أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - مظهر محمد صالح - في تظافر العلوم… تنهض الأمم














المزيد.....

في تظافر العلوم… تنهض الأمم


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 8393 - 2025 / 7 / 4 - 01:44
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


قرأتُ مؤخرًا مقالًا بالغ الأهمية للأستاذ الجليل الدكتور إسماعيل محمود محمد العيسى بعنوان:
“حين تتقاطع العلوم… تنهض الأمم”،
وقد أيقظ في ذهني ذكرى شخصية تعود لأكثر من أربعين عامًا، حين كنت طالبًا في إحدى الجامعات في شمال القارة الامريكية في مطلع دراستي العليا.
ففي أحد أيام الشتاء القاسي، اضطررت للانتقال من قاعة محاضرات إلى أخرى، وكان عليّ أن أعبر ممرًا تحت الأرض تصطف على جانبيه القاعات الدراسية، وقد تراكمت الثلوج في أنحاء الجامعة ، والبلاد من فوقنا كلها تغرق بعواصف الثلج بلا هدنة ترحم. وبينما كنت أبحث عن قاعتي، لمحت طالبًا ذا ملامح عربية يقف أمام إحدى قاعات الدرس.
استوقفني المشهد، وعدت إليه مبتسمًا بدافع من رغبة التعارف وفضول الغربة ، حيّاني بأدب، وأخبرني أنه يحمل شهادة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية. فسألته بدهشة:
“أظنك تتابع دراستك العليا في مجال الهندسة؟”
فأجاب بثقة وهدوء
“كلا، أنا أدرس لنيل شهادة الماجستير في إدارة الأعمال (MBA).”
استغربت هذا الانتقال الحاد بين تخصصين مختلفين، وسألته عن العلاقة بين الهندسة والإدارة. فأجابني بجملة لا تزال ترنّ في أذني حتى اليوم:
“الاتجاه المعرفي في أمريكا الشمالية، ومنذ أكثر من 25 عامًا، يقوم على التظافر المعرفي (Cognitive Synergy). فبرامج الدراسات العليا في إدارة الأعمال تشترط أن تضم نسبة لا تقل عن 25% من الطلبة ذوي الخلفيات الهندسية، بهدف تخريج جيل من التكنوقراط، يجمع بين الكفاءة التقنية والقدرة الإدارية، لقيادة الشركات ومؤسسات الإنتاج ضمن مسار معرفي متكامل.”
لقد أدهشتني هذه الرؤية المبكرة وأدركت حينها أن الأمم المتقدمة لا تراهن على التخصصات المنعزلة، بل على دمج العوالم المعرفية المختلفة، لبناء نخب قيادية تمتلك أدوات التحليل الهندسي، والرؤية الاقتصادية، والحكمة الإدارية، في آن واحد.
وكان ذلك اللقاء العابر في ممر جامعي تحت الأرض، أعمق في دلالته من كثير من المحاضرات. أدركت فيه كيف تصنع الدول نهضتها الحقيقية عبر تكوين الإنسان الشامل، لا المختزل في حقل واحد او (سايلو) معرفي واحد.
ما أحوجنا اليوم، في مواجهة تحديات التنمية والتكنولوجيا والإدارة، إلى إعادة النظر في فلسفة التعليم العالي. فالمستقبل يتطلب قادة يملكون قدرة الربط بين المعرفة العلمية والتطبيق العملي والفكر الاستراتيجي، وهم يتنقلون بسلاسة بين منطق الأرقام، وحسّ التنظيم الى بعد الرؤية.
إن مفهوم التكامل المعرفي لم يعد ترفًا فكريًا، بل ضرورة حضارية لكل أمة تسعى إلى النهضة المستدامة.
ولعلّ لقاءً بسيطًا قبل أربعة عقود، في جامعة بعيدة عن الشرق قاعاتها الدراسية بمنأى عن تراكم الثلج وعواصفه التي لاترحم شمالاً وجنوباً ، حمل في طياته بذور هذه الفكرة العميقة الدافئة في تظافر المعرفة في قلب الغرب .
لقد أثبتت شواهد العصر التكنولوجي الراهن أن قلة التظافر المعرفي والانغلاق داخل الحقول التخصصية الضيقة قد قادت إلى انهيار منظومات شركات كبرى، لم تصمد أمام سرعة اختزال الزمن بفعل عجلات الابتكار المعتمدة على تكامل أكثر من حقل معرفي واحد.
وهي السمة الأبرز في عالم الاقتصادي جوزيف شومبيتر، الذي بشّر بمفهوم ‘الهدم الخلّاق ، حيث لا مكان للجمود. وقد مثّل انهيار شركتي كوداك ونوكيا أوضح تجسيد لهذه الظاهرة ، إذ فشلتا في مواكبة التحول التكنولوجي الناشئ عن تلاقح المعرفة الرقمية مع الإدارة والإنتاج.



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيدة الجنوب الاولى ومحراب الحسين: دموع لا تموت…!
- في بلد نفطي : أمة تغفو… وسحلية تستيقظ
- الجغرافيا السياسية تحسم الانتصار: من حروب الأرض إلى معركة ال ...
- حوار الطالب وعامل النظافة : كرامة تلامس البحر
- الحي 798: ركيزة العاصمة بكين في الاقتصاد البنفسجي
- وضعت الحرب أوزارها على سجادةٍ إيرانيةٍ شديدةِ التوهج : سردية ...
- شلالات فكتوريا… ليس هديرها استعمارًا، بل إفريقياً سردية ثقاف ...
- حيدر آباد: رفاه الحُكم وتواضع الرحيل
- الولايات المتحدة في الشرق الاوسط: حربٌ بلا حرب
- سلطان إبراهيم: السمك الذي يحسم الجدل
- سور الصين العظيم . جدار الذاكرة … جدار الأمة
- اطفال الآيس كريم في قاعة صندوق النقد الدولي: تربية ناعمة في ...
- رُعاة البقر والهواتف الذكية: تأملات على هامش زيارة إلى كنساس ...
- هل بقي للحياة من طَعم؟
- في سنغافورة: الألماس خلف الزجاج، و الفقراء خلف الأمل
- مصافحة دبلوماسية ناعمة بلا عناء ولكن…؟
- لماذا يرتفع الدينار العراقي في السوق الموازي ؟.
- بين العقل والمال : رحلة في دهاليز التفكير الطبقي…!!
- بين انحناء العامل واستواء السوق:قراءة في وهم التكافؤ
- القمة العربية الاولى في الكويت : ذكريات حزينة برفقة الرئيس ا ...


المزيد.....




- البيت الأبيض: ترامب -فوجئ- بتصرفات إسرائيل في غزة وسوريا.. و ...
- وصفها بالمبادرة -غير المسؤولة-... وزير الخارجية الفرنسي ينتق ...
- كشفتها حبيبته الأخيرة.. نشر أسرار حصرية عن أينشتاين في كتاب ...
- محكمة مصرية تأمر بشطب اسم الناشط علاء عبد الفتاح من قائمة ال ...
- -تروث سوشيال- مرآة لتقلبات ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض ...
- مخاطر حقيقية بأفريقيا بعد تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية ال ...
- وزراء ونواب إسرائيليون يطالبون بضم الضفة أسوة بالجولان
- إيران تستبق اجتماع اسطنبول بإتهام الاوروبيين بالتقصير بتنفيذ ...
- اختبار الثقة بين الإيكواس وتحالف الساحل
- هذا هو حلم إسرائيل الأكبر في سوريا


المزيد.....

- نبذ العدمية: هل نكون مخطئين حقًا: العدمية المستنيرة أم الطبي ... / زهير الخويلدي
- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - مظهر محمد صالح - في تظافر العلوم… تنهض الأمم