أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزّة: السَّماءُ تمطرُ دماً!














المزيد.....

غزّة: السَّماءُ تمطرُ دماً!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8464 - 2025 / 9 / 13 - 15:47
المحور: القضية الفلسطينية
    


الحزن ليس شعوراً عابراً، بل ذاكرة متجذرة في الوعي الجمعي للأمة! ما يؤلم اليوم أننا بتنا نرى الدين وقد تحوّل في بعض صوره إلى أداة تبرير بدل أن يكون أداة تحرر، وإلى غطاء للظلم بدل أن يكون صوت المظلوم.

حين جاء الشاه بكل أدوات الغرب ليُخضع الشيعة في إيران، اصطدم بجدار صلد من الرفض، وظل الدين يحفر في الأعماق حتى انفجر عليه في النهاية ونجحت الثورة الإسلامية في إيران!
ما يجب أن يُفهم أن المسألة ليست “الشيعة قاوموا والسنة لم يقاوموا”، بل القضيةُ كلها هي أنّ (الإسلام الشيعي) صُمّم منذ قرونه الأولى على أنه في مواجهة السلطة الغاصبة والجائرة، بينما (الإسلام السني) صُمّم على أنه حارسٌ للسلطة.
وهذا ما يجعل (الإسلام السني) اليوم متورطاً في تبرير كل سلطة قائمة حتى الفاسدة منها تحت لافتة “درء الفتنة” و "الطاعة وعدم الخروج على الحاكم"، بينما (الإسلام الشيعي) يملك في صلبه مفاهيم جاهزة للمواجهة:
الحاكم الجائر، التقية، الجهاد، عاشوراء، ولاية الفقيه، وكلها مفاهيم لا تعني شيئاً في العقل السني الرسمي، بل تُدان أحياناً باعتبارها تخريباً!

هنا يكمن الحزن الأكبر: أن يتحول الدين الذي نزل ليحرر الإنسان من عبودية السلطان إلى خادم في بلاط السلطان. أن تُفرّغ الروح من جوهرها، فلا يبقى للفقير المقهور إلا صبرٌ يفرض عليه، ولا يبقى للمظلوم إلا وصايا الطاعة العمياء.

الحزن أن يُستعمل حديث النبي عن "عدم الخروج" ذريعة لتثبيت الفساد، بينما كان جوهر رسالته أن يقول للظالم "كلا"! الحزن أن يتحوّل "درء الفتنة" إلى صك براءة لكل جائر، فيما الفتنة الحقيقية هي أن يسكت الناس على سحق الكرامة وسرقة الأوطان.

وليس هناك جرح أشد إيلاماً من جرح فلسطين؛ ذلك الوطن الممزق منذ عقود، حيث يتواصل النزيف بلا توقف، وحيث صار الاحتلال حقيقة يومية في حياة الناس، فيما صارت بيانات الشجب هي السقف الأعلى لأنظمة عربية غارقة في تبرير عجزها!
فلسطين اليوم هي المرآة التي تكشف عوراتنا جميعاً: أمة تتفرج على جرحها الأكبر وكأنه شأن بعيد عنها.

أما غزة، فهي صفحة دامية في كتاب هذا الحزن. غزة التي تُقصف ليل نهار، تتحول مستشفياتها إلى مقابر جماعية، يُقتل الأطباء بجوار مرضاهم، وتُقصف الحضانات على رؤوس الأطفال. في غزة لا ماء صالح للشرب، المياه المالحة الملوثة تختلط بمواد كيميائية مسرطنة تُسكب في الأنابيب لتسمم ما تبقى من حياة. في غزة لا دواء، ولا طعام، بل مجرد فتات يصل بشق الأنفس، بينما السماء تمطر دماً وصواريخ!

في غزة تُطفأ أنوار الكهرباء على غرف العمليات في لحظة حرجة، فيموت المريض لأنه فقير وتحت حصار. في غزة تُقطع الطرق على سيارات الإسعاف، وتتحول البيوت إلى مقابر، والشوارع إلى أنهار دم. هناك يُترك الناس عُزّلاً أمام جدار النار، يكتبون وصاياهم على هواتفهم قبل أن تنهار عليهم الجدران.

غزة اليوم ليست مجرد مدينة، بل شاهد على انهيار ضمير العالم! كل حجر فيها يصرخ، وكل جثة طفل فيها تسأل: لماذا تُركنا وحدنا؟ لماذا صار موتنا خبراً عابراً في نشرات الأخبار؟

لقد صنع التاريخ مسارين مختلفين: مسار يورث المواجهة حتى لو كانت خاسرة، ومسار يورث الطاعة حتى لو كانت مُهينة. وما بينهما ظلّت أجيالٌ كاملة حائرة بين دينٍ يُطالبها أن تكون عيوناً للسلطة، ودينٍ آخر يهمس لها أن لا سلطان فوق الحق.

ولعل السؤال الذي يبقى معلقاً في أعناقنا جميعاً: إلى متى سيبقى الدين في هذه الأمة سجالاً بين من يرفع راية المقاومة ومن يرفع راية الطاعة؟ وإلى متى سيظل المظلوم يفتش عن معنى العدالة في الكتب ولا يجدها في الواقع؟ وإلى متى ستظل غزة تستغيث فلا يجيبها أحد، وتظل فلسطين تنزف دون أن تتحرك الجموع؟

ذلك هو الحزن، وذلك هو الجرح المفتوح الذي لم يندمل بعد!

غزّة: السَّماءُ تمطرُ دماً… والعرب والمسلمون نيام كنومة أهل الكهف!


[محمود كلّم] كاتبٌ فلسطينيّ، يكتب في الشأنَين السياسيّ والوجدانيّ، ويُعنى بقضايا الانتماء والهويّة الفلسطينيّة. يرى في الكلمة امتداداً للصوت الحرّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحذاء الأمريكي… والحذاء العربي!
- خذوا العبرة… من ملوك الاستسلام وأمراء البيانات!
- التاريخ سيكتب: أنتم جميعاً خذلتم غزة!
- عشيرة عرب السّمنيّة.. حين صنع نايف الحسن صوت البطولة!
- فايز خليفة جمعة (أبو مديرس): رمز البطولة والشجاعة في عملية ا ...
- غزة… جنازة الكرامة العربية والإسلامية!
- من نهيق الحمير إلى بيانات الشجب والإدانة!
- غزة… الامتحان الذي أسقط العالم بالضربة القاضية!
- فاطمة البُديري… المرأة التي جعلت الأثير جبهةً للمقاومة
- نزار بنات... حين قال -لا- ونام في تراب الوطن!
- أنس الشريف ومحمد قريقع… حين يكتب الشهداء وصية الحقيقة ويفضحو ...
- في حضرة الخيانة: فلسطين بين نير الاحتلال ووباء الفساد!
- مليارات تُصرف على الحروب... ماذا لو صُرفت على الحياة؟
- في زمن الهوان... حين تئنّ الأمة ويشرق الأمل!
- حينَ كان الذِّئبُ وفيّاً... وخذلنا البشرُ!
- حينَ بَكى الذِّئبُ... ونامَ الإِنسانُ!
- غزة: حين تصمُتُ الإنسانيّةُ وتتكلمُ المجازر!
- زياد: نغمةُ الحياة التي انكسرت في قلب فيروز!
- أمير… طفلُ غزّة الذي مشى إِلى العدس فقتلتهُ رصاصةٌ: وصمةُ عا ...
- وداع فيروز لزياد: صمت الأم الذي أبكى الموسيقى!


المزيد.....




- مهمة جديدة لحلف شمال الأطلسي لتعزيز الجبهة الشرقية لأوروبا ب ...
- أكثر من 200 ألف ضحية.. هاليفي يكشف: واحد من كل عشرة في غزة ق ...
- فايننشال تايمز: تراجع دور أميركا في عهد ترامب ينشئ عالما بلا ...
- أردوغان: لن نسمح بتطبيق سياسة -فرّق تسد- في المنطقة
- مدير الصحة في غزة: البتر أصبح خيار الأطباء الوحيد لإنقاذ حيا ...
- كيف تحافظين على هدوء منزلك خلال العودة إلى المدرسة؟
- ربع مليون فروا.. نزوح متواصل من غزة مع تكثيف إسرائيل قصفها
- صورة متداولة لـ-تعزيزات عسكرية مصرية على طريق السويس-.. ما ح ...
- ما تفاصيل مقتل تشارلي كيرك؟
- -الجيش الإسرائيلي استولى على منزلي واستخدمه كفندق ثم أشعل في ...


المزيد.....

- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزّة: السَّماءُ تمطرُ دماً!