أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - حسين سالم مرجين - جودة وضمانها في التعليم : إعادة بناء الثقافة كخطوة أساسية قبل تطبيق مبادئ ديمنـج














المزيد.....

جودة وضمانها في التعليم : إعادة بناء الثقافة كخطوة أساسية قبل تطبيق مبادئ ديمنـج


حسين سالم مرجين
(Hussein Salem Mrgin)


الحوار المتمدن-العدد: 8453 - 2025 / 9 / 2 - 22:14
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


في اعتقادي، الجودة وضمانها ليست مجرد الحصول على شهادة اعتماد، كما هو الحال في العديد من المؤسسات التعليمية اليوم التي تسعى بشكل حثيث للحصول على تلك الوثيقة دون إحداث أي تغيير حقيقي في نتائجها. تأسس المركز الوطني لضمان جودة واعتماد المؤسسات التعليمية والتدريبية في ليبيا في العام 2006 كمشروع وطني طموح لإصلاح مخرجات التعليم، وهكذا كان يجب أن يكون. ومع ذلك، يرتكب المسؤولون اليوم في المركز خطأ جسيمًا إذا ضيعوا الفرصة التي يحملها هذا المشروع في مساره الصحيح الذي حلمنا به. يمتلك المشروع مفهومًا عميقًا للثقافة، ويتجاوز بذلك مجرد الشهادة الممنوحة من المركز. هنا، أعود إلى مبادئ ديمنـج الأربعة:
1. التخطيط: وضع الأهداف والمعايير اللازمة لتحقيق الجودة.
2. التنفيذ : تطبيق الخطط والعمليات وفقًا للمعايير المحددة.
3. التقييم : تقييم النتائج ومراجعة الأداء مقارنةً بالمعايير.
4. التحسين المستمر: اتخاذ الإجراءات التصحيحية والتحسينية بناءً على نتائج التقييم.
إذا استعرضنا هذه المبادئ، نجد أنها تمثل أداة لتحسين المؤسسات، ويتطلب ذلك وجود بيئة عمل تتمتع بثقافة تنظيمية ناضجة وفريق مؤهل مستعد للتحسين والتطوير. ومع ذلك، تعاني العديد من مؤسسات في العالم العربي من ضعف في البنية التحتية البشرية والتنظيمية، مما يجعل تطبيق هذه المبادئ بشكل مباشر غير واقعي. وهذا يعني إن تطبيق هذه المبادئ يعتمد على وجود ثقافة داخل تلك المؤسسات، خاصة التعليمية التي يتم تطبيقها فيها. لذا، لم يكن ديمنـج بحاجة إلى الحديث عن مرحلة ما قبل هذه المبادئ، مما يعني أن روح الجودة يجب أن تكون موجودة لدى جميع المعنيين، بدءًا من أعضاء هيئة التدريس والطلبة وصولًا إلى أولياء الأمور وغيرهم من ذوي العلاقة.
لقد كان نجاح مبادىء ديمنـج للجودة في اليابان مستندًا إلى الثقافة اليابانية التي اعتبرت الجودة طريقًا إلى لإعادة بناء البلاد. وبذلك، لم تواجه تطبيق الجودة في المؤسسات الصناعية عراقيل، بل أسفرت عن إنتاج يشبه المعجزة، ولا يزال هذا النجاح قائمًا في اليابان.
على الجانب الآخر، قامت بعض المؤسسات العربية، وخاصة التعليمية، بتطبيق الجودة وضمانها من خلال إنشاء مراكز وهيئات مختصة. ورغم مرور أكثر من عشرين عامًا على تأسيس بعضها، لا تزال بعض التحديات قائمة، خصوصًا فيما يتعلق بمقاومة التغيير، والتي ربما تفاقمت بمرور الوقت.
هنا نسارع إلى القول بأن المبادئ ديمنـج تصلح في المؤسسات التي تمتلك حدًا أدنى من النضج التنظيمي، مثل وجود قوانين واضحة، فرق عمل منسجمة، وشفافية مقبولة. هنا يمكن للدورة أن تعمل بفعالية، لأنها تدخل في حلقة التحسين المستمر مباشرة. أما المؤسسات التي تعاني من خلل بنيوي، مثل الفوضى التنظيمية، غياب ثقافة الفريق، رفض النقد، وضعف الالتزام، فإنها تواجه صعوبات كبيرة في تطبيق هذه المبادئ.
إن أبرز ما يلاحظ في مسألة الإخفاق في تطبيق الجودة وضمانها في مؤسسات التعليم هو ارتباط ذلك الإخفاق بقلة الموارد المالية أو التدريب، أو غيرها من التحديات. لكنني أرى أن المشكلة الأساسية ليست في قلة الموارد، رغم أهميتها، بل في الثقافة. لقد نجحت الجودة في اليابان والدول الأوروبية والآسيوية لأن ثقافتها تشجع على ذلك، بينما فشلت لدينا لأن ثقافتنا لم تدعم الجودة وضمانها. لا تزال المؤسسات التعليمية لدينا تعاني من خلل بنيوي، مثل الفوضى التنظيمية، غياب ثقافة الفريق، رفض النقد، وضعف الالتزام.
لذا، سأكون صريحًا وأقول إننا فشلنا في تطبيق الجودة وضمانها بالمعنى الصحيح، لأننا لم نستطع بناء فرق متميزة في معظم المؤسسات التعليمية. أصبحت الجودة وضمانها مرتبطة بشخصية مسؤول الجودة داخل المؤسسة، وكذلك بشخصية رئيس المؤسسة في حال اقتناعه بها. بالتالي، فشلت لدينا مبادئ ديمنـج لأننا بحاجة إلى مرحلة سابقة لتأصيل الجودة ضمن ثقافة المؤسسة.
لم تستطع المؤسسات التعليمية جعل الجودة وضمانها جزءًا من ثقافتها التنظيمية، بحيث تؤثر في التزام الأفراد بالمعايير والمؤشرات الموضوعة. فالثقافة تخلق الإنسان الذي يراقب نفسه، بمعنى أدق، تخلق إنسانًا جديدًا ليس هو نفسه ما قبل تأصيل تلك الثقافة.
لذا، يجب أن نميز بين ثقافة الجودة ومبادئ تطبيق الجودة، حيث لن تصنع المبادئ الثقافة، ولكن الثقافة ستؤدي بالضرورة إلى تطبيق المبادئ. نحن بحاجة إلى أداة لإعادة تأهيل المؤسسات التي تعاني من اختلال في تطبيق الجودة؛ وهي مرحلة ما قبل تنفيذ مبادئ ديمنـج، التي تمثل الركيزة التأسيسية (الخميرة) أو المحفز الأساسي قبل الانطلاق في دورة الجودة كما طرحها ديمنـج. وفي هذا السياق، يمكن اقتراح عدد من النقاط التي يمكن من خلالها بناء فرق الجودة، لتكون بداية لتطبيق مبادئ ديمنـج . حيث يمكن تصنيف هذه المرحلة إلى النقاط التالية:
1. التحصين : غرس قيم أساسية مثل الشفافية، الأمان الوظيفي، الانضباط، واحترام الوقت.
2. العمل الجماعي : تدريب الأفراد على التعاون وتوزيع الأدوار، وكسر ثقافة الفردية أو التنافس السلبي.
3. قبول النقد : تعزيز ثقافة المراجعة والنقد البنّاء بدلًا من الخوف من المحاسبة العقابية.
4. البناء : وضع خطة أولية واقعية، بحيث نبدأ من حيث بدأ ديمنـج: التخطيط، التنفيذ، التقييم، ثم التحسين.
بعد هذه المرحلة، يصبح الانتقال إلى دورة ديمنـج منطقيًا وقابلًا للنجاح. هكذا، تصبح مبادئ الجودة قابلة للتطبيق حتى في المؤسسات غير الناضجة، حيث ستسير العملية بالتدرج: بدءًا بتأسيس الفريق، ثم بناء ثقافة الجودة، وأخيرًا تطبيق أدوات الجودة.
هذا التمييز مهم جدًا في بيئات العالم الثالث وخاصة في العالم العربي، لأنه يقدم علاجًا تدريجيًا: أولًا إعادة تأهيل الثقافة، ثم تنظيم وتخطيط، وأخيرًا تحسين مستمر.



#حسين_سالم_مرجين (هاشتاغ)       Hussein_Salem__Mrgin#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما الذي ينقص ليبيا لتطوير تجربة تعليمية وطنية مشابهة للتجربة ...
- إعادة تشكيل العقل العربي بين المحاولات الفردية والهيمنة المع ...
- المشروع الوطني المفقود بين نظام القذافي والمجلس الوطني الانت ...
- القذافي والقضية الفلسطينية: شهادة عاطف أبوبكر
- العدوانية في الشخصية الليبية: سمة دائمة أم سلوك مكتسب؟
- التفاهة: بين السطحية والجهل لدى المسؤولين في المجتمعات المتأ ...
- استلهام قيم التنمية المستدامة من تجارب الأجداد والآباء
- كليات التربية في الجامعات الليبية: التحديات المستمرة والحاجة ...
- خطاب إلى مجموعة التفكير العلمي في ليبيا: دعوة جادة لتحمل الم ...
- الخلافات المفاهيمية وتأثيرها على بناء الدولة الليبية بعد عام ...
- هيمنة المسؤولون والفخر الزائف
- المبعوثون الأمميون في ليبيا: بين الأمل والإخفاق في صراع الجم ...
- إلى أين تتجه ليبيا بين متناقضات الفوضى والأمل؟
- التعليم العالي في ليبيا إلى أين ؟
- استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وإكراهات الغفلة والعفن وهبال ...
- قراءة نقدية حول خطة استشرافية لتطوير وتجويد التعليم في الوطن ...
- قراءة نقدية حول خطة استشرافية لتطوير وتجويد التعليم في الوطن ...
- قراءة نقدية حول خطة استشرافية لتطوير وتجويد التعليم في الوطن ...
- قراءة نقدية حول خطة استشرافية لتطوير وتجويد التعليم في الوطن ...
- مدينة الأصابعة والبحث عن الحقيقة المخبأة


المزيد.....




- لأول مرة.. العرض العسكري الصيني -الضخم- يجمع شي و بوتين وكيم ...
- -على العالم أن يختار بين السلام والحرب-.. أول تصريح لرئيس ال ...
- عشرات الشهداء وإسرائيل تحشد قواتها لاحتلال غزة
- نتنياهو يوصي وزراءه بالتكتم إزاء خطط ضم الضفة
- تقرير أممي: جيش ميانمار قتل 7100 من مسلمي الروهينغا منذ انقل ...
- محمد بن سلمان يجدد دعوة السعودية إلى-وقف حرب غزة فورا-.. وإد ...
- ترامب يعلن مقتل 11 -إرهابي مخدرات- بضربة أميركية استهدفت قار ...
- هجوم بسيارة مفخخة يستهدف بوابة معسكر للجيش الليبي في بني ولي ...
- ماكرون: فرنسا والسعودية ستترأسان مؤتمرا لدعم حل الدولتين.. و ...
- طهران تبدي انفتاحها على التفاوض مع واشنطن وترفض أي مساس ببرن ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - حسين سالم مرجين - جودة وضمانها في التعليم : إعادة بناء الثقافة كخطوة أساسية قبل تطبيق مبادئ ديمنـج