أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - حسين سالم مرجين - الأخلاقيات في البحث العلمي والحياة الاجتماعية : ممارسة فعلية تتجاوز الوثائق














المزيد.....

الأخلاقيات في البحث العلمي والحياة الاجتماعية : ممارسة فعلية تتجاوز الوثائق


حسين سالم مرجين
(Hussein Salem Mrgin)


الحوار المتمدن-العدد: 8489 - 2025 / 10 / 8 - 00:11
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


تمرّ بنا مواقف لا تُنسى، لا لأنها عظيمة أو فارقة، بل لأنها كاشفة. كاشفة للجوهر، للحقيقة التي تختبئ خلف الأقنعة. فمنذ سنوات، أرسلت لي أستاذة استبانة علمية بهدف تعبئتها، فقمت بذلك. أثناء عملية التعبئة، بدأت أفكاري تتوسع في اتجاه مختلف، مما ألهمني لكتابة مقالة لاحقًا.
عندما أنهيت كتابة المقال، راودني شك داخلي حول مدى أخلاقيته؛ فقد تكون بعض أفكار المقال قد تأثرت بطريقة غير مباشرة بالاستبانة. تواصلت مع الأستاذة وأطلعتها بشفافية على مضمون المقال، مؤكدًا أن الموضوع يختلف كليًا عن هدف استبانتها. كما بينت لها أنني أوضحت هذه الجزئية في مقدمة المقالة.
لكن المفاجأة كانت عندما انفعلت الأستاذة بشدة ورفضت ذلك تمامًا، معتبرة أن أي فكرة جاءت بعد تعبئة الاستبانة تعد من ممتلكاتها الفكرية، ولا يجوز استخدامها بأي شكل من الأشكال.
وبما أنني لم أكن مقتنعًا بردها، اتفقت معها على إحالة الموضوع إلى ثلاثة من الأساتذة المختصين. قدمت لهم تقريرًا مفصلاً يشرح حيثيات المقالة وبدايات الفكرة، فضلاً عن وجود فرق بين موضوع المقال والاستبانة. وقد أجمعوا جميعًا على أنه لا توجد أي سرقة فكرية أو أخلاقية.
رغم ذلك، وعند إطلاع الأستاذة على تقاريرهم، عادت للانفعال وهددت بتقديم شكوى رسمية. انتقلت النقاشات من المسار الأكاديمي إلى المقارنات الشخصية، حيث أرسلت لي أرقامًا عن تصنيفها الأكاديمي وادعت أنها أفضل مني من حيث مؤشرات التصنيف. وهو ما أراه مؤشرًا على انحدار مهني وأخلاقي لا يليق بعضو هيئة تدريس. لم تكتفِ بذلك، بل أصبحت ترسل لي أرقامًا ومقارنات.
هنا أدركت أن صورة الباحث – أي باحث – ليست في عدد منشوراته، ولا في مؤشراته البحثية المرتفعة، بل في طريقة أو أسلوب تعامله مع الخلاف، مع النقد، مع الآخر المختلف. لقد تبددت الصورة، وتكشّفت الهشاشة. بدا لي أن المضمون العظيم والعميق الذي كنت أراه في كتاباتها، ما هو إلا وهج لفظي لا يسنده عمق أخلاقي حقيقي.
للأسف، قد يمتلك البعض درجات أكاديمية عالية، لكنهم يفتقدون إلى الأخلاق التي تليق بحامل تلك الدرجات. لدينا في ليبيا مثل يقول: "تسمع بالمعيدي خير من أن تراه"، وهذا المثل ينطبق على تلك الأستاذة التي اعتقدت أنها مثال للأستاذة الأكاديمية المتميزة، وذلك من خلال سجلها الحافل بالأوراق العلمية والأرقام والمؤشرات المسجلة باسمها التي تعبر عن مستوى تلك الأبحاث. ولكن عند موقف معين، تبينت هشاشة تلك الأرقام وكأنها غير موجودة، ولا تعبر عن المضمون الحقيقي لتلك المؤشرات المرتفعة.
ما أود قوله في هذه الواقعة هو أن ليس كل نجاح أكاديمي يشير أو يضمن وجود أخلاقيات الباحث. هنا يخطر في ذهني مجموعة من التساؤلات المهمة:
- هل نحن ملتزمون بما نكتب؟
- هل نمارس الأخلاق قبل الدعوة لها؟
- هل يتوجب علينا تشكيل لجان أخلاقية للتأكد من أخلاقيات الباحث قبل أخلاقيات البحث؟
- كيف يمكن لباحث أو كاتب يدعو إلى الأخلاق وهو بعيد عنها؟
- هل الأخلاق وثيقة أم ممارسة؟
عمومًا، أردت من خلال هذه المقالة أن أعبر عن أن الأخلاق ممارسة فعلية وليست مجرد وثيقة. يجب أن تكون الأخلاق جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية، بمعنى أن تتجذر في وعي الباحث وسلوكه اليومي، سواء في التعامل مع المشاركين، أو في الأمانة العلمية، أو في نقل المعرفة، أو في احترام الخصوم الفكريين. بالتالي، ليست المشكلة في كتابة أفكار عظيمة أو بحوث ذات مؤشرات مرتفعة، إنما يتوجب أن نكون جديرين بتلك الأفكار والبحوث. فالمصداقية تبدأ من الانسجام والتوافق بين ما نقوله وما نفعله. يتطلب ذلك من الأساتذة والباحثين الالتزام بالقيم والمبادئ الأخلاقية في مختلف السياقات، سواء كانت أكاديمية أو اجتماعية أو غيرها. كما من المهم أن نتذكر أن الأخلاق ليست مجرد قواعد نظرية، بل هي سلوكيات يجب أن نمارسها بفاعلية في كل جانب من جوانب حياتنا اليومية.



#حسين_سالم_مرجين (هاشتاغ)       Hussein_Salem__Mrgin#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقاربة الشجرة في بناء المشروع النهضوي للتعليم في ليبيا
- عامين من طوفان الأقصى : تحولات من الدائرة العربية المغلقة إل ...
- دعوة لتأسيس تصنيف عربي للباحثين المؤثرين
- القضية الفلسطينبة بعد الخطاب الإسرائيلي في الأمم المتحدة : ق ...
- استدعاء أنماط التحية في المجتمع الليبي : تجسيد الهوية الوطني ...
- مدينة ودان كنموذج للتماسك الاجتماعي في ظل الأزمات في ليبيا
- عملية طوفان الأقصى : ليست مجرد خاطرة أو تسمية عابرة
- الحياة اليومية في المجتمع الليبي 1987- 1989 : قراءة نقدية لم ...
- مستقبل الأجيال في خطر: الفجوات التعليمية كنموذج
- جودة وضمانها في التعليم : إعادة بناء الثقافة كخطوة أساسية قب ...
- ما الذي ينقص ليبيا لتطوير تجربة تعليمية وطنية مشابهة للتجربة ...
- إعادة تشكيل العقل العربي بين المحاولات الفردية والهيمنة المع ...
- المشروع الوطني المفقود بين نظام القذافي والمجلس الوطني الانت ...
- القذافي والقضية الفلسطينية: شهادة عاطف أبوبكر
- العدوانية في الشخصية الليبية: سمة دائمة أم سلوك مكتسب؟
- التفاهة: بين السطحية والجهل لدى المسؤولين في المجتمعات المتأ ...
- استلهام قيم التنمية المستدامة من تجارب الأجداد والآباء
- كليات التربية في الجامعات الليبية: التحديات المستمرة والحاجة ...
- خطاب إلى مجموعة التفكير العلمي في ليبيا: دعوة جادة لتحمل الم ...
- الخلافات المفاهيمية وتأثيرها على بناء الدولة الليبية بعد عام ...


المزيد.....




- كحبيبين سابقين ودودين.. جينيفر لوبيز وبن أفليك معًا مجددًا ع ...
- ماذا قال نتنياهو في الذكرى الثانية لهجوم 7 أكتوبر؟
- المدن الداعمة للديمقراطيين في مرمى ترامب.. الحرس الوطني ينتش ...
- غرق قارب مهاجرين قبالة جزيرة ليسبوس ومصرع أربعة أشخاص
- بعد عامين على هجوم 7 أكتوبر... ترامب يرى -فرصة حقيقية- لإنها ...
- ما الجديد الذي يحمله المبعوث الأميركي في زيارته إلى سوريا؟
- -ما وراء الخبر- يناقش اتفاق حكومة دمشق و-قسد-
- الجنرال بريك: إذا لم يُوقَّع الاتفاق ستكون العواقب وخيمة على ...
- مسيّرات تضرب العمق الروسي وبوتين يستخف ويباهي بمكاسبه في أوك ...
- 12 شهيدا في غزة والاحتلال يواصل غاراته على القطاع


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - حسين سالم مرجين - الأخلاقيات في البحث العلمي والحياة الاجتماعية : ممارسة فعلية تتجاوز الوثائق