|
المثقف المشرقي على مصفوفة الوحدة : بين ألتوسير وفوكو ودريدا
مظهر محمد صالح
الحوار المتمدن-العدد: 8421 - 2025 / 8 / 1 - 07:39
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
1- اطار مفاهيمي يشكل المثقف، عبر التاريخ الحديث او المعاصر ، واحدًا من أهم القوى الفكرية التي تصوغ وعي الشعوب والدول، وترسم ملامح الصراع السياسي والثقافي في المجتمعات. ففي الفضاء المشرقي، يتخذ المثقف أدوارًا مركبة تظل محكومة بتداخلات السلطة السياسية و الأيديولوجيا الدينية و البنى الاجتماعية الطائفية والقبلية ، فضلاً عن انعكاسات الاستعمار وما بعد الاستعمار. عبر هذه الكلمات نسعى إلى تكوين او بناء نموذج معرفي نقدي لفهم موقع المثقف ضمن “البنائية المشرقية” التي تُفهم هنا كمصفوفة سلطوية ذات بنى فوقية متشابكة تتصارع بين سلطة رسمية وسلطة موازية، مع تحليلات مستندة إلى فكر الفلاسفة الفرنسيين الثلاثة: لوي ألتوسير، ميشيل فوكو، وجاك دريدا. اذ تُستخدم الورقة البحثية استعارة المصفوفة الرياضية وتحديدا مصفوفة الوحدة (Identify Matrix) لتفسير هذه البنية المركبة، حيث تمثل الوحدة هنا استقلالية كل بنية سلطوية داخل المشهد السياسي والثقافي، وعلى العكس ، تؤكد المصفوفة الصفرية( Zero Matrix )على الترابط والاعتماد البنيوي بين هذه القوى، بما يخلق أزمة وعي مزدوج للمثقف . لذا فان استعارة مصفوفة الوحدة والمصفوفة الصفرية في السياق السلطوي في الرياضيات، تمثل اتجاهين مختلفين. فالمصفوفة الأحادية او مصفوفة الوحدة (Identity Matrix) التي تحمل على قطرها القيم “واحد” وتعبر عن الاستقلال الذاتي لكل عنصر، فهي استعارة فعالة لفهم طبيعة الاستقلال الظاهري في المشرق بين (السلطة الرسمية ) و (السلطة الموازية ) في مركبات البنية الفوقية . بينما تعبر المصفوفة الصفرية (Zero Matrix) عن حالة من الاعتماد المطلق والترابط الكلي في بنية فوقية واحدة، وهي تقارب انموذج يعكس مفهوم (لوي ألتوسير ) حول أجهزة الدولة الأيديولوجية التي تنتج وتحافظ على النظام الاجتماعي عبر استدعاء الأفراد داخل أطر أيديولوجية متشابكة. من هنا، يظهر المثقف في موقع مركزي لا يخلو من التناقضات: فهو مدعو لأن يكون جزءًا من إنتاج هذه الأيديولوجيا، لكنه في الوقت نفسه يحاول تفكيكها، وفي بعض الأحيان يُرغم على تبني خطاب مزدوج ضمن هذه “المصفوفة المزدوجة” .فما بالك في المثقف المشرقي …!! وعليه ، تسعى هذه الورقة البحثية إلى تحليل موقع المثقف في بنية السلطة المشرقية، من خلال مقاربة فلسفية تجمع بين أعمال لوي ألتوسير، وميشيل فوكو، وجاك دريدا. وتستخدم الورقة استعارة رياضية وهي مصفوفة الوحدة مقابل المصفوفة الصفرية—لكشف البنى الفوقية المتصارعة داخل الدولة المشرقية، بين السلطة الرسمية والسلطة الموازية. وتجادل الورقة بأن المثقف في المشرق يتحرك ضمن مصفوفة وعي مزدوج، ينطوي على خضوع أيديولوجي متكرر وشبه قسري لبنى سلطوية متراكبة، ما يجعل دوره أشبه بموقع إشكالي متذبذب بين الرفض والتواطؤ. 2. لوي ألتوسير ودور المثقف في الأيديولوجيا
عُد لوي ألتوسير (1918-1990) من أبرز الفلاسفة الماركسيين الذين حاولوا إعادة تفسير البنية الأيديولوجية للدولة والمجتمع. في مقاله الشهير “الأيديولوجيا وأجهزة الدولة الأيديولوجية” (1970)، قدّم ألتوسير تصوّرًا مفصلاً لكيفية عمل الأيديولوجيا كآلية لإنتاج الخضوع والولاء ضمن المجتمعات الرأسمالية، لكن يمكن تعميم ذلك على مختلف أنظمة السلطة.ولاسيما الأيديولوجيا كأداة هيمنة…!! يرى ألتوسير أن الأيديولوجيا ليست مجرد أفكار خاطئة أو أوهامًا، بل هي نظام يُنظم الوعي ويُستدعى فيه الأفراد إلى مراكز اجتماعية معينة. فالأيديولوجيا تعمل عبر “أجهزة الدولة الأيديولوجية” (Ideological State Apparatuses - ISA) مثل المدارس، الكنائس، وسائل الإعلام، المؤسسات الثقافية، التي تنقل الرسائل التي تحافظ على استمرار البنية الطبقية. كما ان الاستدعاء الأيديولوجي (Interpellation) ، فانه يعد واحد من المفاهيم الأكثر تأثيرًا لألتوسير حيث يتعرض الفرد لاستدعاء أيديولوجي من قبل النظام، فيقوم بالرد كما لو كان يناديه شخص ما، فيتشكل وعيه وهويته في علاقة مهيمنة مع الأيديولوجيا. هنا يبرز المثقف كجزء لا يتجزأ من هذه الشبكة، لا باعتباره ناقدًا خارجيًا، بل كمنتج للمعنى وللوعي داخل هذا السياق. وهو ما يخلق موقفًا مزدوجًا، إذ قد يعتقد المثقف أنه يعارض النظام، لكن في الحقيقة هو يلعب في تدوير الزوايا ضمن نفس اللعبة الأيديولوجية. 3-ميشيل فوكو والسلطة كشبكة معرفية ينظر الى فيلسوف فرنسا ميشيل فوكو (1926-1984) واحد من أبرز المفكرين الذين أعادوا صياغة مفهوم السلطة في الفكر المعاصر. خلافًا لألتوسير، الذي يركز على البنية الأيديولوجية للمجتمع، يذهب فوكو إلى تصور السلطة كشبكة علاقات غير مركزية، تنتشر في الخطابات والمؤسسات والممارسات الاجتماعية. (فالسلطة لديه هي ليست مركزية) حيث يرفض فوكو مفهوم السلطة التقليدي كقوة مركزية تُمارس القمع فقط، ويُبرز أن السلطة هي فعل متبادل، وموزع في كل مكان. السلطة تنتج المعرفة، والمعرفة تُنتج السلطة، في علاقة جدلية لا يمكن فصلهما عنها. كما يرى فوكو في المثقف كمنتج وناقد للخطاب ففي نظره، المثقف ليس حاملًا لسلطة عليا أو حقيبة “الحقيقة” المطلقة، بل هو “منتج للخطابات” التي تؤطر المعرفة والسلطة. وهنا يشارك المثقف في تشكيل ما يعُد معرفة مقبولة، وفي الوقت نفسه يمكنه نقد هذه الخطابات من داخل النظام.
4- جاك دريدا والتفكيك كأداة نقدية
جاك دريدا (1930-2004) هو مؤسس التفكيكية، وهي منهج نقدي يركز على زعزعة الثنائيات الميتافيزيقية التقليدية مثل حضور-غياب، مركز-طرف، دال-مدلول. يرفض دريدا الفكرة القائلة بوجود معنى ثابت أو مركزية مطلقة للسلطة أو اللغة، وعلى النحو للاتي:
أ-التفكيك وإلغاء مركزية المعنى يرى دريدا أن كل نص أو خطاب يحمل في داخله تناقضات تؤدي إلى زعزعة معانيه المركزية. التفكيك ليس مجرد نقد، بل هو إعادة قراءة تكشف كيف تتأجل المعاني ولا تثبت، ما يُعرف بـ”الاختلاف” (différance).
فالمثقف التفكيكيّ في منظور دريدا، هو الذي يقبل بعدم ثبات المعنى، ويعمل على تفكيك الخطابات التي تفرض تفسيرات وحيدة للواقع أو السلطة. هذا الموقف ينطوي على مواجهة مخاطرة عالية، خاصة في سياقات مثل المشرق حيث تسود سرديات السلطة المغلقة.
ب-تطبيق دريدا على البنائية المشرقية
في البيئة المشرقية، يواجه المثقف تحديات تفكيكية مضاعفة: خطاب الدولة الرسمي المتحكم، وخطاب السلطة الموازية المتداخل مع الهوية الطائفية والقبلية. تفكيك هذه الخطابات لا يؤدي بالضرورة إلى بديل جاهز، لكنه يفتح مساحة للشك والاحتمالات، مما يجعل المثقف مدعوًا لتحرير الوعي من الاستبداد الرمزي. 5-البنائية المشرقية: التحليل النظري والتطبيقات العملية
أ-البنائية المشرقية: إطار مفهومي.
تستدعي “البنائية المشرقية” استعارة المصفوفة الرياضية لوصف تركيب السلطة في الدول الشرقية، حيث تتداخل سلطتان أو أكثر منها : -السلطة الرسمية: تمثل المؤسسات القانونية والدستورية، كالبرلمان، القضاء، والإدارة الرسمية. - السلطة الموازية: تشمل البنى القبلية، الطائفية،أو القوى المسلحة خارج الدولة، والتي تمتلك قواعد شرعية بديلة. تشكّل هذه البنى معًا مصفوفة وحدة ذات نصف قطر “واحد” (Identity Matrix)، أي استقلال ظاهر بينهما، لكنه استقلال وهمي في العمق البنيوي. كل منهما يعيد إنتاج الآخر ويعتمد عليه بطريقة أو بأخرى. وقدر تعلق الامر بالمثقف فيمكن الانصراف الى ماياتي:
اولا-دور المثقف في المصفوفة
وفقًا لهذا النموذج: فالمثقف لا يمتلك استقلالية مطلقة في تموضعه السياسي أو الفكري، إذ يُستدعى ويُحتكر ضمن دائرة الأيديولوجيا أو الخطاب المهيمن. و الوقت نفسه قد يشكل النموذج مثقفًا تفكيكيًا، قادرًا على التشكيك في مركزية السلطة عبر إزاحة الحدود المفهومية والرمزية للشرعية. وعليه فالمثقف في المشرق يتجول بين “الخطاب الرسمي” و”الخطاب الموازي ”، مما يولّد وعيًا مزدوجًا: إدراك لإكراهات السلطة، مع محاولة إنتاج نقد داخلي.
ثانيا- أمثلة من الواقع المشرقي تتجلى المصفوفة في تنازع “الدولة العميقة” (المؤسسات الرسمية التي تعاني من الفساد والشلل) مع “السلطة الموازية” المتمثلة بالقوى الطائفية والعشائرية والقوى الحاملة للسلاح خارج الدولة. فالمثقف المشرقي غالبًا ما يُجبر على اختيار موضع أو التوازن بينهما. كما تنقسم السلطة هنا بين مؤسسات الدولة وطوائف متعددة، تمتلك في الوقت نفسه سلطة موازية على الصعيد السياسي والاجتماعي، في تعبير واضح لمصفوفة السلطة الثنائية، حيث يُنتج المثقف خطابًا يعكس أزمة هوية وانتماءً مزدوجاً. ثالثا -إشكاليات وتحديات يولد مثل هذا النظام المتداخل اغترابًا فكريًا يعوق قدرة المثقف على ممارسة النقد المستقل أو الفعل السياسي النابع من وعي حر. بل يغدو المثقف مفتونًا بإحدى السلطتين أو محاصرًا بينهما، مما قد يؤدي إلى تراجع دوره الحيوي في المجتمع. هذا الوضع يُعقّد من إمكانية بناء خطاب بديل قادر على تفكيك الأيديولوجيا السائدة، وتقديم رؤية نقدية فعالة. 6. نقد فلسفي وأيديولوجي لبنائية المثقف في المشرق.
أ-السلطة والسلطة الموازية في المشرق. يتعرض المثقف في الفضاء المشرقي، لشبكة معقدة من السلطة، حيث تتنافس الخطابات الرسمية مع خطابات موازية ((الطائفة، القبلية، الدين….الخ )، وتُمارس أنواعًا مختلفة من السيطرة والتوجيه. يضطر المثقف إلى التحرك بين هذه الخطابات، محاولًا انتزاع هامش للحركة والوعي النقدي، لكنه في غالب الأحيان محاصر بتداخلات السلطة وصراعاتها. ب-أزمة الشرعية وتموضع المثقف في المشرق : اذ يعاني المثقف أزمة شرعية مزدوجة، فهو لا يُقبل كفاعل مستقل أو موضوعي من قِبل السلطة الرسمية، ولا يُحتفى به بوصفه حاملًا لخطاب بديل أو معارض من قِبل السلطة الموازية. هذا يُفضي إلى وضع “المثقف المتردّد” الذي يتقلب بين الولاء والرفض، وغالبًا ما يتعرض للتهميش أو الاستغلال.
ج-استدعاء المثقف كأداة أيديولوجية. فاذا كان المثقف وفقًا لألتوسير، يُستدعى ضمن أجهزة الدولة الأيديولوجية ليُنتج خطابات تدعم النظام القائم ،فان هذا الاستدعاء في المشرق يتعقد بسبب تعدد الأجهزة والمراكز السلطوية. فالمثقف يتحول إلى “منتج معنوي” يخدم أكثر من خطاب في آن واحد، أو يُفرغ من القدرة على النقد الفاعل. د-السلطة والفضاء الخطابي يشير فوكو إلى أن السلطة ليست فقط قمعية، بل تنتج المعرفة. فالمثقف المشرقي هنا يتعامل مع شبكة خطابات متشابكة ومتضادة تتنافس على تحديد المعنى السياسي والثقافي. فالفضاء الخطابي هو ساحة صراع مستمرة، حيث لا توجد سلطة مركزية متفردة، لكن سلطة موزعة لا تترك هامشًا كبيرًا للخطاب النقدي. هـ -المثقف في البنية السلطوية المشرقية في السياق المشرقي، تتعقد هذه الفكرة بسبب تعددية الأيديولوجيات وازدواجية السلطة: وجود الدولة الرسمية إلى جانب سلطات موازية (طائفية، عشائرية، دينية ….الخ ) حيث يمكّن لكل منها من استدعاء المثقف ضمن خطاب شرعيته. هذا الوضع يخلق حالة من الوعي المزدوج، أو ما يمكن وصفه بـ”الاغتراب الفكري”، إذ يُتوقع من المثقف أن يكون “في الوقت نفسه ” تابعًا ومنتقدًا.
و-التفكيك والتحديات العملية
فيما يرى الفيلسوف دريدا أن التفكيك وسيلة لتحرير المعنى من قيود المركزية والثبات. ولكن في الواقع المشرقي، التفكيك الفكري يواجه مقاومة شديدة من قبل الخطابات السلطوية التي تعتمد على الإغراق في ثنائيات حادة، مثل الوطن/الخيانة، الدين/الإلحاد، الهوية/الاغتراب. فالمثقف الذي يمارس التفكيك يُهدد بفقدان الحماية الاجتماعية والسياسية.
ز- المثقف المشرقي: بين السلطة والتمرد تؤدي هذه التركيبة إلى حالة مثقف “ممزق” بين رغبة في التحرر الفكري، وبين الحاجة للبقاء ضمن نطاق مقبول اجتماعيًا وسياسيًا. هذا الانقسام يعيق قدرة المثقف على تقديم خطاب نقدي متماسك وفعّال، ويطرح تساؤلات حول إمكانية وجود مثقف “محرر” في هذا السياق. 6. الخلاصة
برز مفهوم “الدولة الموازية” في التحليلات السياسية المعاصرة كعدسة نقدية لفهم وجود بنى سلطوية خفية، وسيادات غير رسمية، وشبكات نفوذ تعمل على توظيف مؤسسات الدولة الرسمية دون الخضوع لمنطقها الدستوري أو الديمقراطي. وتعمل هذه التشكيلات غالبًا ضمن ما يمكن تسميته بالمصفوفة الاحادية ،وهي منظومة متماسكة ومغلقة، تركّز السيطرة وتُقصي التعدد، تحت ستار الضرورة أو الأمن أو الاستمرارية. يميل هذا البحث الى اعتماد “الوعي التفكيكي” كمنهج تحليلي—وهو نمط من الإدراك النقدي المستند إلى الفكر ما بعد البنيوي، لا سيما في أعمال جاك دريدا وميشيل فوكو. ومن خلال هذه العدسة، نسعى إلى تفكيك الرموز والمجازات والصمت البنيوي الذي يُبقي الدولة الموازية فاعلة ومحصّنة. لا يهدف التفكيك إلى الكشف فقط، بل إلى زعزعة النطاقات المفترضة لهذه البنى، وإعادة تأطيرها ضمن سياقاتها الاجتماعية والثقافية والتاريخية الأوسع. وبالاستناد إلى نماذج من دول ما بعد الاستعمار، والديمقراطيات الهجينة، والسياقات السلطوية المتأخرة ،يحاول هذا البحث تحليل الكيفية التي تعتمد بها الدولة الموازية على منطق أحادي، غالبًا ما يُقدَّم كحتمية أو كأمر طبيعي. حيث تُوظّف هنا استعارة “المصفوفة الأحادية” للدلالة على كيفية اختزال السلطة للتعقيد، وتحويل المجال السياسي إلى حقلٍ أحادي البُعد: الطاعة، الولاء، أو الصمت. في النهاية، سعى هذا البحث إلى إظهار كيف يمكن للفكر التفكيكي أن يكون أداة مقاومة معرفية، قادرة على كشف التصدعات، وتعريّة السرديات المهيمنة، واستعادة التعددية من قلب التماسك السلطوي المزعوم.
واخيرا ،تؤكد هذه الورقة البحثية أن موقع المثقف في الفضاء المشرقي يظل محاطًا بمصفوفة معقدة من السلطة المزدوجة، حيث تتشابك السلطة الرسمية مع سلطات موازية ذات أيدولوجيات متداخلة ومتضادة في آنٍ واحد. فاستعارة المصفوفة الرياضية تُظهِر كيف أن استقلالية كل سلطة على حدة في مصفوفة الوحدة رياضيا Identity Matrix هي (استقلالية سطحية) ، بينما تبقى البنى الفوقية مترابطة بطبيعتها ومرتبطة بشكل وثيق. يرسم فكر ألتوسير، فوكو، ودريدا أطرًا فكرية متكاملة لفهم هذه الظاهرة، حيث يوضح ألتوسير آلية إنتاج المثقف ضمن أجهزة الدولة الأيديولوجية، ويوضح فوكو كيف تتوزع السلطة في الخطابات والممارسات، فيما يفتح دريدا أفق التفكيك لزعزعة المركزية التي تخنق الفكر النقدي. هذه المركبة المعقدة تفرض على المثقف المشرقي تحديات عميقة منها: أ-ضرورة إعادة النظر في موقعه بين السلطتين الرسمية والموازية. ب- استثمار أدوات التفكيك النقدي لفهم الأيديولوجيات المتداخلة دون الانغلاق في حتميات السلطة. ج- السعي إلى بناء خطاب نقدي يجاوز الثنائية السائدة ويستثمر (تعددية المصفوفة )في خلق بدائل معرفية وسياسية. وهو ما يتطلب : اولاً،تعزيز الاستقلالية الفكرية ، ذلك بدعم فضاءات حرة للمثقف بعيدًا عن تأثيرات السلطة الرسمية والموازية، لتوليد خطاب نقدي حقيقي. ثانياً ، تطوير مناهج التفكيك النقدي ، بإدخال أدوات (دريدا ) في المناهج التعليمية والثقافية لتعزيز قدرة المثقف على التشكيك البناء. ثالثا ، تشجيع الحوار بين الخطابات ،اي فتح قنوات حوار بين الفاعلين السياسيين والاجتماعيين والمثقفين لتخفيف التوترات وبناء تفاهمات جديدة. رابعا ،دعم البحث العلمي المستقل كالاستثمار في دراسات مقارنة تعكس تنوع التجارب داخل المشرق وتفكك الأيديولوجيات السائدة.
اهم المراجع - ألتوسير، لوي. (1969). الأيديولوجيا وأجهزة الدولة الأيديولوجية. ترجمة: سعيد بنكراد. باريس: بونثان. - فوكو، ميشيل. (1977). المراقبة والمعاقبة: ولادة السجن. ترجمة: جورج طرابيشي. بيروت: المركز الثقافي العربي. - دريدا، جاك. (1967). الكتابة والاختلاف. ترجمة: سعيد بنكراد. بيروت: دار توبقال. - سعيد، إدوارد. (1994). تمثيلات المثقف. نيويورك: Vintage Books. - باتلر، جوديث. (1997). الحياة النفسية للسلطة. ستانفورد: مطبعة جامعة ستانفورد. - إيغلتون، تيري. (1991). الأيديولوجيا: مقدمة. لندن: Verso. - منصور، عبد السلام. (2010). فلسفة التفكيك والهوية. بيروت: دار المدار الإسلامي. - ناصيف، سمير. (2017). “السلطة والمثقف في المشرق العربي”. مجلة الفكر العربي المعاصر، العدد 142، ص. 45-68. - بودريار، جان. (1994). الاستلاب. ترجمة: رفيق شامي. بيروت: دار التنوير.
#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصين وحساسية الدولة العظمى: قوة ناعمة على مائدة الدولة
-
شحاذ رقمي تحت الراية الحمراء
-
أمُّ العراق… الكوت والجنة تحت قدميها!
-
توازن السوق بإشارة سالبة؟ مشادة أكاديمية صامتة!!
-
من عصر الفوانيس إلى الطاقة الشمسية: جدل لا ينتهي
-
الكرسي المكسور: ذكريات في عالم البيروقراطية الإدارية
-
الرهان على الخير في زمن اللايقين
-
تدوير النفايات: بين هموم العلماء ومعاناة الفقراء
-
ما بين مطرقة الحياة وسندان الغربة: عواطف تحت الثلج
-
من تماثيل بوذا إلى رايات هتلر: الصليب المعكوف بين النور والظ
...
-
كربلاء: فلسفة التضحية ومنهج الإصلاح في مواجهة الاستبداد
-
في تظافر العلوم… تنهض الأمم
-
سيدة الجنوب الاولى ومحراب الحسين: دموع لا تموت…!
-
في بلد نفطي : أمة تغفو… وسحلية تستيقظ
-
الجغرافيا السياسية تحسم الانتصار: من حروب الأرض إلى معركة ال
...
-
حوار الطالب وعامل النظافة : كرامة تلامس البحر
-
الحي 798: ركيزة العاصمة بكين في الاقتصاد البنفسجي
-
وضعت الحرب أوزارها على سجادةٍ إيرانيةٍ شديدةِ التوهج : سردية
...
-
شلالات فكتوريا… ليس هديرها استعمارًا، بل إفريقياً سردية ثقاف
...
-
حيدر آباد: رفاه الحُكم وتواضع الرحيل
المزيد.....
-
مواقف جديدة لإيران بشأن التخصيب النووي: استئناف القتال مع إس
...
-
فيديو- مشاهد مؤثرة لطفل فلسطيني يركض حاملاً كيس طحين وسط واب
...
-
رقم قياسي - هامبورغ تشهد أكبر مسيرة في تاريخها لدعم -مجتمع ا
...
-
ويتكوف يلتقي في تل أبيب عائلات الرهائن الإسرائيليين المحتجزي
...
-
-واشنطن بوست- تنشر صورا جوية نادرة تكشف حجم الدمار الهائل ال
...
-
المبعوث الأمريكي ويتكوف يلتقي في تل أبيب عائلات الرهائن الإس
...
-
-ما وراء الخبر- يناقش أهداف زيارة الرئيس الإيراني لباكستان
-
والد الطفل عاطف أبو خاطر: أولادنا يموتون تجويعا أو تقتيلا عن
...
-
مصادر إسرائيلية: أسبوع حاسم ستتخذ فيه قرارات تغير وجه الحرب
...
-
رئيسها زار باكستان.. هل بدأت إيران ترتيب الميدان لحرب جديدة؟
...
المزيد.....
-
الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي
...
/ فارس كمال نظمي
-
الآثار العامة للبطالة
/ حيدر جواد السهلاني
-
سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي
/ محمود محمد رياض عبدالعال
-
-تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو
...
/ ياسين احمادون وفاطمة البكاري
-
المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة
/ حسنين آل دايخ
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|