أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - مظهر محمد صالح - الهوية واللغة والطبقة الاجتماعية: بين ويليام لابوف وإبراهيم كُبّة














المزيد.....

الهوية واللغة والطبقة الاجتماعية: بين ويليام لابوف وإبراهيم كُبّة


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 8439 - 2025 / 8 / 19 - 02:46
المحور: قضايا ثقافية
    


كان العام 2004 قد غيّب عالمين جليلين قلّ نظيرهما، أمسك كلٌّ منهما بخيط واحد من عِلمٍ تقوم مداخله ومخارجه على مدرسة في اللغات عُرفت باسم اللسانيات الاجتماعية (Sociolinguistics).

هذه المدرسة التي تُعنى بدراسة العلاقة بين اللغة والمجتمع، ارتبطت باسم عالم اللسانيات الأمريكي ويليام لابوف (William Labov، 1927–2004)، أستاذ جامعة هارفرد، والذي يُنظر إليه كأب مؤسّس لعلم اللسانيات الاجتماعية وأحد أبرز علماء اللغة في القرن العشرين. ركّز لابوف على قضايا مثل: اللهجات، الفصحى والعاميات، اللغة والهوية، واللغة والطبقة الاجتماعية. وأثبت أنّ الاختلافات اللغوية ليست انحرافًا عن “اللغة الصحيحة”، بل أن لها قواعدها وتاريخها الاجتماعي.

ومن أبرز أبحاثه كتابه الشهير التدرج الاجتماعي للغة الإنجليزية في مدينة نيويورك (The Social Stratification of English in New York City)، حيث حلّل ، كيف يختلف النطق تبعًا للطبقات الاجتماعية، وكيف تتحوّل اللهجة المحلية مع تغيّر الهوية الثقافية للسكان.
كما درس الظاهرة في جزيرة مارثا فينيارد عام 1966، مؤسسًا لفرع جديد من دراسة العلاقة بين الهوية واللغة والمجتمع.

أما في العراق، فقد غاب في العام نفسه الاقتصادي والمفكّر الكبير إبراهيم كُبّة (1919–2004). نسمّيه “عالِمًا” لأنه لم يكن مجرّد كاتب أو سياسي، بل قدّم إسهامات علمية رصينة في الاقتصاد وتاريخ الفكر الاقتصادي والفكر الاجتماعي. استخدم النقد الماركسي كأداةٍ لتفكيك التيارات الفكرية الاقتصادية، دون تعصّب أيديولوجي، فكان صاحب مدرسة فكرية في الاقتصاد، لا منتمٍ لحزبٍ أو أيديولوجيا ضيقة.

إلى جانب كونه اقتصاديًا مرموقًا، امتلك إبراهيم كُبّة معرفة بسبع لغات أوروبية، جعلته يتتبع أصولها وتأثيراتها في المشرق العربي، وهو ما وضعه في تماس مع اللسانيات والمجتمع والاقتصاد معًا. كان يبحث في اجتماعيات الاقتصاد ، في بنية الفكر الاقتصادي وعلاقته باللغات والمجتمعات، ما جعله أقرب إلى عالم لسان واقتصاد في آن واحد.

تميّز كُبّة بصرامته الأكاديمية وقدرته على الفصل بين الخطاب السياسي والدراسة العلمية. وفي زمنٍ هيمن فيه الجدل الأيديولوجي، جاء كُبّة ليؤسّس خطابًا أكاديميًا صارمًا يستند إلى النظرية والبيانات والتحليل النقدي. وخلّدته كتبه كأعمالٍ مرجعية لا مجرد ترجمات أو تبسيطات ، مثل الاقتصاد السياسي والرأسمالية المعاصرة والاقتصاد العراقي وكتاب دراسات في تاريخ الاقتصاد والفكر الاقتصادي.

ولعل أجمل أمثلته التعليمية كانت حين يشرح لطلابه تبدّل اللهجات والطبقات الاجتماعية عبر مئة كيلومتر في العراق، أو حين يربط بين المفردات ذات الأصل الواحد في اللسانيات الاجتماعية: من كلمة circle بالإنكليزية إلى العاميات العراقية مثل جرخ (آلة الحدادة)، جراخ (مهنة شحذ السكاكين)، چراوية (غطاء رأس)، وچرگ (خبز دائري) كلّها تنحدر من فكرة الشكل الدائري، لكنها تتوزع عبر الحقول الاجتماعية والوظائف الحياتية عبر المجتمعات.

هكذا ، بين لابوف في نيويورك وكُبّة في بغداد، تقف عاصفة من اللسانيات الاجتماعية تجمع الشرق بالغرب، في تفاعلٍ متواصل بين الهوية واللغة والطبقة الاجتماعية.



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصابون من نوع آخر..! من دفاتر مفاوضات اقتصادية في لندن …إنه ...
- كارل ماركس في العصر الرقمي: من مانهاتن إلى الاغتراب الآلي
- صيد التروتة من ينابيع الجبال
- مدينةٌ تخفت في جلابيبها.
- سان فرانسيسكو: قوة تكنوقراط ناصحة !
- في الطريق إلى هوليوود: مفارقات لا تنتهي
- الحادي والعشرون من ديسمبر… النور الذي يسبق العاصفة
- المثقف المشرقي على مصفوفة الوحدة : بين ألتوسير وفوكو ودريدا
- الصين وحساسية الدولة العظمى: قوة ناعمة على مائدة الدولة
- شحاذ رقمي تحت الراية الحمراء
- أمُّ العراق… الكوت والجنة تحت قدميها!
- توازن السوق بإشارة سالبة؟ مشادة أكاديمية صامتة!!
- من عصر الفوانيس إلى الطاقة الشمسية: جدل لا ينتهي
- الكرسي المكسور: ذكريات في عالم البيروقراطية الإدارية
- الرهان على الخير في زمن اللايقين
- تدوير النفايات: بين هموم العلماء ومعاناة الفقراء
- ما بين مطرقة الحياة وسندان الغربة: عواطف تحت الثلج
- من تماثيل بوذا إلى رايات هتلر: الصليب المعكوف بين النور والظ ...
- كربلاء: فلسفة التضحية ومنهج الإصلاح في مواجهة الاستبداد
- في تظافر العلوم… تنهض الأمم


المزيد.....




- لقطات تفطر القلب.. فتيات يتيمات ينهلن بالدموع بحفل تخرجهن في ...
- ماذا تعني الضمانات الأمنية لأوكرانيا؟
- إيران أمام -معضلة استراتيجية- بعد الحرب مع إسرائيل: تفاوض صع ...
- عزلة وفقر.. الجزيرة نت تستطلع أحوال نازحي جنين بعد 7 أشهر من ...
- إلى أين تتجه مسارات السلام في السودان؟
- تحليل لغة جسد ترامب وقادة أوروبا وكيف جلسوا أمامه وحركة ميلو ...
- السفارة السعودية تعلق على وفاة سعود بن معدي القحطاني بعد سقو ...
- ترامب يستبعد إرسال قوات برية إلى أوكرانيا وسويسرا تعرض حصانة ...
- النظم العشبية.. الحليف المهمل في مكافحة تغير المناخ
- الجيش الإسرائيلي يكثف هجماته شمال ووسط قطاع غزة


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - مظهر محمد صالح - الهوية واللغة والطبقة الاجتماعية: بين ويليام لابوف وإبراهيم كُبّة