أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مظهر محمد صالح - ساعة اليد المتواضعة: الزمن مرآت للطبقات














المزيد.....

ساعة اليد المتواضعة: الزمن مرآت للطبقات


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 8454 - 2025 / 9 / 3 - 20:11
المحور: المجتمع المدني
    


في زحمة الحياة، حيث تتسابق العقارب وتتشابك القيم، تظل ساعة اليد قطعة صغيرة تختزن في داخلها فلسفة الزمن، وتبوح بما لا يُقال. انها ليست مجرد أداة لضبط المواعيد، بل مرآة خفية تعكس طبقات المجتمع، وتفضح التفاوت بين من يكدّ ليعيش، ومن يتفاخر ليُرى.
اذ غدت ساعة اليد في مجتمعاتنا الشرقية، لا سيما تلك التي تعيش على ريع النفط والاستهلاك المفرط، رمزًا للتمايز الاجتماعي وميدانًا للتفاخر بالثروة. فما بين ساعات مترفة مرصّعة بالذهب والمعادن الثمينة، وساعات بلاستيكية رقيقة تلازم معاصم الكادحين، ينكشف المشهد الطبقي بكل تبايناته وحدّته.
اذ لا تُروى وتُقاس أعمار الرجال بالدقائق، بل بطريقة عيشهم لها ،يوم قال احدهم:
ان الزمن لا يُقاس بما نملكه من ساعات، بل بما نملأ به تلك الساعات.
كنت في طريقي إلى مجلس عزاء لصديق عزيز حين لفتني هذا المشهد في تفاصيله الصغيرة، فعند نقطة تفتيش، أوقفنا رجل أمن، مبتسمًا وقال: “أراك شخصاً طيبًا وموظفًا بسيطًا، نزاهتك تظهر في ساعتك.” أثار قوله فضولي، فسألته: “وكيف عرفت ذلك؟”
تأمل لحظة ثم أجاب: “قضيت سنوات طويلة أقرأ عقارب الساعات وأقدّر أثمانها .فمن ثباتها ودقات عقاربها أستشفّ طبقات الناس، وأميّز بين من جمع قوته بعرق جبينه ومن اغتنى بغير جهد. فالساعات ليست مجرّد اشياء ، بل مرايا لزمن الرجال ومعادنهم.”
كانت كلماته تذكيرًا بعمق فلسفي خفي: أن الزمن لا يُقاس بالدقائق والساعات وحدها، بل بالكيفية التي يعيش بها الناس ويكسبون خلالها قوتهم.
هنا استحضرت قول ابن عربي: “الزمان مكان سائل، والمكان زمان متجمّد.”
فالزمن في مجتمعاتنا ليس فقط وعاءً للعيش، بل حاملًا للطبقات، يكشف نزاهة الرجال أو فسادهم عبر ما يختارون أن يضعوه في معاصمهم .
غادرت الرجل … وهو يردد ،اعمل كما لو أنك تعيش أبداً، وعش كما لو أنك تموت غداً. فالساعات لا تقيس الوقت فقط، بل تقيس كيف نعيشه ذلك الوقت .ابتسمت وقلت له :
مكانك هذا بات مختبرًا للرجال، تقيسهم بدقات من وقت لا يتوقف.
هناك في مجلس العزاء، حيث توقّف الزمن فعليًا عند صديقي الراحل، أدركت أن ساعة اليد المتواضعة التي أهملها الكثيرون قد تحمل دلالات أعمق مما نتخيّل: إنها سجلّ حياة، ومرآة طبقية، وشاهد على سير الإنسان في زمن لا يتوقف. ويبدأ التأمل في من بقي على قيد الحياة ، وفي ساعة يدٍ متواضعة، كانت أصدق من كل مظاهر التفاخر وهي تنبض حين يتوقف الزمن عند أحدهم، و تبدأ الحياة في سؤالنا: كيف نعيش ما تبقّى؟”
انتهى ///



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زيمبابوي : درس في الانكسارات الاقتصادية
- راس المال الرمزي تحت جدران المدينة المحرمة.
- الصدمة الثقافية: جوهر الانسان و وهم الاختلاف
- دموع الذكريات على سفوح الجبال
- الهوية واللغة والطبقة الاجتماعية: بين ويليام لابوف وإبراهيم ...
- قصابون من نوع آخر..! من دفاتر مفاوضات اقتصادية في لندن …إنه ...
- كارل ماركس في العصر الرقمي: من مانهاتن إلى الاغتراب الآلي
- صيد التروتة من ينابيع الجبال
- مدينةٌ تخفت في جلابيبها.
- سان فرانسيسكو: قوة تكنوقراط ناصحة !
- في الطريق إلى هوليوود: مفارقات لا تنتهي
- الحادي والعشرون من ديسمبر… النور الذي يسبق العاصفة
- المثقف المشرقي على مصفوفة الوحدة : بين ألتوسير وفوكو ودريدا
- الصين وحساسية الدولة العظمى: قوة ناعمة على مائدة الدولة
- شحاذ رقمي تحت الراية الحمراء
- أمُّ العراق… الكوت والجنة تحت قدميها!
- توازن السوق بإشارة سالبة؟ مشادة أكاديمية صامتة!!
- من عصر الفوانيس إلى الطاقة الشمسية: جدل لا ينتهي
- الكرسي المكسور: ذكريات في عالم البيروقراطية الإدارية
- الرهان على الخير في زمن اللايقين


المزيد.....




- شركة -لَش- البريطانية تغلق متاجرها ليوم واحد احتجاجاً على ال ...
- إندبندنت: أزمة المهاجرين مستمرة بعد 10 سنوات على مأساة إيلان ...
- اليونان تقر -الإعادة القسرية- وتسرع ترحيل المهاجرين المرفوضي ...
- إدخال 121 شاحنة مساعدات من معبر رفح البري لإغاثة سكان غزة
- مسئول منظمة دولية يندد باعتقال إسرائيل رئيس بلدية الخليل
- بألوان العلم الفلسطيني..علاء الدالي يشارك في بطولة العالم لل ...
- المجلس النرويجي للاجئين يدق ناقوس الخطر: -سنواصل رؤية الناس ...
- اليونيسف: 6 ملايين طفل معرضون لفقدان التعليم بسبب تراجع المس ...
- الشاباك يعلن اعتقال خلية لحماس من الخليل خططت لاغتيال بن غفي ...
- الأمم المتحدة تحذّر من تضييق الحريات في الكاميرون قبيل الرئا ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مظهر محمد صالح - ساعة اليد المتواضعة: الزمن مرآت للطبقات