أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - مظهر محمد صالح - كارل ماركس في العصر الرقمي: من مانهاتن إلى الاغتراب الآلي














المزيد.....

كارل ماركس في العصر الرقمي: من مانهاتن إلى الاغتراب الآلي


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 8434 - 2025 / 8 / 14 - 00:18
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


مقدمة :
شهد القرن التاسع عشر بزوغ الماركسية كتحليل نقدي للرأسمالية الصناعية ، حيث تمحور الصراع حول ملكية وسائل الإنتاج واستغلال قوة العمل البشرية.
لكن في القرن الحادي والعشرين ، ومع صعود الاقتصاد الرقمي بدأت تتشكل ملامح صراع طبقي جديد ، فالرأسمالية لم تعد تقتصر على المصانع والآلات البخارية، بل أصبحت متمركزة حول البيانات والمنصات الرقمية والذكاء الاصطناعي.
و في هذا السياق، يواجه العمال اليوم خصمًا غير بشري: (الخوارزميات والروبوتات)
فلم يعد الاستغلال محصوراً في انتزاع فائض القيمة من قوة العمل ، بل تحوّل إلى إقصاء كامل للإنسان ، من عملية الإنتاج عبر الأتمتة الشاملة.
هذا التحول يخلق نوعًا جديدًا من الاغتراب ، حيث يشعر الإنسان بأنه غريب عن سوق العمل ذاته ، في ظل رأسمالية رقمية لا تعرف حدودًا جغرافية ولا سقفًا للطموح الربحي.
من هنا، يصبح السؤال الماركسي المعاصر: كيف يُعاد تعريف الطبقة العاملة حين تُزاحمها الآلات في كل مجال ، من القيادة إلى البرمجة، ومن الخدمات إلى الإبداع؟
فعلى رصيف مدينة نيويورك قبل عقد من الزمن ، تزاحمت في متاهات ذاكرتي الاقتصادية اسئلة في عالم الماركسية الجديدة .
ففي إحدى الرحلات إلى مدينة نيويورك، قلب المال العالمي، كنتُ برفقة شخصية قانونية من بلدي، عمل لسنوات في مانهاتن ، مركز المال والأعمال، حيث تتجاور الثروات الطائلة مع مشاهد الفقر في تناقض مذهل.
و بعد جولة بين أبراج الحي، ومنها عمارة ترامب الشاهقة، دعاني صديق لتناول الغداء في مطعم اعتاد ارتياده ، لكن المفاجأة لم تكن في المطعم، بل في وسيلة الوصول إليه ، على الرصيف المزدحم أخرج صديقي هاتفه وطلب سيارة عبر تطبيق رقمي جديد آنذاك يُدعى “أوبر”.
دقائق معدودة، ووصلت سيارة تقودها شابة من قرغيزيا، تعمل في نيويورك منذ أشهر قليلة ، بدت شجاعتها لافتة في مدينة لا ترحم من يتوقف عن العمل ، حدثتنا عن تجربتها وكيف ترى في التكنولوجيا الرقمية فرصة للبقاء والكفاح، بل وتوقعت أن يأتي يوم تعمل فيه سيارات الأجرة بلا سائقين.
لاحقًا وفي طريقي إلى المطار، كان السائق رجلًا ستينيًا من بولندا يعمل لدى شركة سيارات أجرة تقليدية ، وحين سألني عما أدهشني في نيويورك، أجبت فورًا: “نظام أوبر”. لكنه رد بابتسامة مُرة: “سيأتي يوم تختفي فيه حتى أوبر مع ظهور السيارات بلا سائق… لحسن الحظ سأكون في التقاعد قبلها.” ضحكنا، لكن خلف الضحك كان هناك إدراك مشترك بأن سوق العمل يخوض صراعًا جديدًا، ليس فقط بين البشر مع بعضهم ، بل بين البشر والآلات
(قراءة ماركسية للمشهد الرقمي) :
بدا لي أن كارل ماركس لو عاش زمننا، لكان قد أعاد صياغة تحليله للصراع الطبقي. ففي القرن التاسع عشر، كان الصراع بين البرجوازية المالكة لوسائل الإنتاج والبروليتاريا التي تبيع قوة عملها. أما اليوم، فإن الرأسمالية الرقمية تخلق طبقة جديدة من المنافسين: الروبوتات والأنظمة المؤتمتة. لم يعد العامل يغترب فقط عن نتاج عمله، بل يُقصى بالكامل من العملية الإنتاجية.
الظاهرة الرقمية تحمل تناقضات حادة: فهي توسّع إمكانات الوصول إلى العمل عالميًا، لكنها في الوقت نفسه تُسرّع وتيرة إلغاء الوظائف التقليدية.
“أوبر” مثال حيّ: فرصة لسائقة من قرغيزيا كي تشق طريقها في نيويورك، وتهديد لسائق بولندي يترقب نهاية مهنته. وفي الأفق، تلوح مفارقة ساخرة: ربما تنشأ في المستقبل “نقابات للروبوتات” تدافع عن حقوقها في وجه جشع الرأسمالية ذاتها.
خاتمة:
إننا أمام شكل جديد من الاغتراب الماركسي، حيث لا يُستغل الإنسان فحسب، بل يُستغنى عنه. وفي ظل هذا التحول يبقى السؤال مفتوحًا : هل ستستطيع سفينة الإنسانية الإبحار في بحر الثورة الرقمية من دون أن تغرق في هوة اللامساواة والبطالة البنيوية؟



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صيد التروتة من ينابيع الجبال
- مدينةٌ تخفت في جلابيبها.
- سان فرانسيسكو: قوة تكنوقراط ناصحة !
- في الطريق إلى هوليوود: مفارقات لا تنتهي
- الحادي والعشرون من ديسمبر… النور الذي يسبق العاصفة
- المثقف المشرقي على مصفوفة الوحدة : بين ألتوسير وفوكو ودريدا
- الصين وحساسية الدولة العظمى: قوة ناعمة على مائدة الدولة
- شحاذ رقمي تحت الراية الحمراء
- أمُّ العراق… الكوت والجنة تحت قدميها!
- توازن السوق بإشارة سالبة؟ مشادة أكاديمية صامتة!!
- من عصر الفوانيس إلى الطاقة الشمسية: جدل لا ينتهي
- الكرسي المكسور: ذكريات في عالم البيروقراطية الإدارية
- الرهان على الخير في زمن اللايقين
- تدوير النفايات: بين هموم العلماء ومعاناة الفقراء
- ما بين مطرقة الحياة وسندان الغربة: عواطف تحت الثلج
- من تماثيل بوذا إلى رايات هتلر: الصليب المعكوف بين النور والظ ...
- كربلاء: فلسفة التضحية ومنهج الإصلاح في مواجهة الاستبداد
- في تظافر العلوم… تنهض الأمم
- سيدة الجنوب الاولى ومحراب الحسين: دموع لا تموت…!
- في بلد نفطي : أمة تغفو… وسحلية تستيقظ


المزيد.....




- مصدر لـCNN: إدارة ترامب تعلق مؤقتا العقوبات على الوفد المصاح ...
- -ألقى شطيرة على ضابط-.. القبض على رجل هاجم رجال الشرطة في وا ...
- قبيل قمة ألاسكا.. مصادر تكشف لـCNN أسباب -غضب- ترامب تجاه بو ...
- أنقرة ودمشق تحذران إسرائيل من زعزعة استقرار سوريا وإثارة الف ...
- كوريا الشمالية ترفض مبادرات جارتها الجنوبية وتستبعد الحوار م ...
- المغرب: تأجيل جلسة محاكمة الناشطة ابتسام لشكر بتهمة -الإساءة ...
- العاصفة -بودول- تعطل خدمات البر الرئيس للصين
- لمواجهة رسوم ترامب الجمركية.. البرازيل تطلق خطة -السيادة-
- نتنياهو يكشف أهداف إسرائيل -النهائية- في -حرب غزة- ضد حماس
- شقيقة الزعيم كيم تنفي إزالة مكبرات الصوت المناهضة لسول


المزيد.....

- اليسار بين التراجع والصعود.. الأسباب والتحديات / رشيد غويلب
- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - مظهر محمد صالح - كارل ماركس في العصر الرقمي: من مانهاتن إلى الاغتراب الآلي