أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - حسين حسان الجنابي شاعر تستضيء به الحروف














المزيد.....

حسين حسان الجنابي شاعر تستضيء به الحروف


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8409 - 2025 / 7 / 20 - 13:36
المحور: سيرة ذاتية
    


في مدينة الحلة، حيث يمتزج التاريخ بالعطر الرافديني، وتتنفس البيوت عبق الفرات وتُروى القصائد بماء السلالة الطيبة، وُلد الشاعر حسين حسان الجنابي في محلة الجامعين يوم الأول من تموز عام 1960. وكأنّ الشعر قد قرّر أن يفتح عينيه هناك، متسللًا في هدوء الطفولة، ومتربصًا بلحظة اشتعال الموهبة.
وحين انتقلت أسرته إلى ناحية القاسم أواخر عام 1964، لم تكن تعرف أنها تنقل معها بذرة شاعر ستورق في تلك الأرض الطيبة. فمنذ دخوله المدرسة الابتدائية هناك عام 1966، بدأ يلتفت إلى ما بين السطور، لا ما فوقها. كان يُصغي إلى اللغة كما يُصغي العاشق إلى خفقات قلبه، ويتهجّى الحياة من خلال دفتر القراءة، لكنه يكتبها في مخيلته بيتًا من شعر.
تخرّج من ثانوية القاسم عام 1978، ثم واصل دراسته الجامعية في كلية الزراعة بجامعة البصرة، حيث تخصص في وقاية النبات، وكأن الطبيعة كانت تمهّد له علاقةً خفيّةً مع الكلمة، تنمو وتزهر وتحيا، كما يحيي الشاعر وردةً في قصيدته. بين المختبر والحقل، وبين الفكرة والتفعيلة، ظل حسين حسان يخيط من اللغة ثيابًا للوجع العراقي، ويطوّق الذاكرة بقلائد الشعر.
عمل في مديرية زراعة بابل حتى إحالته إلى التقاعد في عام 2016، لكنه لم يتقاعد عن القصيدة، بل ظلّ "صادحًا"، كما أسماه أحد دواوينه، يعزف على أوتار القلب، ويبعثر شظايا الروح في أوراق الهزيع الأخير.
الشاعر حسين حسان لم يكن شاعرًا مكرورًا في لغته، ولا طيفًا عابرًا في مشهد الشعر الحلي والعراقي، بل كان صوته مميزًا يحمل من حرارة الجنوب ومن عمق الفرات ما يجعل قصائده تنبض لا بالكلمات وحدها، بل بالتاريخ الشخصي والقومي، بالحس الإنساني والعراقي في آنٍ معًا.
أصدرت عنه جامعة قم رسالة ماجستير وُسمت بـ"الصور الفنية في شعر حسين حسان الجنابي"، ونال فيها الباحث تقدير امتياز، وهي شهادة أكاديمية رفيعة تؤكد ما أجمع عليه النقاد من أن شعره يحتفي بالخيال المشتعل والصورة الباهرة، وأنه استطاع في زمن مزدحم بالضجيج أن يكتب بشفافية الضوء، وقسوة الجرح.
لم يكن حضور حسين حسان في الشعر الحلي مجرد سطرٍ في هوامش التاريخ الأدبي، بل كان أحد الأسماء التي فرضت وجودها بما أنجزته من أعمال شعرية لافتة، توزعت بين الغنائية الشفيفة والوجدانية العميقة، وبين الانتصار للمعنى والانخراط في نبض الناس وهمومهم.
وقد ذكره عدد من الباحثين والنقاد في كتب وموسوعات متعددة، أبرزها:" تكملة البابليات" للدكتور صباح نوري المرزوك (ص 276، الجزء الأول)،" أدباء وكتّاب بابل المعاصرون" للسيد عبد الرضا عوض (ج 3 ص 186)، "الحسين في الشعر الحلي" للدكتور سعد الحداد (ج1 ص 284)، "ما قاله الشعراء في قاسم العطاء" للأستاذ عبد العظيم عباس الجوذري، "شعراء بابل في نصف قرن" (ص 36) للدكتور سعد الحداد، "موسوعة أعلام العراق" للأستاذ موفق الربيعي (ج4)، "موسوعة الشعر العراقي الفصيح من عام 1932 حتى 2022" للباحثة المغربية فاطمة بوهراكة (الجزء الأول – ص 492).
وقد رأى فيه بعض النقاد امتدادًا حيًّا لروح الشعر العراقي، حيث تتلاقى في نصوصه نبرة الجواهري في سطوتها اللغوية، وظلال السيّاب في حزنها الشفيف، وإن ظلت بصمته واضحة، متميزة، لا تُشبه إلا نفسها.
أصدر الشاعر حسين حسان (15) ديوانًا، تمثّل محطات واضحة في نضوجه الشعري ومسيرته الفنية، من "أغاريد الفجر" وحتى "ظلال ونصال"، وكل ديوان منها يحمل توقيعًا مختلفًا على جدار القصيدة العراقية، مزج فيها بين حب الوطن، وتأملات النفس، واحتفاءه الدائم بالكلمة الحيّة. وهو اليوم يضع اللمسات الأخيرة على ديوانه الثالث عشر، في استمرارية لا تخبو، وعطاء لا ينضب، مؤكدًا أن الشعر ليس مرحلةً في حياة الإنسان، بل حياة في كل مرحلة.
إن الحديث عن حسين حسان ليس حديثًا عن شاعر فحسب، بل عن وجدانٍ مشرّع على الفجر، وروحٍ نذرت نفسها للقصيدة، وبوحٍ ما زال يُغنّي رغم الضجيج، ويكتب رغم الجراح، ويعزف رغم أنين الحياة. هو واحد من أولئك الذين لا يشيخ فيهم الشعر، لأنهم ببساطة وُلدوا منه، وسيظلون مقيمين في بيت القصيدة العراقية، كما يقيم الضوء في العين، والماء في الجذر، والنور في الحرف.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حامد الهيتي الفنان الذي تشظّى في ضوء الإبداع
- حامد كعيد الجبوري ذاكرة التراث وصوت الوجدان الشعبي
- باسم محمد الشمري حين يتخذ الشعر هيئة المعلم وملامح النهر
- طارق حسين شاعر الطفولة والوجدان العراقي.. رحلة بين النقاء وا ...
- 14 تموز: انقلاب تحوّل إلى ثورة... وأحلام انتهت بالخيبة
- أنمار كامل حسين ريشة الشعر وصوت الوجع الجميل
- الدكتورة إنصاف سلمان الجبوري سيدة الحرف وناقدة الخطاب الثقاف ...
- أمل عايد البابلي بين اعترافات الشعر وهمس النثر
- أحمد الخيّال شاعرٌ يمشي في ظل القصيدة
- إبراهيم خليل ياسين قلبٌ يخطُّ القصيدة ويحكي الحكاية
- إبراهيم الجنابي شاعرُ الأرضِ والهواء ومراكبُ الحلم
- شمران الياسري...راوي السخرية الحزينة وصوت الفلاحين
- في ذكرى انتفاضة معسكر الرشيد حسن سريع... أيقونة نضالية لا تت ...
- ركن الدين يونس عاشق الكلمات المتوهجة
- محمد سالم البيرماني شاعر الغربة والبرهان
- الدكتور محمد عبد اللطيف مطلب فيلسوف الفيزياء ورائد الحرف الع ...
- فائق الخليلي قاصٌّ منفىً وسردٌ من ضوء الجرح
- علي جواد الطاهر صوت النقد النابض بين التراث والحداثة
- ستّار خضير… قامة نضالية شامخة
- عبد المجيد الماشطة الحِلّيُّ الذي نَفَذَ إلى لُغَة الإنسان


المزيد.....




- محمد رمضان وتامر حسني يؤديان -الذوق العالي- في إهداء خاص لمح ...
- -تناول طعاما فاسدا-.. نتنياهو سيستريح في منزله 3 أيام بعد إص ...
- عشرات القتلى من طالبي المساعدات في غزة والجوع يواصل حصد الأر ...
- البابا يدعو إلى وضع حدّ فوري لحرب غزة -الهمجية-... وعدد قتلى ...
- سوريا: دخول قوافل إغاثية إلى السويداء من دون وفد حكومي
- عقود -حيوية-: هل بإمكان إدارة ترامب الاستغناء عن -سبيس إكس-؟ ...
- ترامب يطلب من كوكاكولا والشركة ترد... ما القصة؟
- مصر: مقتل -إرهابيين- ومواطن خلال مداهمة -وكر- لحركة -حسم-
- البابا ليون الرابع عشر يندد بحرب غزة -الهمجية- ويدعو إلى وقف ...
- إيران تعلن استبدال أنظمة الدفاع الجوي المتضررة بعد حربها مع ...


المزيد.....

- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - حسين حسان الجنابي شاعر تستضيء به الحروف