أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - أحمد الخيّال شاعرٌ يمشي في ظل القصيدة














المزيد.....

أحمد الخيّال شاعرٌ يمشي في ظل القصيدة


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8397 - 2025 / 7 / 8 - 20:11
المحور: سيرة ذاتية
    


في مدينة القاسم، حيث يُصافح الفجر ضوء النخل، ويكتب نهرها حنينه على سطور السواقي، وُلد أحمد جاسم الخيّال في صيف عام 1968، ليكون أحد أولئك الذين خُلقوا من وهج الحروف، وتربّوا في حضن اللغة، وارتضعوا من مجازاتها كما يرتضع الطفل من أثداء الأساطير.
كان الطفل الذي خطا نحو مدرسة "موسى بن نصير" لا يحمل في حقيبته سوى قلم، لكنه كان يحمل في قلبه حبرًا يتوق أن يصير ديوانًا. ومنذ تلك اللحظة، كانت القصيدة تعدّ له مقعدًا بين أبنائها، حتى نشرت أولى قصائده عام 1986، وكان بعدُ طالبًا في الرابع الإعدادي. ومنذئذٍ لم تغب عنه الكلمة، لا في يقظته، ولا في حُلُمه.
نال الشاعر شهادة البكالوريوس في اللغة العربية من كلية الآداب، جامعة بغداد عام 1992، ثم نهل من نبع الدراسات العليا حتى نال الماجستير من جامعة القادسية عام 2008، والدكتوراه من جامعة بابل عام 2013. غير أن شهاداته لم تكن أوراقًا معلّقة على جدران الإدارات، بل كانت مفاتيح فتحت له أبواب التأمل، وأقلامًا زادت من توهّج مداده.
يكتب الخيّال الشعر والقصة، لكنه حين يكتب كأنما يعجن الحروف بتراب الوطن، ويقطّرها من وجد روحيّ عميق، فنصوصه تحمل حسًّا صوفيًا ونبضًا إنسانيًا مشوبًا بعشق للحق والجمال. وقد نالت قصائده جوائز مرموقة، مثل "مسابقة الجود العالمية" عن قصيدته "سجدة على أرض الجود"، وجائزة "سيد الأوصياء"، وجائزة "شاعر الحسين" في البحرين لعامين متتاليين، وجائزة كركوك للقصة القصيرة، وجائزة "بهم انتصرنا" التي حيّت بطولات الحشد الشعبي.
ويعدّه النقاد واحدًا من أبرز الشعراء الذين جمعوا بين الموهبة والصنعة، بين الحسّ الديني الرقيق واللغة الفخمة. يقول عنه أحد النقاد: "أحمد الخيّال لا يكتب قصيدة المناسبات، بل يمنح المناسبة حياتها الشعرية الخاصة، فلا تعود مجرد ذكرى، بل طقسًا من طقوس الشعر، ونبضًا من أعماق التجربة الإنسانية."
ولم يكتفِ الخيال بكتابة الشعر، بل كان مثقفًا موسوعيًا، وأكاديميًا جادًا، فقد نشر أكثر من خمسة عشر بحثًا علميًا محكمًا، وشارك في مؤتمرات علمية وثقافية لا تُحصى. كما تبوّأ مناصب ثقافية مهمة، منها رئاسة المنتدى الأدبي في القاسم، ورئاسة الهيئة الاستشارية للبيت الثقافي في المدينة، وكان رئيس تحرير لمجلة "المحقق" العلمية المحكمة.

أما مؤلفاته، فهي منارات تتوزع بين البلاغة، والتفسير، وسِيَر الأئمة، والشعر. نذكر منها: أضرحة الماء (ديوان شعري خاص بأهل البيت)، يقظة النعناع، ونهارات شطبتها التقاويم، ومرايا الأنهار تبتكر الوقت، كتابه البلاغي المهم الأشكال البديعية في القرآن الكريم، وكتابه المثال الإلهي علي بن أبي طالب (ع) الذي استخلص فيه شخصية الإمام من ضوء النصوص وجلال المعاني.
وقد أحيا الخيال بقلمه شعر المديح لا بوصفه تكرارًا تقليديًا، بل كموقف روحي ومعرفي، فقصائده الحسينية مثقلة بدموع التاريخ، وموشّاة بماء الوجد. وهو في هذا يُشبه شعراء الطف القدامى الذين مزجوا بين الرثاء والتحليل، بين العاطفة والرمز.
ولئن كانت القصيدة لدى البعض وردةً للزينة، فهي لدى أحمد الخيّال صلاةٌ، ورايةٌ، وسلاح. ولهذا لا يمكن أن يُذكر اسمه إلا مقرونًا بالصدق، فكل بيتٍ كتبه يشهد أنه عاشه قبل أن يخطّه.
ولعلّ أجمل ما يقال في وصف أحمد الخيّال أنه من الشعراء الذين لا يكتبون لأنهم يحسنون الكتابة، بل لأنهم لا يستطيعون أن يتنفسوا دونها... وكأن القصيدة هي هواء الروح، وهي الطريق، وهي الوطن حين تضيق الأوطان.
من شعره قصيدته "مطرٌ مكرّر" وهي تستند إلى رؤية تأملية سوداوية، تعكس حالة من الخيبة الجمعية المتكررة، وتوظّف رموزًا دينية وتاريخية (كيوسف والبئر، والمطر، والليل) للدلالة على الانتظار العقيم والانبعاث المؤجَّل، وموضوعها تأمل في واقع مأزوم، محمّل بالتكرار، والخذلان، وتعب الذاكرة الجمعية. واسلوبها نثري مشحون بالشعرية، يعتمد على الصورة الرمزية والتناصّ، دون التزام بوزن تقليدي. أما لغتها فهي كثيفة، إيحائية، فيها تلاعب دلالي ولغوي، وتوظيف لصور مفارقة ومركّبة. وثيمتها المركزية: المطر كرمز للخلاص المتكرر بلا جدوى، يقابله التكرار التاريخي للألم والانتظار. والقصيدة تُجسّد وعيًا مأزومًا بالحاضر، وهي دعوة خفية للتأمل لا للثورة، تعبّر عن الإعياء أكثر من الأمل. ورغم طابعها الفلسفي، لكنها مشحونة بجمال شعري كبير. الشاعر هنا لا يصرخ، بل يتأمّل بألمٍ داخلي، يزن المفاهيم، ويحوّلها إلى رموز. لا شيء مباشر، كلّ شيء متخفٍ خلف صورة أو إشارة.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إبراهيم خليل ياسين قلبٌ يخطُّ القصيدة ويحكي الحكاية
- إبراهيم الجنابي شاعرُ الأرضِ والهواء ومراكبُ الحلم
- شمران الياسري...راوي السخرية الحزينة وصوت الفلاحين
- في ذكرى انتفاضة معسكر الرشيد حسن سريع... أيقونة نضالية لا تت ...
- ركن الدين يونس عاشق الكلمات المتوهجة
- محمد سالم البيرماني شاعر الغربة والبرهان
- الدكتور محمد عبد اللطيف مطلب فيلسوف الفيزياء ورائد الحرف الع ...
- فائق الخليلي قاصٌّ منفىً وسردٌ من ضوء الجرح
- علي جواد الطاهر صوت النقد النابض بين التراث والحداثة
- ستّار خضير… قامة نضالية شامخة
- عبد المجيد الماشطة الحِلّيُّ الذي نَفَذَ إلى لُغَة الإنسان
- الشيخ يوسف كركوش سادن الذاكرة الحِلِّيّة وأحد أعلام التأريخ ...
- الشيخ عبد الكريم الماشطة مصباح علمٍ وتنوير في ظلمات الركود
- قارئ الطين: طه باقر حين نطقت الأرض باللغة السومرية
- ريام الربيعي حين يكتب الجمال أنوثته شعراً
- صبري الحيدري الناقد الذي رأى في الإهداء مرآة للنص
- الدكتور سامي سعيد الأحمد راوي ذاكرة الحضارات
- الدكتور صباح نوري المرزوك عاشق الحلة ومؤرّخ وجدانها
- حسين علوان عينٌ على بابل وقدمٌ في لغة العالم
- أحمد الناجي مؤرخ الذاكرة ومثقف الحلة المتجدد


المزيد.....




- -إذا كنت تحمل سلاحًا فما الخيارات المتاحة أمامي؟-.. شاهد عيا ...
- حفيدة الشيخ مرهج شاهين تحمل مسؤولية وفاته لقوات الحكومة بعد ...
- من وزارة الدفاع الى محيط قصر الرئاسة.. إسرائيل تقصف قلب دمشق ...
- -جزيرة فاضلة؟ استقالة وزيرة العمل في كوبا إثر تصريح قالت فيه ...
- -أموال سهلة لكن الكلفة باهظة-.. إسرائيل تطلق حملة للتحذير من ...
- رئاسة في العراء.. أحمد الشرع بين أزمات الداخل والضربات الإسر ...
- للمرة التاسعة في عامين.. بركان شبه جزيرة ريكيانيس في أيسلندا ...
- روسيا تطلق 400 طائرة مسيّرة على مدن أوكرانية وتوقع إصابات و ...
- مؤسسة غزة الإنسانية تعلن مقتل 20 فلسطينيا جراء التدافع عند م ...
- قضية جيفري إبستين...حين يتنصل ترامب من نظرية مؤامرة متجذرة ف ...


المزيد.....

- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - أحمد الخيّال شاعرٌ يمشي في ظل القصيدة