أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - عدنان سماكة نبض الحلة الثقافي وسادن التراث














المزيد.....

عدنان سماكة نبض الحلة الثقافي وسادن التراث


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8432 - 2025 / 8 / 12 - 21:18
المحور: سيرة ذاتية
    


في مدينة الحلة، حيث تتنفس الحروف من جذور الحضارة، ويُصاغ التاريخ من عبير الفرات، وُلد عدنان سماكة عام 1934، في محلة الوردية، من أسرة دينية كان عبق مجالسها منهلًا أول لغيث وعيه. لم تكن خطواته التعليمية سوى امتداد طبيعي لطفولته النهمة للمعرفة، فتدرج في دروب الدراسة بين الفيحاء وثانوية الحلة، ثم ارتقى إلى دار المعلمين، ومنها إلى كلية الآداب في الجامعة المستنصرية، حيث تخرج من قسم اللغة العربية في دفعتها الأولى، وكأن اللغة ذاتها انتخبته رسولًا لها في أرض العراق.
قارب النصف قرن قضاه معلّمًا ومربيًا، ثم باحثًا وأديبًا، ومن خلال مكتبات المدارس التي تولى شؤونها، لم يكن مجرد قيّم على الكتب، بل حارسًا أمينًا لذاكرة أجيال، يغذيها من معين ثقافته الواسعة، ويوقظ فيها جذوة التساؤل والتأمل.
امتاز عدنان سماكة برؤية شمولية قلّ نظيرها؛ فهو باحث في التاريخ، وكاتب في اللغة، وأديب يُساجل الحرف بحب، وإذاعي يخاطب الأذن بصفاء العالم العارف. كتب في كل شيء، من النص القرآني إلى الجغرافيا، من المناسبات التاريخية إلى قضايا اللغة، حتى جاوزت مقالاته الألف، فكان كمن ينحت الوعي في زمنٍ كثُر فيه الصخب وقلّ فيه الصدق.
وقد جمع في مؤلفاته شتات معارفه وسنين بحثه الطويلة، فكان كتابه "حصاد السنين" شهادة وفاء لرحلة فكرية مخلصة، بينما جاء كتابه عن قبيلة ربيعة تأصيلًا لهوية اجتماعية وثقافية مغفلة، أما "شذرات من القرآن الكريم"، فقد حمل رؤيته المتأنية في التأمل والتدبر، رؤية الباحث لا المتكلف، العارف لا المدّعي.
ورغم تقدم العمر، لم ينثنِ عن سعيه في تحصيل العلم، بل واصل طريقه نحو الدكتوراه في معهد التاريخ والتراث العربي، لكن المنية اختطفته قبل أن يبلغ أمنيته الكبرى، فرحل في 21 كانون الثاني 2016، ودفن في النجف الأشرف، غير أن اسمه بقي حيًا في ذاكرة الحلة، يُتلى كلما ذُكر الأدب والبحث والإخلاص للثقافة.
يصفه النقاد بأنه "ذاكرة الحلة المتحركة"، رجل جمع بين التواضع والمعرفة، بين الجهد والمثابرة، وكان من القلة الذين يكتبون ليضيئوا لا ليتباهوا، يُشيدون بثقافته الموسوعية، ويؤكدون على نقاء نبرته في كل سطر كتبه. قال عنه أحدهم في تأبينه: "لم يكن عدنان سماكة باحثًا في الكتب فقط، بل باحثًا في الحياة، وكان يكتب كأنما يخاف على الكلمة أن تُظلم، فينصفها بقلمه".
في حفل تأبينه الذي أقامته جمعية الرواد في 23 كانون الثاني 2017، استحضر الأصدقاء والتلاميذ سيرته، بعضهم بشعر يفيض وفاءً، وبعضهم بكلمات يغمرها الحنين، غير أن الأبلغ كان حضور روحه في قلوبهم، فعدنان لم يكن مجرد باحث، بل روح مدينة، وسادن تراثها، وصوت من أصواتها الحية.
لقد عاش عدنان سماكة حياة ملؤها العطاء، ومضى تاركًا أثرًا لا يُمحى، كأنّ الحلة حين ودّعته لم تودّع رجلًا، بل ودعت فصلًا كاملًا من فصول ثقافتها النبيلة.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عبد الله كوران الشاعر الذي أعاد ترتيب أنفاس الجبال
- عدنان البراك... مسيرة النور والوفاء
- صلاح حسن شاعر الطفولة والغربة وصوت العبور إلى ضفاف جديدة
- كوكب حمزة مُلحِّن النَّغَم الثائر ورفيق المنفى الطويل
- صادق الطريحي الشاعر الذي مشى إلى اللغة بأجنحة من رؤيا
- عادل حبه: شاهد قرنٍ مضرجٍ بالخيبات والأمل
- في عيد الصحافة الشيوعية... حين تُقاتل الكلمة
- الخطيب الثائر محمد الشبيبي
- الشهيد الذي كتب بالحبر والدم: عبد الجبار وهبي (أبو سعيد)
- عبد الرزاق الصافي: نبضُ الصحافةِ الحمراء وقلمُ الفكرة الواضح ...
- قاسم محمد حمزة... صوت الشعب الذي أعدمه الطغيان
- عبد الأمير محيميد... ربيع الشوملي الذي أزهر في فجر الإعدام
- المقدم إبراهيم كاظم الموسوي... نبيلُ الحلة ودرعُ الثورة الذي ...
- سنية عبد عون رشو... راوية الأنوثة المتأملة ومفاتيح الغموض ال ...
- الشهيد النقيب الطيار عبد المنعم شنّون.. شهقة الحلة التي اختن ...
- عبد القادر البستاني أنفاس العراق الحمراء التي لم تُطفأ
- سعود الناصري... قلمه لم ينكسر، وصوته لم يُخرس حتى وهو يودع ا ...
- حسن عوينة... قصيدة لم تكتمل لأنفاسها الأخيرة
- سراب سعدي حين تكتب المرأة لتتخطى جدران -السجن الجميل-
- حسين حسان الجنابي شاعر تستضيء به الحروف


المزيد.....




- اجتماع ثلاثي في عمّان لدعم استقرار السويداء ووحدة سوريا
- وزير الخارجية المصري: تنسيق مع واشنطن والدوحة لإحياء هدنة ال ...
- إسقاط المساعدات فوق غزة يتواصل وسط تشكيك بمدى فعاليتها
- وقف تصدير الأسلحة الألمانية لإسرائيل - نهاية مبدأ المصلحة ال ...
- قمة ألاسكا حول أوكرانيا: هل تصطدم طموحات ترامب بشروط بوتين؟ ...
- تصاعد المخاوف في أوروبا بشأن المواد الكيميائية الأبدية السام ...
- خطوة في طريق مسدود.. قراءة إيرانية في زيارة وفد الطاقة الذري ...
- السيسي: نرفض المساس بأمننا المائي وحصتنا من نهر النيل
- إيران تعلن القبول بمفاوضات مباشرة مع أميركا -حال توفر الشروط ...
- عاجل | الإخبارية السورية: رتل عسكري للاحتلال الإسرائيلي تحرك ...


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - عدنان سماكة نبض الحلة الثقافي وسادن التراث