أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مظهر محمد صالح - الحادي والعشرون من ديسمبر… النور الذي يسبق العاصفة














المزيد.....

الحادي والعشرون من ديسمبر… النور الذي يسبق العاصفة


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 8422 - 2025 / 8 / 2 - 16:18
المحور: سيرة ذاتية
    


كان ذلك اليوم من شتاء “ويلز” مختلفًا.
21 ديسمبر 1988… يوم لا أنساه.
أسعد لحظات حياتي، ربما لأنني شعرت فيه أنني إنسانٌ كامل، واقفٌ أمام مرآة العلم.
في ذلك اليوم، أنهيت متطلبات أطروحتي للدكتوراه، تحت إشراف أحد أذكى العقول الاقتصادية البريطانية الشابة انذاك.
كان موضوع الرسالة جديدًا ومعقّدًا:
“التكامل المشترك وتطبيقاته على السياسة النقدية في البلدان الريعية”
كتبتها بيدي وبقلبي ، لم أستعن ببرامج ، ولا بنصوص مستعارة، ولا بمساعدين.
فقط فكرةٌ تناطح الزمن، وعقلٌ عربي يشتبك مع أدوات الغرب.
قال لي مشرفي يومها، بابتسامة حادة:
“هذا النوع من البحث، يا فلان، لا يفهمه اليوم 80% من الاقتصاديين في بريطانيا… حداثته تسبقه!”
ضحكت… ضحكة مرة المذاق، لكنها حلوة الانتصار .
في اليوم التالي، وفيما كانت الجامعة تستعد لإغلاق أبوابها لعطلة عيد الميلاد المجيد ، وصلتني دعوة غداء غير متوقعة.
لم تكن من الأساتذة، ولا من الطلاب، بل من موظفي قسم الاقتصاد.
مطعم صغير، مطلّ على البحر الأيرلندي الشرقي، جمعنا في طقسٍ جامعي دافئ، رغم برد كانون الأول.
هناك، وقف مشرفي وقال أمام الجميع:
“دعوتكم اليوم لنحتفي بإنجاز فذّ…
مُشيرا أليِّ !! هذا الشاب أنهى أطروحته العلمية بلا مساعدة مني.
ما أنجزه يسبق عصره، وفيه من الحداثة ما يستحق أن نفخر به.”
ثم التفت إليّ، وقال بلطفٍ لا يُنسى:
“اذهب، استرح مع عائلتك… لقد بدأت مرحلة جديدة من حياتك.”
غادرت المطعم، وفي عينيّ دمعتان:
واحدة لله… شكرًا.
وأخرى لذاك الحلم الذي نبت في قلب غربة باردة، ثم توهّج بحرارة الأمل.
وبينما أسير، التقيت زميلًا من قسم الرياضيات أنهى لتوّه أطروحته.
قلت له بفرح:
“دعوني في غداء خاص، وأعلنوا إنجازي!”
فابتسم وقال:
“لقد مُنحتَ الدرجة، يا رجل…
ما ينتظرونه فقط انعقاد اللجنة الرسمية بعد العطلة ، هكذا يقضي البروتوكول الجامعي.”
وأدركت حينها أن بعض الانتظارات… أجمل من النهايات.
ويوم المناقشة، كانت القاعة تضج بالعلماء ، بعضهم جاء من جامعة ليفربول، وآخرون من جامعات مرموقة…
كلّ شيء بدا كأنه حفل صغير للحقيقة…
حقيقة الجهد الفردي، والانتصار على المستحيل.
لكنني لم أكن أعلم أن في بلادي، بانتظاري:
حربٌ ضروس… وأخرى خرساء.
حروب لا تستهدف الأعداء، بل تستهدف العقل… والكرامة… والإنسان.
هناك، تيقّنت أن بناء رأس المال البشري في بلداننا ليس مشروعًا وطنيًا،
بل جهدٌ فرديٌّ نبيل،
يمكن لدكتاتور، بقرار أحمق، أن يمزّقه في لحظة،
كما تمزّق آلة الحروب العمياء خرائط الأوطان… وقلوب العائدين.
يا وطني… كم من خريجٍ عاد إليك بشهادة عالية،
فاستقبلته الشظايا بدل التصفيق…
وانتهى النور بعواصف الحرب ،
حتى بلغتُ اليوم من العمر عتيًّا.



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقف المشرقي على مصفوفة الوحدة : بين ألتوسير وفوكو ودريدا
- الصين وحساسية الدولة العظمى: قوة ناعمة على مائدة الدولة
- شحاذ رقمي تحت الراية الحمراء
- أمُّ العراق… الكوت والجنة تحت قدميها!
- توازن السوق بإشارة سالبة؟ مشادة أكاديمية صامتة!!
- من عصر الفوانيس إلى الطاقة الشمسية: جدل لا ينتهي
- الكرسي المكسور: ذكريات في عالم البيروقراطية الإدارية
- الرهان على الخير في زمن اللايقين
- تدوير النفايات: بين هموم العلماء ومعاناة الفقراء
- ما بين مطرقة الحياة وسندان الغربة: عواطف تحت الثلج
- من تماثيل بوذا إلى رايات هتلر: الصليب المعكوف بين النور والظ ...
- كربلاء: فلسفة التضحية ومنهج الإصلاح في مواجهة الاستبداد
- في تظافر العلوم… تنهض الأمم
- سيدة الجنوب الاولى ومحراب الحسين: دموع لا تموت…!
- في بلد نفطي : أمة تغفو… وسحلية تستيقظ
- الجغرافيا السياسية تحسم الانتصار: من حروب الأرض إلى معركة ال ...
- حوار الطالب وعامل النظافة : كرامة تلامس البحر
- الحي 798: ركيزة العاصمة بكين في الاقتصاد البنفسجي
- وضعت الحرب أوزارها على سجادةٍ إيرانيةٍ شديدةِ التوهج : سردية ...
- شلالات فكتوريا… ليس هديرها استعمارًا، بل إفريقياً سردية ثقاف ...


المزيد.....




- -كمين في الظلام-.. كيف استخدمت باكستان -السرّ الصيني- لإسقاط ...
- ألمانيا تطالب إسرائيل بضمان إيصال المزيد من المساعدات إلى غز ...
- هل يمكن احتواء التوتر بين رئيس أركان الجيش الإسرائيلي ورئيس ...
- ملخصات الذكاء الاصطناعي تضعف حركة المرور بمواقع الأخبار
- سؤال صعب خلال فعالية: -مليونا إنسان في غزة يتضورون جوعًا-.. ...
- كيف تبدو تصاميم الحدائق والمناحل الجديدة المنقذة للنحل؟
- ماذا يعني قرار ترامب نشْر غواصتين نوويتين قرب روسيا على أرض ...
- ويتكوف: لا مبرر لرفض حماس التفاوض، والحركة تربط تسليم السلاح ...
- ويتكوف يتحدّث من تل أبيب عن خطة لإنهاء الحرب.. وحماس: لن نتخ ...
- فلوريدا: تغريم تيسلا بأكثر من 240 مليون دولار بعد تسبب نظامه ...


المزيد.....

- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - مظهر محمد صالح - الحادي والعشرون من ديسمبر… النور الذي يسبق العاصفة