أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد الطيب - تقاسيم أخيرة في جنازة الذكريات














المزيد.....

تقاسيم أخيرة في جنازة الذكريات


عماد الطيب
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 8534 - 2025 / 11 / 22 - 03:43
المحور: الادب والفن
    


مات الهوى… عبارة تبدو وكأنها حُكم محكمة قُرئ في ساعة متأخرة من الليل، بعد أن تعب القاضي من مراوغة الحقيقة. مات الهوى، لا لأن القلوب لا تعرف العناد، بل لأن التعب أكل أطرافه، ولأن الوعود القديمة أصابها العفن حتى لم تعد تشبه نفسها. وما دامت النهاية بهذا الوضوح فلا بأس أن نقف مثل وارثين مرتبكين أمام تركة لا تُفيد أحدًا.
تعالي… لنجلس على طرف هذا الفقد، ونرتّب الميراث. لا نحتاج شاهداً سوى الدموع، فهي أكثر نزاهة من كل البشر. خذي أنتِ ما شئتِ من الذكريات… الصور التي كنتِ تبتسمين فيها بلا سبب، الأيام التي ظنناها لا تنتهي، الكلام الذي قلتيه بعفوية ثم صار وطناً أتسكع فيه. خذيها كلها… لم أعد أحتمل ضجيجها في رأسي ولا لوعتها في صدري.
لكن اتركي لي خيبتي… فهي الشيء الوحيد الذي يشبهني الآن. خيبة ثقيلة، لكنها لا تخون. خيبة واضحة مثل باب يُغلق خلفك ببطء، ولا يعاند الهواء حين ينغلق. سأحملها معي وأعود، ليس إلى ماضٍ أعرفه، بل إلى شيء يشبه الغربة داخل النفس. غربة بلا خرائط، ولا ذكريات، ولا وعود معلّقة.
تعرفين .. حين يموت الحب لا تُقام له جنازة. هو يموت بصمت، مثل ضوء مصباح يشيخ فجأة، مثل أغنية كانت تليق بنا ثم صارت لا تعنينا. يموت حين تنطفئ في الجملة حرارة، وفي النظرة صدق، وفي الانتظار رغبة. يموت حين نكتشف أن أجمل ما كان بيننا أصبح عبئًا أكثر من كونه نعمة.
كنتِ في حياتي مثل نافذة تطل على اتجاه لا يشبه بيتي، وكنتُ لكِ ربّما مثل ظلٍ لا يتأخر. لكن النوافذ تتعب من الرياح، والظلال تتلاشى حين لا تجد ضوءاً صادقاً تستند إليه. ولأن كل شيء يشيخ . حتى الورد في القصائد . فقد شاخ الهوى بيننا، وصار يشهق آخر أنفاسه بلا رغبة في البقاء.
لستُ نادماً… ولا أشعر بأنكِ مدينة لي بشيء. نحن فقط عابرون، تعلّمنا بطريقة قاسية أن القلب لا يعطي بلا حساب، وأن البدايات مهما كانت مشرقة قد تنتهي في زاوية معتمة لا تنتبه لها. ما زلتِ تعنين لي شيئاً غامضاً، شيئاً يشبه الفرصة الضائعة التي لا تعرف إن كانت نعمة أم كارثة. لكني لن أبالغ… انتهى كل شيء، وانتهت اللغة التي كنا نتحدثها.
سأترك لكِ بقايا الدفء… ضحكاتك الخفيفة… لمساتك التي كانت تمحو فوضاي. اقبليها أو اتركيها، فهذا آخر ما يمكنني تقديمه. أما أنا فسأسير وحدي، أحمل فوق كتفي هذه الخيبة التي صارت مثل حقيبة مسافر قديم، يعرف أن الطريق طويل، لكنه مستعد للمضيّ لأن التراجع لم يعد خياراً.
قد نلتقي؟ لا أعرف. فالطرقات التي افترقنا عندها لا تستقبل العائدين. وما سقط بيننا كان أكبر من أن يُرمّم. كل ما أعرفه أنني سأهدي الليل صمتي، وأهدي الفجر ألمي، وأواصل السير كأنني لم أعرفك يوماً… وكأن الحب لم يمرّ بقلبي ويفعل فيه ما فعل.
وهكذا… مات الهوى. وانتهى الدرس. وبقي في اليد ميراث لا رغبة لأحد فيه. خذي حصتك من الذاكرة، واتركي لي حصتي من الخيبة. ولنمضِ… فبعض النهايات لا تستحق الالتفات، وبعض الوجع ليس إلا بداية لشيء أنضج، شيء يعرف القلب كيف يحتويه بلا خوف .



#عماد_الطيب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يكون الصمت بيتي الأول
- العراق بين وفرة الموارد وتعطّل الإرادة
- الشخصية العراقية والسلطة والسياسة
- ذاكرة تتفتح بالشعر والحكايات
- في حضرة التفاهة .. قراءة نقدية للسطحية الرقمية
- فيروز والصباح
- حب في الستين
- فوضى العمران وضياع الهوية الجمالية في المدن العراقية
- سطحية الترند وثقافة اللايك
- برامج ام مسرحيات هزلية
- قرءة نقدية في نص - الربيع والحب في موسكو -
- الثقافة والفقر.. استثمار الوعي
- جدلية الجهل والسلطة عند جورج أورويل
- سأزورك يوما
- الدولمة العراقية ترند في مطاعم العالم
- رسالة اليها
- ضجيج بلا اثر
- الانتخابات .. الوجه الآخر للقمر
- العراق بين الحلم المؤجل والواقع المرير
- حلم المسافات الطويلة


المزيد.....




- دموع هند رجب تُضيء مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ46
- توقيع الكتاب تسوّل فاضح!
- فيثاغورس… حين يصغي العقل إلى الموسيقى السرّية للكون
- العلماء العرب المعاصرون ومآل مكتباتهم.. قراءة في كتاب أحمد ا ...
- -رواية الإمام- بين المرجعي والتخييلي وأنسنة الفلسطيني
- المخرج طارق صالح - حبّ مصر الذي تحوّل إلى سينما بثمن باهظ
- -إنّما يُجنى الهدى من صُحبة الخِلّ الأمين-.. الصداقة الافترا ...
- مؤسس -هاغينغ فيس-: نحن في فقاعة النماذج اللغوية لا الذكاء ال ...
- مسرحية -عيشة ومش عيشة-: قراءة أنثروبولوجية في اليومي الاجتما ...
- محمد إقبال: الشاعر والمفكر الهندي الذي غنت له أم كلثوم


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد الطيب - تقاسيم أخيرة في جنازة الذكريات