أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - حين أحببتها كانت النقود لا تعرف اسمي














المزيد.....

حين أحببتها كانت النقود لا تعرف اسمي


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8521 - 2025 / 11 / 9 - 12:49
المحور: قضايا ثقافية
    


لم أكن أملك من الدنيا سوى قلبي، ولا من المجد سوى حلمٍ يتنفس في ظلال التعب. كنت فقيرًا إلى الحدّ الذي لا يملك فيه الإنسان ثمن فنجان قهوة، لكنني كنت غنيًّا بها، بها وحدها، تلك التي تشبه الضوء حين يسقط على جدارٍ من طين فيحوّله إلى لوحة من ذهب.كانت غنية… لا بمالها فقط، بل بذلك البريق الذي يشبه المدن البعيدة التي لا يُسمح للفقراء بدخولها إلا خلسة، عبر نوافذ الحلم. كنتُ أقترب منها بخطواتٍ مرتعشة، كأنني أمشي على سلالم من هواء، أعرف أن بيننا بحارًا من الفروقات، لكن قلبي كان يبحر من دون جواز سفر.هي لم ترَ فيَّ فقرًا، رأت رجلًا يُحبّها بصدقٍ نادر، رجلًا يستطيع أن يكتب عنها روايةً كاملة دون أن يشتري ورقة واحدة. كنتُ أكتبها على الجدران، على ظلي، على أوراق الشجر اليابسة، على وجهي حين يمرّ طيفها. وكنتُ حين أراها أقول في سري: “لو كانت الفراشات تعرف أني فقير، لما اقتربت من ضوء حبها.”هي كانت تعيش في عالمٍ تتكوّن شرفاته من البلّور، وأنا كنت أسكن غرفًا من تعبٍ وأحلامٍ مؤجلة. ومع ذلك، لم أشعر يومًا أن بيننا مسافة، كانت تقترب مني كما تقترب الموسيقى من الصمت لتمنحه حياة. كنتُ أراها تعطي الفقراء طعامًا، وأنا أكتفي أن تمنحني ابتسامةً، فهي عندي أغلى من الخبز والماء.وفي ليالٍ كثيرة، كنتُ أضع رأسي على وسادةٍ من وهم، وأتخيلها تسألني: "لو كنت غنيًا، أكنت ستحبني أكثر؟"فأبتسم في الظلام، وأهمس: "الغنى لا يُقاس بما نملك، بل بمن نحبّ، وأنا أملككِ يا أغلى من الذهب."لكنّ العالم لا يرحم قلبًا لا يملك سوى مشاعره، ولا يصدق حبًّا لا يسنده حساب مصرفي. الناس يرون الفقر عيبًا، حتى لو كان الفقير أنبل من قصرٍ مملوء بالفراغ. بدأوا يهمسون لها عنّي، عن “ذلك الرجل الذي لا يناسب اسمها”، عن “العشق الذي لا يصرف فواتير الحياة”. وشيئًا فشيئًا، صار بيننا جدارٌ من الخوف، لا من الكره.ومع ذلك، لم أتراجع، ظللت أحبّها بصبر العاشقين الذين يعرفون أن أجمل ما في الحب هو الاستحالة. كنت أقول لها:
"دعيني أكون فقيرًا في الدنيا، وغنيًا بك في الجنة."فتضحك، وتقول: "وأين سنسكن هناك؟"فأجيبها: "في قلب الله، فهناك لا يسألون كم نملك، بل كم أحببنا."لقد علمتني تلك المرأة أن الحبّ لا يحتاج إلى بيتٍ فخم، بل إلى روحٍ تحتمل البرد حين تغيب اليد التي كانت تدفئها.وعلمتني أن الفقر ليس في الجيب، بل في القلوب التي لا تعرف كيف تضحي.كنت مستعدًا أن أبيع عمري من أجل نظرةٍ منها، أن أعمل في صمت كي لا تشعر يومًا أني عبء على ثرائها، أن أكون ظلًا لا يطالب بالضوء، لكنه يظل وفيًّا له.وفي النهاية، رحلت… لا لأنها لم تحبني، بل لأنها خافت أن يهزمنا العالم.بكت وهي تغادر، وأنا ابتسمت كي لا أجرح كبرياءها، وقلت لها:"اذهبي، فالفقراء لا يملكون شيئًا ليخسروه سوى أحلامهم."ومنذ رحيلها، ما زلت أعيش على فتات الذاكرة، وأقتات من حبٍّ لم يُكمل عمره.لكنني اليوم أعترف — وأنا الفقير الذي لم يورّث شيئًا — أن أجمل ثراءٍ عشته كان أني أحببتها بلا ثمن، وأن الحبّ حين يكون صادقًا، يُغني عن كلّ شيء، حتى عن الحياة.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خونة بغداد
- حين سُرِقت حاوية الزبالة… ومات الضمير في صمت الوطن!
- موت الحقيقة في مقبرة الثقافة
- نشوز الأرواح
- تبتسمُ العيونُ في وجهي
- ريما.. حين تبتسم الكواكب
- الرب الذي هرب من معبده
- الخيانة الكبرى... بين ابن العلقمي وورثة المجوس
- على عتبة الغياب
- العراق… بين الطين والوصاية
- الجادرية... المرآة التي كشفت وجه السلطة
- بلاد العبور الممنوع: انكسرت البوصلة بين دجلة والممرات.
- أنثى الضوء
- الخيانة الكبرى: خيانة الإنسان لذاته
- الكتابة من فم الموت
- جسدٌ يحاكي حُطامَهُ
- مواسم الانتظار
- وردٌ على فم الموت
- الخراب في مرآة الإنسان: الحرب السودانية وصراع النفوذ في جسد ...
- حينما هُدم التمثال، تكلم الحجر بلغة الجواد


المزيد.....




- بعد إعصار كالمايغي، الفلبين تعلن عن إجلاء نحو مليون شخص مع ا ...
- فيديو يظهر إعصار -فونغ-وونغ- فائق القوة يجلب رياح عاتية وفيض ...
- الصين تعلّق حظر تصدير معادن نادرة إلى الولايات المتحدة
- عراقيات يترشحن لمجلس النواب .. نفوس كبار تتعب الأجسام!
- متحف القاهرة: تماثيل ضخمة تثير إعجاب الزوار
- ماذا ينتظر العراقيون من السلطة المقبلة؟
- بحسب استطلاعات الرأي.. دعوات المقاطعة تؤثر على الإقبال في ال ...
- لقطة احتضان وبكاء على كتف البرهان تتحول إلى أيقونة سودانية
- خطف 5 هنود وفرنسا تدعو مواطنيها في مالي للمغادرة
- قصة استقالة مهندس عراقي من -ميتا- بسبب غزة


المزيد.....

- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الأنساق الثقافية للأسطورة في القصة النسوية / د. خالد زغريت
- الثقافة العربية الصفراء / د. خالد زغريت
- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - حين أحببتها كانت النقود لا تعرف اسمي