أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - مظهر محمد صالح - البنادق مقابل اللوبستر البحري: مقاربة في الاقتصاد السياسي لما بعد الاستعمار في إفريقيا الجنوبية














المزيد.....

البنادق مقابل اللوبستر البحري: مقاربة في الاقتصاد السياسي لما بعد الاستعمار في إفريقيا الجنوبية


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 8483 - 2025 / 10 / 2 - 00:17
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


في عالم الصراعات، كثيرًا ما تتجسد المعادلات القاسية في صور رمزية تختزل مسارات التاريخ.
فحين التقيتُ رجلًا من موزمبيق على شاطئ المحيط الهندي في سبعينيات القرن الماضي وبعد سنوات قليلة من استقلال بلاده، كان حديثه عن وطنه وهو يختصر مأساة بلدان الجنوب الأفريقي التي خرجت من الاستعمار مثقلة بالجراح. لقد لخّص معادلته الوجودية بكلمات بسيطة “حصلنا على البنادق مقابل أن نخسر غذاءنا من البحر”. هذه المقولة تعكس جوهر التحولات السياسية والاقتصادية في إفريقيا خلال حقبة الحرب الباردة، حيث لم يكن التحرر الوطني نهاية الصراع، بل بداية معركة جديدة بين الاستنزاف الخارجي والتفكك الداخلي.

(إرث الاستعمار والاستنزاف البنيوي)
فالاستعمار البرتغالي، شأنه شأن القوى الاستعمارية الأخرى، لم يترك لموزمبيق بعد رحيله سوى فراغ اقتصادي ومجتمع مفكك. فقد جُردت البلاد من البنية التحتية، وافتقرت حتى إلى الحرفيين البسطاء. إن هذه الحالة تمثل مثالًا على “الاستعمار المفرغ”، حيث يتم نقل المهارات والموارد إلى المركز وترك الأطراف عاجزة عن النهوض الذاتي.

(الحرب الباردة ومعادلة البنادق مقابل الغذاء)
ومع ظهور التهديدات من الجماعات المدعومة من نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، لم يكن أمام موزمبيق إلا الارتماء في أحضان الاتحاد السوفييتي ، إلا أن المساعدة لم تكن مجانية..
حيث حصلت البلاد على البنادق لتأسيس الجيش الوطني.
ولكن في المقابل ، مُنحت السفن السوفييتية حق استغلال ثروة البحر من السرطان البحري (اللوبستر) كرهْنٍ للمساعدة العسكرية في خليج موزمبيقية الاستراتيجي.

هذه المقايضة تختزل طبيعة الحرب الباردة في إفريقيا الأمن مقابل الاقتصاد، والبنادق مقابل الغذاء .

(الثروة المزدوجة المستنزفة: الكاجو والبحر)

وفي الوقت نفسه، تعرضت ثروة الكاجو، أحد أعمدة الاقتصاد الزراعي للتدمير من قبل العصابات المرتبطة بالقوى العنصرية البيضاء التي كانت تتحرك من بريتوريا العنصرية وقتها . وهكذا وجدت موزمبيق نفسها أمام مأساة مزدوجة:
• على اليابسة: خراب محاصيل الكاجو.
• في البحر: استنزاف السرطان البحري.

وبذلك، ضاع غذاء الشعب بين “العدو” الذي يدمّر، و”الصديق” الذي يستنزف، في نموذج يعكس مأساة دول الجنوب الأفريقي التي لم تجد في الحرب الباردة إلا صراعًا على مواردها.

(من منطق الحرب إلى منطق المصالحة)
انتهت الحرب الأهلية في موزمبيق، ورحل الزعيم سامورا ميشيل في حادث مأساوي ، بينما شهدت المنطقة تحولات كبرى بزوال نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا. وكان مشهد زواج الزعيم الافريقي نيلسون مانديلا من أرملة سامورا ميشيل أكثر من واقعة شخصية ، اذ كان رمزًا لتحول العلاقة من مقايضات القوة والموارد إلى تلاقي إنساني قائم على المصالحة والحب..! يوم تزوج نيسلون مانديلا من غراسا ماشيل ، ارملة الزعيم الموزمبيقي الراحل سامورا ميشيل ، في 18 تموز 1998 ، وذلك في عيد ميلاده الثمانين.

(الخاتمة )
إن حكاية “البنادق مقابل السرطان البحري” ليست مجرد واقعة موزمبيقية، بل نموذج لفهم العلاقة غير المتكافئة بين دول الجنوب وقوى الحرب الباردة. فهي تكشف أن الاستقلال السياسي ، لا يعني بالضرورة الاستقلال الاقتصادي ، وأن الثروات الطبيعية قد تتحول من مورد للسيادة إلى رهينة للهيمنة.
وفي المقابل ، يقدّم التاريخ درسًا آخر: أن التحولات الكبرى نحو السلم والاستقرار تحتاج إلى مصالحات إنسانية عميقة ، لا إلى مقايضات ظرفية بين البنادق والموارد.
انتهى ///



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وزارة الخزانة الأميركية .. قوة إمبراطورية وأسطورة ورقة نقدية ...
- تأميم المصنع الوطني: التاريخ الذي أحزن والدي
- ربطة العنق: متلازمة التعليم والأناقة في بغداد
- حرب السويس تشتعل… وخالتي تبحث عن ابنها
- حكاية خبز .. بين أمستردام ومدينتي
- جون تايلور في بغداد: حين التقت السياسة النقدية بجنرالات اللي ...
- نزار قباني على رصيف الذكرى… ليتني لم أره فرحًا
- مؤتمر باندونغ: يوم هزّ عرش طفولتي
- الحانة الويلزية: ملتقى التاريخ الجامعي والتراث الفيكتوري
- ساعة اليد المتواضعة: الزمن مرآت للطبقات
- زيمبابوي : درس في الانكسارات الاقتصادية
- راس المال الرمزي تحت جدران المدينة المحرمة.
- الصدمة الثقافية: جوهر الانسان و وهم الاختلاف
- دموع الذكريات على سفوح الجبال
- الهوية واللغة والطبقة الاجتماعية: بين ويليام لابوف وإبراهيم ...
- قصابون من نوع آخر..! من دفاتر مفاوضات اقتصادية في لندن …إنه ...
- كارل ماركس في العصر الرقمي: من مانهاتن إلى الاغتراب الآلي
- صيد التروتة من ينابيع الجبال
- مدينةٌ تخفت في جلابيبها.
- سان فرانسيسكو: قوة تكنوقراط ناصحة !


المزيد.....




- بعد عرض -فيها إيه يعني-.. ماجد الكدواني يستعد لمسلسل في رمضا ...
- الكويت.. الداخلية تعلن إحباط تهريب 2 مليون حبة كبتاغون إلى ا ...
- سناب شات يفرض رسوماً على المستخدمين مقابل تخزين الصور والمقا ...
- مظاهرات المغرب: ما القصة وراء اندلاعها؟ وهل تطيح بحكومة أخنو ...
- كولومبيا تطرد البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية بعد اعتراض أسطو ...
- تحليل لـCNN: لماذا يعد تعهد ترامب بالدفاع عن قطر -استثنائيا- ...
- ما رد البيت الأبيض على سؤال عن استثمارات جاريد كوشنر مع دول ...
- كيف دافع نتنياهو عن خطة ترامب بشأن غزة أمام المتشككين في حكو ...
- ميتا ستستخدم قريبا محادثاتك مع روبوت الدردشة لبيع المنتجات
- دراسة: الإشعاع أكثر أمانا من القسطرة في علاج اضطراب ضربات ال ...


المزيد.....

- اليسار بين التراجع والصعود.. الأسباب والتحديات / رشيد غويلب
- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - مظهر محمد صالح - البنادق مقابل اللوبستر البحري: مقاربة في الاقتصاد السياسي لما بعد الاستعمار في إفريقيا الجنوبية