أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - ولاء الصواف حين تصير الأرض شعرًا والقصيدة خريطة للروح














المزيد.....

ولاء الصواف حين تصير الأرض شعرًا والقصيدة خريطة للروح


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8435 - 2025 / 8 / 15 - 11:32
المحور: سيرة ذاتية
    


في الشعراء من يُشبه الأرض، ومن يُشبه الماء، ومن يُشبه الغيم، أما ولاء الصواف، فهو كل ذلك معًا، شاعرٌ جيولوجيّ الحرف، يحفر في طبقات اللغة كما يحفر عالمُ الأرض في تضاريس الزمن، ليكشف عن مجازاتٍ منسية، وخيباتٍ متراكمة، وأملٍ يسطعُ أحيانًا كعصفورٍ عبر سماء الخراب.
ولد الشاعر ولاء حسين علي إبراهيم الصواف في الحلة بتاريخ 17 آب 1966، المدينة التي أنجبت حكايات بابل القديمة، ووهبت أبناءها الحنين والفن والمعرفة. درس في كلية العلوم بجامعة بغداد، وتخصص في الجيولوجيا، فصار يقرأ التشققات الخفية في الصخر، قبل أن ينتقل لقراءة التشققات الأعمق في النفس البشرية، عبر الشعر. ومنذ بداياته، كانت الكلمة عنده بوصلة، والقصيدةُ وطنًا بديلًا.
كتب الشعر مبكرًا، ولم يكن مجرد صوت عابر في فضاء الأدب، بل أصبح ركنًا من أركان الحركة الثقافية في العراق. نشط في اتحادات الأدباء، ترأس نادي الشعر في بابل، أدار دار نشره الخاصة، وحرر مجلات ثقافية مهمة. لكن صوته ظل نابعًا من الداخل، من الأعماق التي لا يبلغها سوى مَن خبروها.
مجاميعه الشعرية: "كاميكاز"، "كفن شهريار"، "أغاني الصموت"، "كلب ينبح فوق الغيم"، "مطر مايو"... كلها عناوين توحي بالخروج عن المألوف، والارتماء في تجارب شعرية تمزج الرؤيا بالحلم، والواقع بالخيال، والحضور بالغياب.
ولاء الصواف ليس شاعرًا تقليديًا، بل هو شاعر السيرة الشعرية، وفق ما وصفه الدكتور عبد الله التميمي الذي رأى أن "السيرة في شعر الصواف تُؤسّس ذاكرة حرة لا تخضع لسياقات الواقع"، بل تتقاطع مع سيرته الشخصية وسيرة بلاده الجريحة، من خلال رؤيا فنية "تشغل الخيال الشعري وتتماهى مع الأحاسيس المحسوسة"، ليخلق نفسًا شعرية تسرد وتدافع وتقاوم. ويضيف التميمي أن الصواف حين يكتب عن مدينته، الحلة، "يدخل بشفراتها التاريخية، ويعيد تنظيم سيرة المدينة عبر خياله الواسع"، ليجعل من الألم مادة للشهادة لا للندب.
أما الناقد ذياب شاهين، فوقف طويلاً عند ديوانه "أغاني الصموت"، حيث رأى أن العتبة الأولى فيه ــ أي العنوان ــ تكشف عن مفارقة شعرية عميقة تجمع بين الصوت والصمت، بين الغناء والسكوت. يقول شاهين:
"الشاعر الحديث يرى بأذنيه ويستمع بعينيه"، في إشارة إلى لعبة الحواس التي يفرضها الصواف على قارئه، والتي تجعلنا نستمع إلى الغناء الداخلي، إلى القصائد التي لا تُلقى بصوتٍ عالٍ، بل تُقرأ كأنها ترتيلة خافتة في أعماق الذات. فـ"الصَّموت" كما يقول، ليس سكوتًا ناتجًا عن خوف، بل صمتٌ ناتج عن حكمة، عن بلاغة مؤجلة.
ولم تغب ظاهرة الاغتراب عن تجربة الصواف الشعرية، بل كانت من أبرز ملامحها، كما رصدت ذلك الناقدة هيام عواد راشد في بحثٍ نُشر بمجلة الفنون والآداب، حيث درست دواوينه من زاوية الاغتراب الزماني والمكاني والاجتماعي، مشيرة إلى أن "الشاعر ولاء الصواف حمل وجع الإنسان المغترب في وطنه، والمحروم من امتلاك مصيره، فجاء شعره صدىً لهذه المعاناة العميقة التي تجاوزت الخاص إلى العام".
لقد تُرجمت قصائد الصواف إلى الفارسية، والإنجليزية، والإسبانية، ودرِست أعماله في رسائل ماجستير ودكتوراه في إيران والعراق، وكان عنوان إحداها: "ظواهر الأداء الدرامي في الشعر العراقي – ولاء الصواف أنموذجًا"، وهي إشارات واضحة على أنّ ما يكتبه لم يعد ملكه وحده، بل أصبح جزءًا من الأدب العراقي الحديث، يُقرأ ويُحلَّل ويؤثّر.
ولاء الصواف ليس شاعرًا يكتب عن الحروب من خارجها، ولا يصف الألم كمراقب، بل هو ابن هذه التجارب جميعها: الحرب، الفقر، الغربة، والمقاومة. يكتب من قلب الصدع، ويغني وسط الصمت، ويزرع المعنى في أرضٍ قاحلة كي لا ييبس الجمال تمامًا.
هو شاعرٌ لا ينتمي إلى مدرسة شعرية بعينها، بل إلى لحظة إنسانية متوترة، حيث كل حرفٍ محاولة للبقاء، وكل قصيدة تمرينٌ على عدم الانكسار.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عدنان سماكة نبض الحلة الثقافي وسادن التراث
- عبد الله كوران الشاعر الذي أعاد ترتيب أنفاس الجبال
- عدنان البراك... مسيرة النور والوفاء
- صلاح حسن شاعر الطفولة والغربة وصوت العبور إلى ضفاف جديدة
- كوكب حمزة مُلحِّن النَّغَم الثائر ورفيق المنفى الطويل
- صادق الطريحي الشاعر الذي مشى إلى اللغة بأجنحة من رؤيا
- عادل حبه: شاهد قرنٍ مضرجٍ بالخيبات والأمل
- في عيد الصحافة الشيوعية... حين تُقاتل الكلمة
- الخطيب الثائر محمد الشبيبي
- الشهيد الذي كتب بالحبر والدم: عبد الجبار وهبي (أبو سعيد)
- عبد الرزاق الصافي: نبضُ الصحافةِ الحمراء وقلمُ الفكرة الواضح ...
- قاسم محمد حمزة... صوت الشعب الذي أعدمه الطغيان
- عبد الأمير محيميد... ربيع الشوملي الذي أزهر في فجر الإعدام
- المقدم إبراهيم كاظم الموسوي... نبيلُ الحلة ودرعُ الثورة الذي ...
- سنية عبد عون رشو... راوية الأنوثة المتأملة ومفاتيح الغموض ال ...
- الشهيد النقيب الطيار عبد المنعم شنّون.. شهقة الحلة التي اختن ...
- عبد القادر البستاني أنفاس العراق الحمراء التي لم تُطفأ
- سعود الناصري... قلمه لم ينكسر، وصوته لم يُخرس حتى وهو يودع ا ...
- حسن عوينة... قصيدة لم تكتمل لأنفاسها الأخيرة
- سراب سعدي حين تكتب المرأة لتتخطى جدران -السجن الجميل-


المزيد.....




- رجل اصطاد سمكة ليتفاجأ بسيارة في قاع البحر.. والصدمة مما وجد ...
- ماذا نعرف عن خليل الحية رئيس وفد حماس المشارك في مباحثات ال ...
- ألمانيا ترفض خطة -أي 1- الاستيطانية تنسف حلّ الدوليتين
- الوحدة الشعبية: تصريحات نتنياهو حول رؤيته بتحقيق “اسرائيل ال ...
- لماذا يستعر القتال بأوكرانيا قبل قمة ألاسكا بين ترامب وبوتين ...
- موجات الحر تخفض أعداد الطيور الاستوائية بحدة
- صحيفة روسية: 4 أسئلة عن قمة ألاسكا المرتقبة
- انضمامات لافتة وجدل قضائي يشعلان ذكرى تأسيس -العدالة والتنمي ...
- رئيس الكنيست: أقيموا الدولة الفلسطينية في لندن أو باريس
- مفاوض الكرملين يوضح لمراسل CNN -ما يتفهمونه- بالعلاقات الأمر ...


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - ولاء الصواف حين تصير الأرض شعرًا والقصيدة خريطة للروح