أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - طارق حسين شاعر الطفولة والوجدان العراقي.. رحلة بين النقاء والوعي














المزيد.....

طارق حسين شاعر الطفولة والوجدان العراقي.. رحلة بين النقاء والوعي


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8404 - 2025 / 7 / 15 - 14:01
المحور: سيرة ذاتية
    


في مدن العراق وقرى نواحيه، حيث تتداخل الأصوات وتتصارع الألوان، يولد الشعر كنبع عذب ينبعث من أعماق الحياة اليومية، لا يتوقف عن التدفق إلا ليشربه من يشتهي الجمال والكلمة الصادقة. من تلك البقعة الصغيرة في ناحية المدحتية، بزغ نجم شاعر قلّما تجد له مثيلاً في بساطة لغته وصدق وجدانه، هو طارق حسين كاظم خضير ، الذي ولد في الأول من يوليو عام 1955، وحمل في روحه لهيب الشعر وشغف الكلمة، ليرسم لوحة عراقية نقية تحمل من الحلم والوجدان ما يشد القارئ والقارئة على حد سواءمتأثراً بشقيقه الصحفي الراحل عدنان حسين الذي بدأ مسيرته الصحفية كاتبا لحكايات الاطفال .
كانت البدايات معه أشبه بنبضةٍ خفية تتسلل إلى القلب، حين بدأ ينسج انشوداته للأطفال، لا مجرد كلمات تُغنى أو تُلقى، بل رسائل منبرية تنضح بحب البراءة والحرية والعلم، مستلهمة من طفولته العراقية المليئة بالأمل والتحدي. قصائده التي حملت عناوين مثل «القمر والحرية» و«المدرسة» و«بالعلم والعمل» لم تكن مجرد أبيات عابرة، بل كانت منارات ضوء هادئة في ظلمة زمنها، فازت بجوائز عدة من إذاعة بغداد ووزارة الثقافة ودار ثقافة الأطفال، تؤكد أن صوته لم يكن هماً هامساً، بل صار زاخراً بالعطاء والالتزام الثقافي.
في تلك الحقبة، كان طارق حسين يخوض معركة موازية على جبهات الصحافة الأدبية، حيث عرفته الأوساط الثقافية محرراً ومراسلاً، لا يكتفي بالكتابة بل كان جزءاً من منظومة ثقافية كبيرة في مجلة «مجلتي» وصحيفة «طريق الشعب»، يحرص على رفع صوت الأدباء الشباب، ودعم التجارب الجديدة، وكان عضواً في لجنة فحص النصوص الشعرية لأكثر من خمسة عشر عاماً، مما يدل على مكانته الراسخة وموثوقيته في الوسط الأدبي.
ولعلّ أزهى فصول تجربته الشعرية، كانت مجموعة «ما لم يقله البهلول» الصادرة عام 2020 عن دار كيان بدمشق، التي عبرت عن صيرورة ناضجة لشاعر جمع بين الحكمة والفلسفة، بين الماضي والواقع، بين لغة الشعر القديمة والهموم المعاصرة، فتجلّت فيها صورة عراقية نابضة بالحياة، وبصورة إنسانية مدهشة. هذه المجموعة لاقت ترحيباً واسعاً من كبار النقاد والأدباء، منهم جبار الكواز وريسان الخزعلي، الذين أثنوا على تمكنه من صياغة القصيدة بمهنية عالية، وبساطة رصينة، جعلت قصائده جسر تواصل حقيقي بين القارئ والنص.
لم يغب نقد الشعر عن تجربة طارق حسين، فقد حظي باهتمام ملحوظ من قبل النقاد الذين وقفوا عند خصائص شعره الفنية والوجدانية. يقول الناقد جبار الكواز عن شعره: "في قصائد طارق حسين نجد مزيجاً رائداً بين لغة نقيّة وبسيطة، وبين عمق المعنى الذي يلامس قضايا الإنسان والطفولة والوطن. إنّه شاعر لا يغرق في تعقيدات اللغة، بل يختار كلمات تنبض بحياة القلب، فتصبح قصيدته صدى صادقاً للمشاعر والهموم."
كما يرى الشاعر والناقد ريسان الخزعلي أن: "ما يميز طارق حسين هو قدرته على الجمع بين الأصالة والحداثة، بين التقليد والابتكار، فهو يكتب شعراً تقليدياً بلا تقليدية، وينسج نصوصه بأسلوب دافئ يحمل نكهة إنسانية تجعله قريباً من القارئ مهما اختلفت أجياله. في شعره تلمس صدق التعبير وشفافية المشاعر التي تلامس وجدان الإنسان."
ويشير الدكتور صباح نوري المرزوك إلى أن: "شعر طارق حسين يمتاز برهافة حسه الشعري، فهو لا يكتفي بوصف المشهد أو الحدث، بل يغوص في أعماق النفس الإنسانية، في طفولة العراق وأحلامه، متجاوزاً حدود الشكل إلى جوهر التجربة الشعرية، مما يمنحه قيمة فنية وإنسانية عالية."
وقد أشار عدد من النقاد إلى مكانته الخاصة في شعر الأطفال، معتبرين أن: إنجازاته في مجال الشعر الموجه للأطفال تمثل إضافة مهمة، حيث لم يكن الأمر مجرد كلمات سهلة، بل رسائل تربوية ووجدانية تنبع من تربة عراقية أصيلة، تحفز الأطفال على حب المعرفة والقيم الإنسانية."
كل هذه الآراء توضح أن تجربة طارق حسين ليست سطحية أو نمطية، بل هي تجربة متكاملة، تحمل بين ثناياها هموم الوطن والإنسان والطفولة، وتقدم نموذجاً ملهماً لشاعر عاصر تفاصيل الحياة بصدق ووعي.
عبر سنوات عمله الصحفي، لم يكن طارق حسين مجرد كاتب أو شاعر، بل كان مرآة للواقع العراقي، يكتب بما تقتضيه الضمائر الحية، وبقلم يختزن حكايات الناس وأحلامهم، فتراها تنبثق بين سطوره كما لو كانت أنفاس الوطن نفسه. هذا التزاوج بين الفكر والشعر، بين النقد الذاتي والاحتفاء بالتراث، يرسّخ موقعه كأحد أهم الأصوات الشعرية العراقية الحديثة، التي تمتلك مفتاحاً لفهم تفاصيل الحياة اليومية وتعقيداتها من خلال لغة شعرية شفافة وبليغة.
هكذا، يبقى طارق حسين نموذجاً شعرياً عراقياً متكاملاً، يجمع بين الأدوار الإبداعية المختلفة، ويشكل صوتاً ملهماً يتجاوز حدود القصيدة ليصل إلى عمق الإنسان العراقي، إلى طفولته وألمه وأمله، في لغة تأبى إلا أن تكون صادقة، تنساب بلا تكلف، وتخترق القلوب بسحر الكلمة البسيطة، فتبقى ذكراه وشعره نوراً ينير دروب الثقافة العراقية، ويحث الأجيال القادمة على حمل المشعل.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 14 تموز: انقلاب تحوّل إلى ثورة... وأحلام انتهت بالخيبة
- أنمار كامل حسين ريشة الشعر وصوت الوجع الجميل
- الدكتورة إنصاف سلمان الجبوري سيدة الحرف وناقدة الخطاب الثقاف ...
- أمل عايد البابلي بين اعترافات الشعر وهمس النثر
- أحمد الخيّال شاعرٌ يمشي في ظل القصيدة
- إبراهيم خليل ياسين قلبٌ يخطُّ القصيدة ويحكي الحكاية
- إبراهيم الجنابي شاعرُ الأرضِ والهواء ومراكبُ الحلم
- شمران الياسري...راوي السخرية الحزينة وصوت الفلاحين
- في ذكرى انتفاضة معسكر الرشيد حسن سريع... أيقونة نضالية لا تت ...
- ركن الدين يونس عاشق الكلمات المتوهجة
- محمد سالم البيرماني شاعر الغربة والبرهان
- الدكتور محمد عبد اللطيف مطلب فيلسوف الفيزياء ورائد الحرف الع ...
- فائق الخليلي قاصٌّ منفىً وسردٌ من ضوء الجرح
- علي جواد الطاهر صوت النقد النابض بين التراث والحداثة
- ستّار خضير… قامة نضالية شامخة
- عبد المجيد الماشطة الحِلّيُّ الذي نَفَذَ إلى لُغَة الإنسان
- الشيخ يوسف كركوش سادن الذاكرة الحِلِّيّة وأحد أعلام التأريخ ...
- الشيخ عبد الكريم الماشطة مصباح علمٍ وتنوير في ظلمات الركود
- قارئ الطين: طه باقر حين نطقت الأرض باللغة السومرية
- ريام الربيعي حين يكتب الجمال أنوثته شعراً


المزيد.....




- تحوّل مغاير كليًا.. شاهد كيف ردت روسيا على عزم ترامب تزويد أ ...
- -أخيراً، ترامب يتوصل إلى الطريق لإيقاف آلة الحرب الروسية- - ...
- اتفاق لوقف إطلاق النار في السويداء.. وإسرائيل تأمر بمهاجمة ق ...
- إسبانيا تطلب تعليق اتفاق الشراكة الأوروبي مع إسرائيل مادامت ...
- للمرة الأولى.. فرنسا تمنح حق اللجوء لجميع الغزيين غير المشمو ...
- 3 حالات خلال 10 أيام.. انتحار الجنود يكشف عمق الأزمة النفسية ...
- احتفال في مدينة يوتوبوري السويدية بمناسبة الذكرى 67 لثورة 14 ...
- ثورة الخصوبة في الشرق الأوسط .. أطفال أقل مشاكل أكثر؟
- الولايات المتحدة: إجلاء 500 شخص على الأقل من منطقة غراند كان ...
- نيس: --صدمة كبيرة-- بعد منح محكمة فرنسية كنيسة أرثوذكسية ومق ...


المزيد.....

- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - طارق حسين شاعر الطفولة والوجدان العراقي.. رحلة بين النقاء والوعي