أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مظهر محمد صالح - سان فرانسيسكو: قوة تكنوقراط ناصحة !














المزيد.....

سان فرانسيسكو: قوة تكنوقراط ناصحة !


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 8426 - 2025 / 8 / 6 - 02:30
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


في صيف كاليفورنيا ، حطّت طائرتنا على مدرج مطار مدينة بدت من السماء كبلورة بيضاء ناصعة، تتلألأ وهي تعانق المحيط الهادئ، تهمس بجمال الطبيعة، وقوة المال، وكثافة التكنوقراط.
كانت وجهتنا إلى اجتماع بالغ الأهمية لتدبير قرض يدعم موازنة بلادنا، وهي تخوض حربها الوجودية ضد عدو إرهابي متخلف يُدعى “داعش”.

كانت عوائد النفط حينها تنهار في واحدة من أعنف دورات الهبوط، حتى فقدت البلاد أكثر من ثلثي مواردها.
أجزاء من الوطن لا تزال محتلة، وآبار النفط تحت تهديد قبضة الإرهاب، فيما نفقات الحرب تستنزف كل شيء.
اتجهنا إلى واحدة من أكبر شركات الاستثمار في الأوراق المالية في العالم، زادت موجوداتها على ثلاثة تريليونات دولار ، وصلنا إلى مبنى الشركة نبحث عن أمل في التمويل.
وعند المدخل، استوقفنا رجل أعمال من مطلع القرن العشرين غارق في الصمت ، يجلس على مسطبة، لفّ ساقه اليمنى على اليسرى، مستندًا بيده إلى خده ، بدا حيًّا للوهلة الأولى، لكنه لم يكن سوى تمثال من النحاس .
سارع أحدنا إلى الجلوس بجانبه، والتقط صورًا تذكارية مع هذا الرمز الصامت الذي قاد في زمنهِ واحدة من أعظم مؤسسات رأس المال بين الساحلين الأميركيين.
لكن المفاجأة الحقيقية لم تكن في رمز ذلك التمثال ، بل في فريق التشاور المالي نفسه : انهم مجموعة من عمالقة الهندسة المالية، جميعهم في الثلاثينات من أعمارهم – نصف أعمارنا تقريبًا – تقودهم امرأة تركية الأصل، أميركية التكوين الأكاديمي.
بادرتنا بأسئلتها الحاسمة، و لم تخرج عن إطار مصفوفة SWOT:
- ما هي نقاط القوة في اقتصادكم؟
- أين تكمن مواطن الضعف؟
- ما الفرص المتاحة أمامكم؟
- وما التهديدات المحدقة بسبب الحرب؟

دام الاجتماع بكثافة فنية عالية ، وفي ختامه خرجت السيدة بنصيحة لم نُصدقها حينها، قالت:

“بلادكم قوية، وستنتصر لا محالة، ولكنها لا تمتلك تصنيفًا ائتمانيًا.
وإن قررتم إصدار سند سيادي أوروبي، فستدفعون فائدة تعادل ثلاثة أضعاف الفوائد السائدة في أسواق رأس المال.
نصيحتنا: لا تفعلوا ..! لا تدخلوا دَينًا بمثل هذه الشروط القاسية للاقتراض.
الأفضل أن تتجهوا إلى تقشف مالي ذكي، فهو أقل تكلفة، وأطول نَفَساً.”

وأضافت، ونحن نتناول طعامًا بسيطًا قُدّم بسخاء:

“هذه نصيحة منّا، نحن واحدة من كبريات شركات المال في العالم، ترقد صناديق ثروتنا على الساحل الغربي، لكنها لا تسبح في مياه المحيط الهادئ العميقة.”

كانت تلك واحدة من أقوى الرسائل التحليلية صدقًا التي سمعتها في حياتي المهنية. لقد شكّلت منعطفًا مهمًا دفع ببلادنا لاحقًا للدخول في عالم التصنيف الائتماني الدولي، وبدء مسار إظهار علامات القوة والانتصار في مؤشرات الاقتصاد الدولي بشكل متصاعد.
وفي طريق المغادرة، نظرت إلى سان فرانسيسكو نظرة مختلفة. المدينة التي ظننتها صلبة كالفولاذ، بدت لي بلورة شفافة بيضاء، تتقاسم المحيط مع جبال الابتكار، وتعكس درسًا مذهلًا في التوازن بين المال والفكر والتاريخ.
إنها سان فرانسيسكو… المدينة التي محاها زلزالٌ مدمر في يوم 18 نيسان من العام 1906.
زلزال لم يمحُ المدينة بالكامل، لكنه حوّلها إلى أنقاض، ومنها أُعيد بناؤها من جديد.
ومن رحم تلك الكارثة، بدأت المدينة بإرساء نظام طوارئ هندسي لمكافحة الحرائق، لا يزال يعمل حتى اليوم.

وفي الطائرة، خاطبتني مخيلتي بأمواج من التفكير:
“أيّها الرجل، مثلما انتصرت سان فرانسيسكو على دمار الطبيعة، وأعادت بناء نفسها مدينةً شاهقةً من أجمل مدن الدنيا وأقواها، فإن بلادك ستنتصر، لا محالة، على الإرهاب .
وسترسم الحرب ضد الداعشية، قريبًا، رسالة بلاغية للأجيال: أننا انتصرنا، في واحدة من أخطر حروب القرن الحادي والعشرين، وأشدها فتكًا ووحشية في عالم الشرق الذي لا يلين.”



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الطريق إلى هوليوود: مفارقات لا تنتهي
- الحادي والعشرون من ديسمبر… النور الذي يسبق العاصفة
- المثقف المشرقي على مصفوفة الوحدة : بين ألتوسير وفوكو ودريدا
- الصين وحساسية الدولة العظمى: قوة ناعمة على مائدة الدولة
- شحاذ رقمي تحت الراية الحمراء
- أمُّ العراق… الكوت والجنة تحت قدميها!
- توازن السوق بإشارة سالبة؟ مشادة أكاديمية صامتة!!
- من عصر الفوانيس إلى الطاقة الشمسية: جدل لا ينتهي
- الكرسي المكسور: ذكريات في عالم البيروقراطية الإدارية
- الرهان على الخير في زمن اللايقين
- تدوير النفايات: بين هموم العلماء ومعاناة الفقراء
- ما بين مطرقة الحياة وسندان الغربة: عواطف تحت الثلج
- من تماثيل بوذا إلى رايات هتلر: الصليب المعكوف بين النور والظ ...
- كربلاء: فلسفة التضحية ومنهج الإصلاح في مواجهة الاستبداد
- في تظافر العلوم… تنهض الأمم
- سيدة الجنوب الاولى ومحراب الحسين: دموع لا تموت…!
- في بلد نفطي : أمة تغفو… وسحلية تستيقظ
- الجغرافيا السياسية تحسم الانتصار: من حروب الأرض إلى معركة ال ...
- حوار الطالب وعامل النظافة : كرامة تلامس البحر
- الحي 798: ركيزة العاصمة بكين في الاقتصاد البنفسجي


المزيد.....




- ترامب يكشف قائمة مرشحيه لرئاسة الاحتياطي الفدرالي ويستبعد وز ...
- تأكيد ايراني تركمانستاني على ضرورة تطوير التعاون الثقافي وال ...
- سومو: زيادة إنتاج العراق مدروسة.. ومستعدون لتسلّم نفط الإقلي ...
- شركات نفط كردستان: نواصل التفاوض لإستئناف صادرات نفط الإقليم ...
- لماذا يتصاعد سعر شطيرة البرغر؟
- الهند تتهم الاتحاد الأوروبي وأميركا بازدواجية المعايير بشأن ...
- احتلال قطاع غزة.. ماذا يعني اقتصاديا بالنسبة لإسرائيل؟
- رئيسان سابقان بملاوي ينافسان تشاكويرا وسط أزمة اقتصادية
- الهند تهاجم -ازدواجية المعايير- لأمريكا وأوروبا في علاقتهما ...
- مزارع الإبل تبشّر بتغيّر إيجابي في تطوير اقتصاد الثروة الحيو ...


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - مظهر محمد صالح - سان فرانسيسكو: قوة تكنوقراط ناصحة !