - الربيع والحب في موسكو -
- الثقافة والفقر.. استثمار الوعي
- جدلية الجهل والسلطة عند جورج أورويل
- سأزورك يوما
- الدولمة العراقية ترند في مطاعم العالم
- رسالة اليها
- ضجيج بلا اثر
- الانتخابات .. الوجه الآخر للقمر
- العراق بين الحلم المؤجل والواقع المرير
- حلم المسافات الطويلة
- احلام ذلك الزمان
- المثقف وورقة الاقتراع
- المثقفون واشكالية السلطة
- دولة الجسور والمولات... وجنازة الصناعة العراقية
- فراسة الحب
- الصمت الانتخابي... الهدوء الذي فضح كل شيء
- اعلام الضجيج
- الحقائب المدرسية .. حقائب اثقل من طفولة اطفالنا


المزيد.....




- الحكم بالسجن على المعتدى على أريانا غراندي في عرض -Wicked- ب ...
- مصر.. تامر حسني يخضع لعمل جراحي استأصل جزءًا من كليته
- الكويت.. الداخلية تعلن ضبط شبكة متورطة بستهيل استقدام عاملات ...
- الرئيس اللبناني: حزب الله بشقه العسكري انتهى.. ولاريجاني -اه ...
- مقاتلات تحلق وعزف موسيقي.. شاهد كيف استقبل ترامب ولي العهد ا ...
- لقاء ابن سلمان وترامب.. هل ستبيع أمريكا طائرات إف 35 للسعودي ...
- بعد دعوة السيسي.. مصر تبطل نتائج 19 دائرة انتخابية
- أحمد أبوزيد.. نصائح صانع المحتوى المصري للمبتدئين وما تعلمه ...
- ماذا يعني إلغاء زيارة قائد الجيش اللبناني إلى واشنطن الآن؟
- قائد الجيش اللبناني يلغي زيارة كانت مقررة للولايات المتحدة.. ...


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - عماد الطيب - فوضى العمران وضياع الهوية الجمالية في المدن العراقية