أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - مظهر محمد صالح - الصدمة الثقافية: جوهر الانسان و وهم الاختلاف














المزيد.....

الصدمة الثقافية: جوهر الانسان و وهم الاختلاف


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 8444 - 2025 / 8 / 24 - 13:21
المحور: قضايا ثقافية
    


عقود طويلة مضت منذ غادرت وطني، قلب الشرق المتوسط، متجاوزًا آلاف الأميال صوب شمال القارة الأمريكية. كان خريف الغربة يغلف أيامي، بين عشق لموروث بلادي وحنين لتقاليدها، وبين شعور خفي بتراجع بعض نواحي الحياة فيها. كنت جائعًا لاكتشاف عالم مختلف، بعاداته ومؤسساته وطرازاته الحياتية، متلهفًا لمعايشة النظام الحازم للمدنية ، من جمال الطبيعة و تقدم التقنيات وعمران المدن ووسائل الاتصال و المصارف و عالم النشر ومحلات التسوق التي طالما سمعت عنها.
ومع وصولي، تكرر القول من حولي ستواجه (صدمة ثقافية-Cultural Shock) فابتسمتُ بداخلي متسائلًا: أي صدمة هذه؟ أنا القادم من أرض شهدت سبعة حضارات، تعاقبت فيها الإمبراطوريات الواحدة تلو الأخرى.
مرت أسابيع قليلة، كنت اتحدث مع سيدة تعمل في قسم اللغات، من أصول ليتوانية شرحت لي الصدمة الثقافية، كما يراها علماء الأنثروبولوجيا وعلم النفس: بدءاً بالانبهار الأول والتفاوض الاجتماعي والتكيف وأخيرًا الاندماج الكامل بين الثقافة الأصلية والثقافة الجديدة.
وفي حديثنا، أبحرتُ معها في تاريخ بلادها ، الشعب الليتواني، آخر شعوب البلطيق، الذي ينحدر من القبائل البلطيقية القديمة، ولغتهم من أقدم اللغات الهندو-أوروبية الحية. تذكرت دوقية ليتوانيا الكبرى، اتحاداتها مع بولندا، ثم السيطرة الروسية ، فالاستقلال و الاحتلال السوفيتي . وتذكرت اثناء حديثنا كيف كان الشعب الليتواني آخر شعب أوروبي يعتنق المسيحية، بعد أن عبد قوى الطبيعة والآلهة المحلية وعلى وفق الديانة البالتية الوثنية.
و مع مرور الوقت، أدركت أن الصدمة الثقافية ليست دائمًا كما يُصورها الآخرون.
ففي خضم حياتي الجامعية، شهدت خلافًا بين أساتذة القسم العلمي الذي سأبدأ حياتي الدراسية العليا معهم ، صخبًا، صياحًا، واحتكاكات لم تفلح أي صدمة ثقافية في تحريكها ..!عندها فهمتُ ان الصدمة الحقيقية لا تكمن في اختلاف الثقافة، بل في النفس البشرية حين تتصارع المصالح.
تأملت تلك اللحظات الصادمة بين القوى الأكاديمة، كي ارى ان الصدمة الثقافية ليست سوى مرحلة مؤقتة، وقد تكون زائفة إذا ما قورنت بعمق التجربة الإنسانية. فالحياة، بتنوعها وتناقضاتها، هي التي تصقل الإنسان وتعلمه كيف يرى الآخر، لا من خلال الاختلاف، بل من خلال الإنسانية المشتركة.
وهكذا، لم تعد الصدمة الثقافية سوى مرآة، تعكس الاختلاف، لكنها تخفي جوهر التجربة الإنسانية .. ما يبدو صادمًا على السطح قد يذوب أمام وحدة تلك التجربة، وتصبح مجرد مرحلة عابرة من التعلم والاندماج، لتظل الحياة هي المعلم الأكبر، بين الشرق والغرب، بين الماضي والحاضر، وبين الإنسان وثقافته.



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دموع الذكريات على سفوح الجبال
- الهوية واللغة والطبقة الاجتماعية: بين ويليام لابوف وإبراهيم ...
- قصابون من نوع آخر..! من دفاتر مفاوضات اقتصادية في لندن …إنه ...
- كارل ماركس في العصر الرقمي: من مانهاتن إلى الاغتراب الآلي
- صيد التروتة من ينابيع الجبال
- مدينةٌ تخفت في جلابيبها.
- سان فرانسيسكو: قوة تكنوقراط ناصحة !
- في الطريق إلى هوليوود: مفارقات لا تنتهي
- الحادي والعشرون من ديسمبر… النور الذي يسبق العاصفة
- المثقف المشرقي على مصفوفة الوحدة : بين ألتوسير وفوكو ودريدا
- الصين وحساسية الدولة العظمى: قوة ناعمة على مائدة الدولة
- شحاذ رقمي تحت الراية الحمراء
- أمُّ العراق… الكوت والجنة تحت قدميها!
- توازن السوق بإشارة سالبة؟ مشادة أكاديمية صامتة!!
- من عصر الفوانيس إلى الطاقة الشمسية: جدل لا ينتهي
- الكرسي المكسور: ذكريات في عالم البيروقراطية الإدارية
- الرهان على الخير في زمن اللايقين
- تدوير النفايات: بين هموم العلماء ومعاناة الفقراء
- ما بين مطرقة الحياة وسندان الغربة: عواطف تحت الثلج
- من تماثيل بوذا إلى رايات هتلر: الصليب المعكوف بين النور والظ ...


المزيد.....




- علي خامنئي: ترامب كشف عن السبب الحقيقي وراء معارضة أمريكا لإ ...
- موسكو تتّهم الدول الغربية بالسعي لـ -تعطيل- مفاوضات السلام م ...
- إيران تستعد لـ-جولة ثانية- وحزب الله يرفع جاهزيته.. إشارات ح ...
- هجوم ناري.. ليبرمان يصف مقترح غانتس لتشكيل حكومة إنقاذ للرها ...
- سكاي سبورتس تضطر للاعتذار لقائد فيردر بريمن بسبب -موقف محرج- ...
- -أكسيوس-: المبعوث الأميركي يبحث مع نتنياهو الحد من قصف لبنان ...
- قلق حقوقي من استخدام الشرطة البريطانية تقنيات -مسح الوجه-
- إسبانيا تسجل أشد موجة حر منذ بدء تسجيل البيانات
- -ثقيلة على الإقلاع-.. طائرة بريطانية تدعو 20 راكبا للمغادرة ...
- غسل محرك السيارة.. متى يكون ضروريا ومتى يصبح ضارا؟


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - مظهر محمد صالح - الصدمة الثقافية: جوهر الانسان و وهم الاختلاف