أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مظهر محمد صالح - بين العقل والمال : رحلة في دهاليز التفكير الطبقي…!!















المزيد.....

بين العقل والمال : رحلة في دهاليز التفكير الطبقي…!!


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 8351 - 2025 / 5 / 23 - 20:15
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


واصل دونالد ترامب سيرهُ على الرصيف المؤدي الى شارع المال في مدينة نيويورك ليتوقف فجأة أمام شحاذ افترش الارض وهو يقلب الكثير من اللاشيء سوّى بضعة سنتات ودولارين غطتا تلك القطع النقدية المعدنية في كاس كوكا كولا فارغ .  نظر ترامب الى ذلك الفقير بعين من الأسى محدثاً إياه: إنك أيها الرجل تمتلك صفر من الثروة وانا مدين بمبلغ 900 مليون دولار بعد ان فقدتُ ثروتي كلها فإنك بالمحصلة اغنى مني!  اجابه الشحاذ مبتسماً انا حقاَ اغنى منك.  ولكن ماذا ان حصلت على المال ثم خسرته، حينها سأكون من الفاشلين، وربما قد اخسر صحتي وانا احاول ان اجمع الثروة، وقد لا اعرف إن كان الناس سيحبونني لشخصي ام من اجل اموالي؟  واخيراً، يمكن ان اتعرض الى السرقة وعندها سأخسر الثروة فضلاً عن خسارة مكاني الذي اشحذ فيه على رصيف شارع وول ستريت في مركز نيويورك مدينة الثروة والمضاربات المالية.
غادر ترامب ذلك الشحاذ وهو يسبق الخطى للالتقاء بصديق سيساعده على استعادة ثروته مجدداً ولكنه ظل يردد في سره بان التيارات الرئيسة السائدة في علم الاقتصاد مازالت تستخدم نماذج المنفعة المتوقعة ودور العوامل العقلانية عند استخدامها في التحليل الاقتصادي واختبار نماذج التحليل.  هنا توقف ترامب وهو يُحدّث نفسه كرة اخرى قائلاً: ان العديد من تلك التحليلات لم تستطع ان تفسر كيف يمكن الحصول على الثروات التي تحققها الطفرات الاقتصادية وكيف تُشكل تلك الثروات مجدداً! مع ذلك، احتفظ بصورة “رجل الأعمال الناجح”، وهو ما يعكس مهارة في إدارة السمعة رغم الضغوط التي لاحقتني .
ففي عالمٍ يتسارع فيه الاقتصاد وتتصاعد فيه الفروقات الطبقية ، لا تُقاس قرارات البشر فقط بالأرقام أو بالمكاسب والخسائر، بل أيضًا بما يجري داخل أدمغتهم ،فكيف يؤثر المال أو غيابه على طريقة تفكيرنا؟
و هل يفكر الأغنياء بطريقة مختلفة عن الفقراء، أم أن البيئة والضغوط تغير من آلية عمل عقولنا ذاتها؟
انه علم الاقتصاد العصبي، الذي بات يجمع بين الاقتصاد، وعلم النفس، وعلوم الدماغ، اذ يقدّم اليوم أدوات جديدة لفهم دهاليز التفكير الطبقي، حيث لا تكون القرارات مجرد اختيارات عقلانية، بل نتاجًا لتفاعلات عصبية معقدة، محفوفة بالخوف، والأمل، والإجهاد، والحرمان أحيانًا.
ففي هذه الرحلة، نغوص معًا في أعماق الدماغ، لنفهم كيف يتخذ الفقير قرارًا ماليًا تحت ضغط الاحتياج، ولماذا يميل الغني للمخاطرة أحيانًا دون قلق. لنكتشف كيف يغيّر المال الطريقة التي نرى بها العالم، وكيف يعيد الفقر برمجة العقل على البقاء بدلًا من النمو.
ربما لم يدرك دونالد ترامب ظهور ما يسمى بعلم الاقتصاد العصبي  Neuroeconomics
وهو من العلوم السلوكية التي تشكلت من خليط علوم الاعصاب وعلوم الاقتصاد كما نوهنا ، اذ حاول هذا العلم ايجاد مشتركات في التصرف ازاء تعظيم المنفعة ومقاييس الاستجابة العصبية والتي تركز جميعها على دور الدماغ في تدفق الدم ،فالدماغ يتكون حقاً من مقاطع وانظمة عديدة تتعامل جميعها في توجيه صنع القرار.
، فالعديد من القرارات تُتخذ في إطار ظروف محفوفة بالمخاطر، لذلك تتجه النزعة الانسانية إما صوب تحمل المخاطر بغية تعظيم المنفعة، او نحو تجنب المخاطر والتضحية بجانب من المنافع.  فقد كشفت البحوث والدراسات في الولايات المتحدة الامريكية ان هنالك الكثير من الامور الاستثنائية والشاذة والانماط الشائعة من التصرفات التي غدت جميعها لا تتلائم ومبدأ تعظيم المنفعة والتي منها تلك النزعة المتجنبة للمخاطر risk aversion التي كان يمارسها شحاذ وول ستريت وهو يفترش الرصيف حين واجهه دونالد ترامب المجازف الذي بات مفلساً.
مر ترامب بتجارب خسارة مالية وتجارية كبيرة قبل أن يصبح رئيسًا للولايات المتحدة، وهي تجارب كثيرًا ما تُستخدم كمثال على التقلبات في عالم المال والقرارات عالية المخاطر، وحتى في بعض الأحيان كمادة لدراسة السلوك الاقتصادي من منظور علم الاقتصاد العصبي وان تلك الإفلاسات كانت نتيجة قرارات استثمارية محفوفة بالمخاطر في قطاع الكازينوهات والعقارات. كما عد ترامب انموذجًا لما يسمى بـ “القرارات عالية المخاطرة عالية العائد High-risk, high-reward”.
فمن المحتمل أن يكون لديه ميل عصبي للمخاطرة، وقدرة على تجاهل الخوف من الفشل، وهو ما يترافق مع نشاط منخفض نسبيًا في مناطق الدماغ المرتبطة بالخوف أو الحذر، مثل اللوزة الدماغية (amygdala).
وهكذا يوضح لنا علم الاقتصاد العصبي بان ثمة مناطق متعددة في الدماغ تختلف في درجة تحسسها إزاء موضوع تحديد المخاطر او حالة اللايقين ازاء التصرفات الانسانية المتعلقة باتخاذ القرار الاقتصادي، والتي تتوقف على شكل وتركيب وطبيعة القشرة الخارجية لمقدمة العقل البشري.  فبالوقت الذي يركز فيه الفقراء على احتمالات الخسارة مهما كانت ضئيلة يركز الاغنياء على احتمالات الربح مهما كانت ضئيلة ايضاً.  فكل فريق ينظر الى القدح المملوء نصفه بالماء.  فالفقراء يعتقدون ان عليهم معرفة كل شيء مقدماً وضرورة الحصول على المعلومة عند كل ردة فعل وهو امر لا يتيسر حصوله لارتفاع تكاليفه ، في حين يبقى الاغنياء وحدهم من يمتلك المحفظة المعلوماتية لاتخاذ قراراتهم المعظِمة لمنافعهم utility maximisation وهي حكراً في متناول ايديهم وشبكة اعصابهم في تعظيم ثروتهم مهما كان تركيب قشرة ادمغتهم التي وعدنا بها علم الاقتصاد العصبي!.
فاذا كان الاقتصاد التقليدي يفترض أن الأفراد عقلانيون ويعملون دائمًا على تعظيم منفعتهم ، فان الاقتصاد العصبي يُظهر أن اتخاذ القرار ليس دائمًا عقلانياً، بل يتأثر بالعواطف، والحدس، والتحيزات، والنشاط العصبي.
ختاما، يبقى علم الاقتصاد العصبي (Neuroeconomics) كما ذكرنا هو حقل متعدد التخصصات يدمج بين علم الاقتصاد، وعلم الأعصاب، وعلم النفس المعرفي، بهدف فهم كيفية اتخاذ الأفراد للقرارات الاقتصادية.
اذ يهتم هذا العلم بدراسة العمليات العصبية والذهنية التي تقف وراء السلوك الاقتصادي، مثل اتخاذ القرار، والمخاطرة، والمكافأة، والتفضيلات الشخصية ،ما يقتضي من صناع القرار في عالم الاسواق الحرة تصميم حملاتهم التسويقية الفعالة بناءً على فهم كيف سيستجيب الدماغ للإعلانات والدعاية ،كذلك تطوير سياساتهم لتأخذ في الاعتبار التحيزات المعرفية لدى الناس.فضلاً عن تحسين استراتيجيات التفاوض أو الاستثمار بناءً على فهم أعمق لآليات اتخاذ القرار. انه عالم اقتصادي شديد التعقيد والصراع والتفكير والتفاوت في بناء الثروات او نهبها …!!!

 



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين انحناء العامل واستواء السوق:قراءة في وهم التكافؤ
- القمة العربية الاولى في الكويت : ذكريات حزينة برفقة الرئيس ا ...
- الكادح الريعي بين السركال والسجان .. قصة من حياتي .
- كيمياء المالية العامة العراقية في مواجهة التحديات الخارجية ع ...
- الامبريالية المالية و الماركنتالية الجديدة تحت راية واحدة : ...
- نهاية الحرب الروسية الاوكرانية:القطبية الثنائية وتجارة الصدا ...
- صناعة القطبية الثنائية: روسيا والترامبية الجديدة
- الوزير روبيو ويوم الاربعاء في الذاكرة البغدادية.
- روسيا وايران والشرق الاوسط الجديد. وجهة نظر…!!
- الحرس الجديد لملء الفراغ السياسي الريعي التقليدي في البلاد.
- الترامبية الجديدة : امبريالية بلا تكاليف..!!
- مكان خلا من صورته: خاطرة في بنك هولندا المركزي.
- صعود القوة وهبوط الديمقراطية : اميركا في حوار بين الدبلوماسي ...
- حكيم الاستثمارت في الاسواق الرمزية : راي داليو ..!!
- نهايات حروب الشرق الاوسط بين كثافة الدولة -الامة وكثافة الاي ...
- ثمن الاغتراب القسري :الكانتونية السورية انموذجاً ..
- عندما نتنفس الحرية في لحظة بيضاء او داكنة.
- علم الانسان البغدادي او الانثروبولوجيا البغدادية.
- ذوبان الدولة-الامة في الدولة-العائلة..!! المسألة السورية
- تشغيل الخط النفطي العراقي السوري / سيناريو افتراضي


المزيد.....




- وزارة الخزانة الأمريكية تصدر قرارا بتخفيف العقوبات على سوريا ...
- -رويترز- عن مصادر: -أرامكو- السعودية تدرس بيع أصول لتوفير ا ...
- بينهم الرئيس الشرع.. ‏الخزانة الأمريكية تصدر ترخيصا عاما بال ...
- وادي نيلم في كشمير.. جنة حولتها الهند لجحيم
- بوتين: نسعى لزيادة صادرات الأسلحة الروسية
- ترامب يوقع أوامر تنفيذية لتخفيف القيود التنظيمية وتوسيع إنتا ...
- وصل لكام؟ أسعار الذهب في مصر اليوم السبت 24 مايو 2025 بجميع ...
- الاتحاد الأوروبي يطلب توضيحا بشأن تهديد ترامب بفرض رسوم بنسب ...
- العقوبات الأميركية الجديدة على السودان.. اقتصادية أم سياسية؟ ...
- خفض أسعار الفائدة في مصر 2025.. مفاجأة منالبنك المركزي المصر ...


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مظهر محمد صالح - بين العقل والمال : رحلة في دهاليز التفكير الطبقي…!!