أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - مظهر محمد صالح - من عصر الفوانيس إلى الطاقة الشمسية: جدل لا ينتهي














المزيد.....

من عصر الفوانيس إلى الطاقة الشمسية: جدل لا ينتهي


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 8407 - 2025 / 7 / 18 - 04:49
المحور: قضايا ثقافية
    


أوشكت أعمارنا أن تقارب الثمانين عاماً ، وما تزال بلادنا تُدار في محنة جدلية حول تعاقب الأجيال، صراعٌ ناعمٌ ولكنه عميق، التحم فيه بقايا القديم من أمثالنا، مع طموحات جيل جديد يسكنه المستقبل ويُدعى بـ”جيل Z” (جيل الالفية الرقمية ، الذي ولّد والنور بين كفيهِ .. شاشة وانترنت ومعلومات فورية ،
انه جيل الثورة التكنولوجية الرابعة في عصر المعلوماتية).
فكلٌّ يتناول قضايا البلاد من زاويته ، وأشدّها احتدامًا في زمن الصيف العراقي اللاهب، هو ذلك النقاش المتجدد عن الطاقة ، تلك التي كانت يومًا ما فانوسًا زيتياً، وأصبحت اليوم تقنيات طاقة شمسية مستقلة، يتوسّم الناس فيها الخلاص.

وسط هذه النقاشات، يثور السؤال العصي: أيهما أفضل؟ شراء منظومات شمسية مستقلة تعمل تحت شمس لا ترحم، أم الاعتماد على مولدات زيت الغاز، بما لها وما عليها من كلفة وصيانة وتلوث!

حزنت جارتنا على ولدها حسام، الطالب في دروس خصوصية عبر الإنترنت ، وهو من هذا الجيل الذي لا يعرف من الماضي إلا ما تعرّف عليه عبر رقائق السيليكون. انقطعت الكهرباء لمدد طويلة، كعادتها في صيفنا القاسي، فتوقفت الدروس الرقمية وتعطلت الأحلام.

جمعت جارتنا ما لديها من مال لتدعم ولدها، لعلّه يحظى بمعدل عالٍ يوصله إلى كلية مرموقة ، لكن الكهرباء خانتها، وكأنّ المستقبل ذاته قد تراجع خطوة للوراء.

انقطع تجهيز الكهرباء بأنواعهِ ، وبدأت جلسات المحلة: الكل يبحث عن بدائل ، البعض يدعو للطاقة المتجددة، وآخرون يدافعون عن المولدات التقليدية. تدخل جَدّ حسام ، وهو رجل متقاعد من اجيال عصر الفانوس، حيث جلس يحسب مقدار الطاقة التي يحتاجها ليكفي أسرته، في هذا المناخ الحار الذي غطّى حوض المتوسط، بعد أن هدأت معاركه الجيوسياسية ، هنا شارك جيل Z في النقاش، يدافع عن الطاقة النظيفة، البيئة، والاستدامة. يقابله من يُفضّل زيت الغاز، لأنه يعرفه ويديره، ولأن كلفته قد تكون أرخص أو على الأقل مفهومة. كانت النقاشات تدور، لكن ما لم يتغير هو قلقنا على حسام، ذلك الشاب الذي يختصر الصراع كله: بين الرغبة في تعليم نوعي رقمي وبين صعوبة توفير مناخات الطاقة المستدامة .

عُدّت بذاكرتي إلى خمسينيات القرن الماضي، إلى مدينتنا الصغيرة، حيث كان الطلبة الأذكياء يتنازعون الدراسة على ضوء الفانوس، أو يتجمعون تحت مصباح شارع خافت. كنت صبيًا أسمع الجدل بين قواعد اللغة والرياضيات، وذات مرة قلت: “إنه مضاف ومضاف إليه”، ودهش الحاضرون من الدقة، وتبيّن لاحقًا أني كنت محقًا، وبفطرة تعلمتُ حكمتها في الظلام.

انتهت تلك السنة، ونجح من درسوا على الفوانيس. أحدهم دخل كلية الطب، وآخر نال بعثة في الهندسة. اليوم، يعود التاريخ بصورة أكثر تعقيدًا: الجدل هو هو، لكن الأدوات تغيّرت، والمستقبل يُختبر على شاشة رقمية، لا ورقة امتحان.
فبين طموحات الطاقة المتجددة وظروف الطاقة التقليدية، وبين ضوء الفوانيس البسيط وإشعاع اللوحات الشمسية، يبقى جيل A ومن قبله ، جيلنا نحن، شاهدًا على عبور الزمن، يرافقه جيل Z الذي لا يرى إلا المستقبل على لوحة رقمية .
لكن في النهاية، يبقى حسام واحدًا، رمزًا لجيل ينتظر فرصته وسط صراع لم يُحسم بعد: جدل الطاقة.. وجدلية الحياة.



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكرسي المكسور: ذكريات في عالم البيروقراطية الإدارية
- الرهان على الخير في زمن اللايقين
- تدوير النفايات: بين هموم العلماء ومعاناة الفقراء
- ما بين مطرقة الحياة وسندان الغربة: عواطف تحت الثلج
- من تماثيل بوذا إلى رايات هتلر: الصليب المعكوف بين النور والظ ...
- كربلاء: فلسفة التضحية ومنهج الإصلاح في مواجهة الاستبداد
- في تظافر العلوم… تنهض الأمم
- سيدة الجنوب الاولى ومحراب الحسين: دموع لا تموت…!
- في بلد نفطي : أمة تغفو… وسحلية تستيقظ
- الجغرافيا السياسية تحسم الانتصار: من حروب الأرض إلى معركة ال ...
- حوار الطالب وعامل النظافة : كرامة تلامس البحر
- الحي 798: ركيزة العاصمة بكين في الاقتصاد البنفسجي
- وضعت الحرب أوزارها على سجادةٍ إيرانيةٍ شديدةِ التوهج : سردية ...
- شلالات فكتوريا… ليس هديرها استعمارًا، بل إفريقياً سردية ثقاف ...
- حيدر آباد: رفاه الحُكم وتواضع الرحيل
- الولايات المتحدة في الشرق الاوسط: حربٌ بلا حرب
- سلطان إبراهيم: السمك الذي يحسم الجدل
- سور الصين العظيم . جدار الذاكرة … جدار الأمة
- اطفال الآيس كريم في قاعة صندوق النقد الدولي: تربية ناعمة في ...
- رُعاة البقر والهواتف الذكية: تأملات على هامش زيارة إلى كنساس ...


المزيد.....




- تحليل.. باستخدام المعادن النادرة والدبلوماسية البارعة والكثي ...
- كلب يشعل حريقًا في منزل مالكه.. كاميرا مراقبة ترصد مشهدًا صا ...
- ترامب يسعى للاستفادة من زخم اتفاق غزة.. كيف؟
- بعد انهيار الهدنة.. الدوحة تستضيف محادثات بين كابول وإسلام آ ...
- حملة -نحو قانون عادل للإجراءات الجنائية-: موقفنا من تعديلات ...
- اتهامات بوجود -أثار تعذيب- على جثامين فلسطينيين سلمتها إسرائ ...
- هل يتعلم الجنين اللغات الأجنبية وهو في رحم أمه؟
- بعد تدهور سمعته.. الأمير البريطاني أندرو يتخلى عن لقبه الملك ...
- بين الفَوضى الخَلّاقة والتَّدمير الخَلّاق
- وكالة التصنيف الائتماني -ستاندرد آند بورز- تخفض تصنيف فرنسا ...


المزيد.....

- الفاكهة الرجيمة في شعر أدونيس / د. خالد زغريت
- المفاعلة الجزمية لتحرير العقل العربي المعاق / اسم المبادرتين ... / أمين أحمد ثابت
- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - مظهر محمد صالح - من عصر الفوانيس إلى الطاقة الشمسية: جدل لا ينتهي