أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - مهدي المعموري ضفاف الحرف ومرافئ الذاكرة














المزيد.....

مهدي المعموري ضفاف الحرف ومرافئ الذاكرة


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8462 - 2025 / 9 / 11 - 13:29
المحور: سيرة ذاتية
    


في إحدى زوايا العراق التي تفيض بعبق النخل ومواويل الفرات، أبصر النور مهدي حنون علي المعموري سنة 1950 في قضاء المسيب، تلك المدينة التي احتضنت طفولته وأزهرت فيها بذور الموهبة الأولى، قبل أن تمتد به الخطى إلى دروب الأدب والعلم في كلية الآداب – الجامعة المستنصرية، حيث تخرج من قسم اللغة العربية عام 1975، مستلهمًا من ضادها روحًا تفيض بالشعر والسرد، ومن مناهجها زادًا لغويًا وبلاغيًا وافرًا.
لم يكن المعموري مجرد تلميذ للغة، بل كان عاشقًا متبتلاً في محرابها، فمضى في رحلته التعليمية والتربوية معلماً ثم مديراً لإعدادية المسيب، محاطًا بجيل من الطلبة الذين نهلوا من علمه ودماثته، قبل أن تحيله السنون إلى التقاعد، تاركًا خلفه مسيرة مهنية متوَّجة بالوفاء للمهنة والقلم معًا.
في ميدان الأدب، كان لمهدي المعموري صوته الخاص. جمع بين وهج الشعر وصفاء القصة، فصدح صوته في ديوان ضفاف الروح عام 2005، وهو ديوان ينضح بهموم الإنسان وانفعالاته، ويعكس مزاجًا شعريًا متزنًا، يحمل بين أنفاسه وجع الوطن ودهشة الحياة.
أما في القصة، فقد جاءت مجموعته الهبوط إلى القمة الصادرة عن وزارة الثقافة والآثار، لتؤكد أن المعموري لا يكتب من فراغ، بل من معايشة دقيقة للتفاصيل، ومن رؤى تنفذ إلى عمق التناقضات الإنسانية. وقد التقط الناقد عباس محسن الجبوري هذه الخيوط المحكمة، حين أشار إلى أن "المعموري في سردياته لا يصنف الحروف، بل يشوي الكلمات برائحة البارود، حيث لا يوجد وقف لإطلاق النار إلا لتقليل الخسائر وتنظيم قوائم الأسماء". وأضاف أن "الضمير هو الصوت الطاغي في مجموعته القصصية، وقد قلب المعموري المعادلة فجعل الأشخاص ثابتين والأماكن متحركة، وخلق بذلك دينامية سردية نادرة".
لكن ما يميّز المعموري أكثر من سواه من أبناء جيله، هو انشغاله الحميم ببيئته المحلية، وإصراره على توثيقها كتابةً. فجاءت ثلاث من موسوعاته لتكون بمثابة الأرشيف الحي لقضاء المسيب: موسوعة أعلام المسيب بجزأيها (2013)، موسوعة عشائر المسيب بطبعتين، وموسوعة أدباء وكتّاب المسيب (2020). وفي هذه الأعمال، تتجلى شخصية الباحث الذي نبش في بطون الذاكرة المحلية، وجمع الشهادات والأنساب والتفاصيل، كما أشار إلى ذلك الباحث السيد سلمان هادي آل طعمة الذي أثنى على هذا الجهد التوثيقي، واعتبره "عملاً صعبًا يؤدي خدمة مثلى للأجيال القادمة، ويؤسس لمعرفة دقيقة بتاريخ العشائر وأعلامها".
وفي السياق ذاته، كتب السيد أبو الحسن السروي النجفي عن كتاب عشائر المسيب قائلاً: "لقد أُوتي المؤلف الفهامة، فغاص في بحر هذا العلم المتشابك، وخرج بكتاب لا يعرف قيمته إلا من سكن هذه الأرض، أو حفظ صلاتها العميقة بتاريخ الناس والأنساب".
ومن جانبه، أوضح الناقد توفيق المعموري أن فكرة موسوعة أعلام المسيب انطلقت من تفاعل أهل المدينة مع منشورات مهدي المعموري على وسائل التواصل، التي وثّقت وجوهًا منسية من المدينة، حتى باتت ضرورة أن تُضم تلك المنشورات في كتاب. وأكد أن المؤلف قد واجه اعتراضات وانتقادات ممن لم يفهموا طبيعة الموسوعة، غير أنه أصرّ على الوفاء للمدينة وأهلها، قائلاً في مقدمة عمله: "الموسوعة لا تقيس المنزلة الاجتماعية، بل تجمع المعارف عن الشخصيات كما هي، لتبقى شاهدة على زمنها".
لم يكن أدب مهدي المعموري بمنأى عن أعين النقاد، فقد صدرت عنه دراسة بعنوان بواكير: كتاب نقد وتحليل في شعر توفيق المعموري، وهو دليل على موقعه الأدبي وأثره في المشهد المحلي، كما نال جوائز عدة من بينها الجائزة الثانية في مسابقة القصة القصيرة لتربية بابل، وجائزة الإبداع من نقابة المعلمين، إلى جانب تكريمات من اتحاد المؤرخين واتحاد العشائر العراقية، في دلالة على تنوع الحقول التي أنجز فيها وأثرى بها.
ما يلفت النظر في تجربة المعموري هو حرصه على العمل الجماعي الثقافي، فكان عضوًا في اتحاد الأدباء والكتاب في بابل، وعضوًا في اتحاد الصحفيين، والمنتدى الأدبي، وتجمع البيان، ومنتدى الأكاديميين. كما أسس "الرصيف الثقافي السنوي" الذي جمع فعاليات ومؤسسات ثقافية في المسيب، ليؤكد أن الثقافة لا تكتمل إلا إذا عبرت من ضفاف الحبر إلى ضفاف الفعل.
ولا يزال مهدي المعموري ممسكًا بالقلم، إذ لديه أعمال قيد الطبع، منها ديوان الضفاف النائية، ومجموعة مقالات وبحوث بعنوان سطور بقلم الرصاص، وهي إشارة إلى استمرار حضوره وحرصه على إيصال صوته للقارئ العراقي والعربي، بصوت الحكيم الذي خبر الحياة، وعين الشاعر التي لا تزال ترى الجمال بين الركام.
مهدي المعموري ليس مجرد شاعر أو قاص، بل هو مزيج من المعلم والمؤرخ، من الشاهد والفاعل، من العاشق للأدب والوفيّ لمحلته وأهله. وإن كانت تجربته لم تنل بعد ما تستحقه من احتفاء نقدي وإعلامي واسع، فإنها تبقى من التجارب التي تضيء الهامش بنور المركز، وتعيد للمدن الصغيرة حقها في الخلود عبر الكلمة.
هو ذا المعموري: ضفاف لا تنضب، وروح تقطر بالحكايات



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدكتور عدنان العوادي حكمة الأكاديمي وروح الأديب
- ليلى عبد الأمير حين تتكئ القصيدة على ريشة وتكتب قلبًا
- حسين مبدر الأعرجي: القاص الذي كتب بمداد الذاكرة والمكان
- عمران العبيدي شاعر تتقد الكلمات بين أصابعه
- وسام العبيدي الباحث الجاد والشاعر المتأمل
- محمد الزهيري... فكرٌ يقاوم، وصوتٌ لا يهادن
- قيس الجنابي الناقد الذي حرّك سواكن النص، وفتّش في ضمير الترا ...
- محمد مبارك بين الفلسفة والنقد الأدبي
- ناجح المعموري رحالة الأسطورة والفكر في فضاء الثقافة العراقية ...
- مضر النجار الموسوي شاعر الضفتين، ولسان الحرف المتأمل
- وئام كريم الموسوي حين تتفتّح القصيدة بأنوثة الجنوب وروح بابل
- زهير عبد الرزاق محيي الدين العالمُ الذي حملَ العراقَ في قلبه ...
- عبد الجبار عباس: قامة نقديّة باسقة
- فوزي الطائي شاعر القصيدة المتأملة وباحث النصوص العميقة
- حسام آل زوين.. بين جمر التجربة ولهيب الكتابة
- سلام كاظم فرج القاص والناقد الذي كتب بضمير الوطن
- فلاح الرهيمي حارس الفكرة وناقل الشعلة
- الشاعر أكرم بخيت حين يُزهرُ الحزنُ على ضفاف الفرات
- ولاء الصواف حين تصير الأرض شعرًا والقصيدة خريطة للروح
- عدنان سماكة نبض الحلة الثقافي وسادن التراث


المزيد.....




- ترامب عن اختراق مسيرات روسية أجواء بولندا: -ربما كان خطأً-
- مجلس الأمن يدين بالإجماع الضربات في قطر من دون ذكر إسرائيل ب ...
- نوحٌ يعبر البحر المتوسط بسفنه
- الحرب على غزة مباشر.. عشرات الشهداء بالقطاع وإدانات واسعة بم ...
- بريطانيا تصدر بيانا بشأن -تلميحات- تزعم مشاركتها في الهجوم ا ...
- الحكومة المصرية تؤجل رفع أسعار الكهرباء -للسيطرة على التضخم- ...
- اجتماع طارئ لمجلس الأمن بشأن خرق مسيّرات روسية لأجواء بولندا ...
- -علّمني كلمة أحبك!-.. المغنية نيكول تعترف بعلاقتها بـ لامين ...
- نتنياهو يوافق على بناء مستوطنات جديدة ويتعهد بعدم قيام دولة ...
- مجلس الأمن يبحث غدا انتهاك أجواء بولندا ودعم عسكري أوروبي لو ...


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - مهدي المعموري ضفاف الحرف ومرافئ الذاكرة