أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - مظهر محمد صالح - خليجان يحرسهما قمر واحد – من أزمنة لا تموت رحلة تأملية بين فاليتا وشنغهاي














المزيد.....

خليجان يحرسهما قمر واحد – من أزمنة لا تموت رحلة تأملية بين فاليتا وشنغهاي


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 8496 - 2025 / 10 / 15 - 04:52
المحور: قضايا ثقافية
    


لا تخلو العلاقات المالية بين الأمم من صدفٍ حياتية نادرة تجمعك مع جمال الليل والبحر وهدوء الطبيعة.
فخلال العقدين الأخيرين، كانت فاليتا (Valletta) — المدينة التاريخية الواقعة على الساحل الشرقي لجزيرة مالطا الرئيسة — محطتي الأولى.
تُعد فاليتا من أصغر العواصم الأوروبية مساحةً في وسط البحر المتوسط ، لكنها من أغناها تراثًا وثقافةً، وقد أدرجتها اليونسكو ضمن قائمة التراث العالمي.

كانت زيارتي الاولى إليها في منتصف صيفٍ ساخن من عام 2003 لمتابعة شأنٍ رسمي مهم، وانتهى بي المساء إلى جولة بحرية في قاربٍ يشبه الجندول، يُسمّى “اللوزّو” (Luzzu) — القارب المالطي التقليدي المصنوع من الخشب والمزيّن بالألوان الزاهية.
تُرسم على مقدمته عادةً عين أوزوريس أو عين حورس، رمز الحماية من الأرواح الشريرة.

لفَّ “اللوزّو” ساحل الجزيرة الشرقي ليلًا تحت ظلال القمر، وكان نسيم البحر المتوسط يحاكي مشاعرنا نحن أبناء هذا الشرق المائي، الذين لا ندهش إلا من همس القمر وهو يعكس جماله على سطح الماء. توقفت الأمواج العالية فجأة، وكأن الطبيعة علمت أننا قادمون من بلادٍ أنهكتها عواصف الحروب والصراعات، فلم نكن نطلب إلا وصفةً من السكينة.
كانت تلك الليلة من أجمل ليالي التجوال البحري، تحت حراسة القمر الكوني الواحد.

مرّت سنوات طويلة، وتبدّلت المهام الرسمية، فإذا بـ شنغهاي — المدينة الصينية العظيمة الواقعة على بحر الصين الشرقي، أحد أهم المسطحات البحرية في آسيا والعالم — تكون وجهتي الجديدة.
ذلك البحر، الذي يشكّل جزءًا من المحيط الهادئ، يربط الصين بموانئ اليابان وكوريا وتايوان، ويمنح شنغهاي موقعها التجاري الفريد.

في إحدى الليالي، كنا في قاربٍ صيني تقليدي ينساب بهدوء في خليج شنغهاي، تحفّه الأبنية المعمارية الباذخة التي أخجلها ضوء القمر حين انعكس عليها.
كانت الموسيقى الصينية ترافقنا بألحانٍ لم أفهم لغتها، لكني شعرت أن لحنها يخاطبني:

“إطلالتك عليَّ في خليج فاليتا، لا تختلف عن إطلالتك عليَّ في خليج شنغهاي ،
فالزمان مكانٌ سائل، والمكان زمانٌ متجمّد.”

سألتُ القمر:
– هل لديك رحلة فوق خليج مالطا في ليلتك هذه؟
فأجابني بصمتٍ خاشع:
– إنك ستغادرني الآن، لكني سأكون فوق خليجك في المتوسط حين يحلّ الظلام على بحار بلادك، أيها الرجل القادم من الرافدين.

نظرت إليه، فلم أجد من همسه إلا إيحاءاتٍ تخاطبني:

“ما زلتُ محافظًا على شبابي، أما أنت، فكهولتك منحتني ضياءً جديدًا.
لقد انعكس نوري على خيوط شعرك الأبيض بلمعانٍ كمعادن البلاتين…
ماذا دهاك أيها الرجل من هموم الدنيا؟”

فأجابني ظلي من فوره:
“لا تيأس أيها الرجل، فبين الشعر الأسود والشعر الأبيض، انعقدت صداقةٌ مع ضياء القمر فوق مياه بحارٍ اختلفت جغرافيتها،
لكن القمرَ يبقى ضياؤه واحدًا،
لأن أجمل (التاريخ … ) كما قال شاعر من بحرنا المتوسط …(كان غدًا )…!!!!



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السفرة المؤجَّلة: أزمنة لا تموت
- تحت ظلال شجرة النارنج: مدرسة زهاء حديد في بغداد
- جدلية الظل والمصالحة مع الذات : القرين الخفي مرآة ديستوفسكي ...
- بكاء الأمهات على بوابة سجن متخلف..
- البنادق مقابل اللوبستر البحري: مقاربة في الاقتصاد السياسي لم ...
- وزارة الخزانة الأميركية .. قوة إمبراطورية وأسطورة ورقة نقدية ...
- تأميم المصنع الوطني: التاريخ الذي أحزن والدي
- ربطة العنق: متلازمة التعليم والأناقة في بغداد
- حرب السويس تشتعل… وخالتي تبحث عن ابنها
- حكاية خبز .. بين أمستردام ومدينتي
- جون تايلور في بغداد: حين التقت السياسة النقدية بجنرالات اللي ...
- نزار قباني على رصيف الذكرى… ليتني لم أره فرحًا
- مؤتمر باندونغ: يوم هزّ عرش طفولتي
- الحانة الويلزية: ملتقى التاريخ الجامعي والتراث الفيكتوري
- ساعة اليد المتواضعة: الزمن مرآت للطبقات
- زيمبابوي : درس في الانكسارات الاقتصادية
- راس المال الرمزي تحت جدران المدينة المحرمة.
- الصدمة الثقافية: جوهر الانسان و وهم الاختلاف
- دموع الذكريات على سفوح الجبال
- الهوية واللغة والطبقة الاجتماعية: بين ويليام لابوف وإبراهيم ...


المزيد.....




- تيار هابط شديد يضرب منطقة أمريكية.. ما هي هذه الظاهرة؟
- بعد فيضانات مدمرة.. انهيارات أرضية تهدد حياة السكان في المكس ...
- السعودية.. فيديو لسيدتين ترتديان -جرابين لحمل الأسلحة- والأم ...
- الشرع يلتقي بوتين في موسكو: نحاول أن نعرف بسوريا الجديدة في ...
- المحاكمات عن بعد في أنظمة العدالة
- المحاكمات عن بُعد: قلب العلاقة بين القاعدة والاستثناء
- حماس تنفذ إعدامات علنية في غزة والسلطة الفلسطينية تصفها بـ-ا ...
- الأمطار الغزيرة تدمر المكسيك: 64 قتيلاً وعشرات المفقودين
- إسرائيل تفتح معبر رفح للسماح بدخول شاحنات المساعدات إلى غزة ...
- الشرع يلتقي بوتين في أول زيارة له إلى موسكو وتسليم الأسد يتص ...


المزيد.....

- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - مظهر محمد صالح - خليجان يحرسهما قمر واحد – من أزمنة لا تموت رحلة تأملية بين فاليتا وشنغهاي