أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - مظهر محمد صالح - تحت ظلال شجرة النارنج: مدرسة زهاء حديد في بغداد














المزيد.....

تحت ظلال شجرة النارنج: مدرسة زهاء حديد في بغداد


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 8491 - 2025 / 10 / 10 - 00:32
المحور: قضايا ثقافية
    


(بين العمارة والذاكرة، تنهض بغداد من عطر شجرة النارنج إلى أفق الحداثة).

كانت ساعات الصباح الربيعي تمضي ببطء، وسماء بغداد الصافية تشع دفئًا وجمالًا دون أن تُسرع الخطى نحو البرد.
وجهتي كانت مرافقة شاب معماري إنكلوسكسوني ، من تلامذة مدرسة زهاء حديد في لندن، جاء ليلقي نظرة ميدانية على الأرض التي ستُقام عليها أعلى بناية في بلادي، تلك التي تطل على الساحل الأيسر من نهر دجلة.

بدأنا نتأمل النهر الذي يسكن بغداد بشذوه، تتدفق مياهه مثل الدموع وهو يودّع المدينة في طريقه جنوبًا ليلتحم بمياه الخليج. وبينما كنا نتحدث عن تاريخ العاصمة وموقع المشروع، كان ذلك الشاب ينصت إلى المكان بعين الفنان لا بعين المهندس، يلتقط ملامح البيئة ليتحسس روحها ويمنحها معنى معمارها القادم.

كانت الأرض بقايا بستان بغدادي قديم، في إحدى زواياه شجرة نارنج وحيدة، ساكنة كجوهرة خضراء تحمل ثمارها الزاهية. لم تكن تنطق إلا بعطرٍ أخّاذ يجمع بين الخُضرة والبرتقالي. وقف المعماري أمامها مأخوذًا بجمالها، وسألني عن أصلها، فقلت له إنها شجرة عراقية الجذر، من نسل الحمضيات التي عشقت تراب دجلة والفرات.

استأذن أن يقطف ثمرة منها، ففعل. كانت قد اغتسلت بماء المطر ليلًا. رفعها إلى أنفه وقال بدهشة شاعر:

“لم أشم من قبل رائحة كهذه…”

ثم تذوّقها، وأمعن النظر في التربة التي احتضنت جذورها، وقال بصوتٍ تملؤه الدهشة والاحترام:

“إنه مذاق لن أنساه… كأنها ثمرة من أرضٍ تصنع مستقبلها بثمارٍ نادرة.”

ثم رفع رأسه نحو أعالي الشجرة وكأنه يخاطبها قائلا :

“أنتم في أرضٍ أنجبت زهاء حديد، كما أنبتت هذه الشجرة المباركة. دعوا بنايتكم الشاهقة تقوم تحت ظلال شجرة النارنج، لتكون منطلق مدرسةٍ معماريةٍ جديدة للعراق.”

أحسست عندها بسكينة القول تتسلل إلى قلبي، وقلت في سري:

“حين تكتمل بناية بلادي الشاهقة الأولى بلمسات ابنة العراق زهاء حديد، ستكون مفخرة بلادي في قلب بغداد.”

ومضت الأعوام، وقبل أيام، كانت تلك البناية الشاهقة تشعّ في ليل بغداد، تناطح القمر وتحادث النجوم. عندها عدت بذاكرتي إلى تلك اللحظة، وتذكّرت شجرة النارنج…
وأطلقت على البناية اسمها الأبدي في نفسي:

تحت ظلال شجرة النارنج.
انتهى///



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدلية الظل والمصالحة مع الذات : القرين الخفي مرآة ديستوفسكي ...
- بكاء الأمهات على بوابة سجن متخلف..
- البنادق مقابل اللوبستر البحري: مقاربة في الاقتصاد السياسي لم ...
- وزارة الخزانة الأميركية .. قوة إمبراطورية وأسطورة ورقة نقدية ...
- تأميم المصنع الوطني: التاريخ الذي أحزن والدي
- ربطة العنق: متلازمة التعليم والأناقة في بغداد
- حرب السويس تشتعل… وخالتي تبحث عن ابنها
- حكاية خبز .. بين أمستردام ومدينتي
- جون تايلور في بغداد: حين التقت السياسة النقدية بجنرالات اللي ...
- نزار قباني على رصيف الذكرى… ليتني لم أره فرحًا
- مؤتمر باندونغ: يوم هزّ عرش طفولتي
- الحانة الويلزية: ملتقى التاريخ الجامعي والتراث الفيكتوري
- ساعة اليد المتواضعة: الزمن مرآت للطبقات
- زيمبابوي : درس في الانكسارات الاقتصادية
- راس المال الرمزي تحت جدران المدينة المحرمة.
- الصدمة الثقافية: جوهر الانسان و وهم الاختلاف
- دموع الذكريات على سفوح الجبال
- الهوية واللغة والطبقة الاجتماعية: بين ويليام لابوف وإبراهيم ...
- قصابون من نوع آخر..! من دفاتر مفاوضات اقتصادية في لندن …إنه ...
- كارل ماركس في العصر الرقمي: من مانهاتن إلى الاغتراب الآلي


المزيد.....




- العناق القاتل: قصة الملك السعودي الذي قتله ابن أخيه قبل 50 ع ...
- الولايات المتحدة: القضاء يأمر بتعليق نشر الحرس الوطني في شيك ...
- توقيع اتفاق المرحلة الأولى من خطة ترامب بشأن غزة في مصر بمشا ...
- لماذا وافق نتنياهو على وقف الحرب مرغما؟
- انفجاران عنيفان يهزان العاصمة الأفغانية كابل
- لماذا شارك مستشارا ترامب في جلسة حكومة نتنياهو؟
- عامان على الإبادة.. إسرائيل تصدّق على اتفاق غزة وهدوء حذر في ...
- طلائع قوات أميركية تصل إلى إسرائيل لمراقبة جهود خطة ترامب في ...
- بوتين يدعو إلى تعزيز التعاون الإقليمي في قمة دوشنبه التاريخي ...
- 733 يوما من الجحيم… غزة تخرج من رماد حرب الإبادة


المزيد.....

- في مدى نظريات علم الجمال دراسات تطبيقية في الأدب العربي / د. خالد زغريت
- الحفر على أمواج العاصي / د. خالد زغريت
- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - مظهر محمد صالح - تحت ظلال شجرة النارنج: مدرسة زهاء حديد في بغداد