أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - عبد المجيد الماشطة الحِلّيُّ الذي نَفَذَ إلى لُغَة الإنسان














المزيد.....

عبد المجيد الماشطة الحِلّيُّ الذي نَفَذَ إلى لُغَة الإنسان


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8386 - 2025 / 6 / 27 - 20:17
المحور: سيرة ذاتية
    


في عالمٍ تتقاطع فيه الدلالة بالإشارة، ويتداخل فيه المعنى بالسلوك، وقف الدكتور عبد المجيد الماشطة، ابن الحِلّة، كواحد من أعلام اللسانيات في العالم العربي، يخطّ بحبر الدرس العلمي طريقًا نحو فهم اللغة بوصفها كائناً حيًّا نابضاً بالتاريخ والثقافة والنفس البشرية. لم يكن الماشطة مجرّد أستاذ جامعي أو مترجم للنظريات الغربية إلى العربية، بل كان وسيطًا حضاريًا نقل علم اللسانيات من فضائه المجرد إلى نبض الواقع العربي، مزاوجًا بين الأصالة والحداثة، بين التراث والمعاصرة.
ولد عبد المجيد عبد الحليم الماشطة سنة 1941 في محلة جبران بمدينة الحلة، المدينة التي طالما كانت مهداً للعلماء والمفكرين، ونهل من مدارسها الأولى ثم ارتحل إلى بغداد حيث تخرّج في قسم اللغة الإنكليزية بكلية الآداب سنة 1964. غير أن طموحه العلمي لم يتوقف عند نيل الشهادة الجامعية، فحصل على الماجستير من الجامعة الأميركية ثم الدكتوراه، لينطلق بعد ذلك في مسار أكاديمي طويل، ابتدأه بالتعليم الثانوي، ثم ارتقى إلى مراتب التعليم الجامعي، وتسنّم مناصب مرموقة، فكان رئيساً لقسم اللغة الإنكليزية في جامعة البصرة عام 1976، ثم رئيساً لمعهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها في الجامعة المستنصرية سنة 1982.
في مسيرته العلمية، جمع الماشطة بين النظرية والتطبيق، وبين التأصيل والتحديث، فقدّم للمكتبة العربية مجموعة من المؤلفات المهمة التي أصبحت مراجع أساسية للباحثين في اللسانيات. من أبرز مؤلفاته:
علم الدلالة (1980)، وهو عمل تأسيسي استعرض فيه البدايات وتطوّر المفهوم.
علم الدلالة السلوكي (1986)، حيث اقترب من اللغة بوصفها سلوكًا إنسانيًا لا ينفصل عن المحيط.
البنيوية وعلم الإشارة (1986)، وهو نصّ قرّب فيه القارئ العربي من مدارس تحليل اللغة الغربية.
مسرد التداولية (2018)، عمل توثيقي مهم للمصطلحات في حقل شائك.
اللغة العربية واللسانيات المعاصرة (2019)، كتاب ينطق بهموم اللساني العربي الباحث عن موقع في مشهد عالمي.
وإلى جانب مؤلفاته، كان الدكتور الماشطة جسرًا بين الثقافات، فترجم أعمالًا مؤثرة في علم اللغة من الإنجليزية إلى العربية، أبرزها موسوعة علم الدلالة لـجي. آر. بالمر، وكتاب علم الدلالة لـجون لاينز، وقد أُعيد إصدار بعضها في العقد الأخير، تأكيدًا على استمرارية أثره العلمي.

لم يكن الماشطة نخبويًا في علمه، بل حاضر في الجامعات العراقية والعربية، من بغداد إلى البصرة، ومن بابل إلى طرابلس الغرب وصنعاء ومكة. عُرف بأنه أستاذ محب للتدريس، مشرف مخلص على طلبته، وعضو فاعل في اتحاد الأدباء العراقيين وجمعية المترجمين.
لقد ترك بصمة علمية وإنسانية امتدت بعد وفاته عام 2019، حين ووري الثرى في النجف الأشرف. لم يترك رحيله فراغًا فحسب، بل أطلق سلسلة من المبادرات الاستذكارية: أقامت كلية الآداب في بغداد حفلاً تأبينيًا له، وسمّى اتحاد أدباء وكتاب بابل برنامجه الفصلي باسمه، اعترافًا بفضله ومكانته، وأقيمت له أمسية وفاء شارك فيها زملاؤه وتلامذته.
وقد أجمعت آراء الباحثين والنقّاد على أنه من أبرز من رسّخوا علم اللسانيات في العراق، وفتحوا بوابات التحديث في حقل ظل لعقود حبيس المناهج التقليدية. وصفه البعض بـ"الضوء الهادئ"، الذي لا يثير الجلبة لكنه ينير الطريق، وقال عنه أستاذه وصديقه الدكتور حميد الهاشمي ذات مرة: "لم يكن الماشطة يدرّس اللغة، بل كان يوقظها من سباتها في أذهاننا."
وهكذا، فإن عبد المجيد الماشطة لم يكن مجرد اسم في قائمة الأساتذة، بل كان حلقة حيوية في سلسلة تطور الفكر اللساني العربي. وسيظل إرثه العلمي نبراسًا لكل باحث يرنو إلى لغة الإنسان، لا بوصفها مجرد وسيلة، بل بوصفها بيت الوجود.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيخ يوسف كركوش سادن الذاكرة الحِلِّيّة وأحد أعلام التأريخ ...
- الشيخ عبد الكريم الماشطة مصباح علمٍ وتنوير في ظلمات الركود
- قارئ الطين: طه باقر حين نطقت الأرض باللغة السومرية
- ريام الربيعي حين يكتب الجمال أنوثته شعراً
- صبري الحيدري الناقد الذي رأى في الإهداء مرآة للنص
- الدكتور سامي سعيد الأحمد راوي ذاكرة الحضارات
- الدكتور صباح نوري المرزوك عاشق الحلة ومؤرّخ وجدانها
- حسين علوان عينٌ على بابل وقدمٌ في لغة العالم
- أحمد الناجي مؤرخ الذاكرة ومثقف الحلة المتجدد
- جعفر هجول شاعر مترحل بين الغربة والعشق
- الناقد الذي عبر الظل أمين قاسم خليل
- أحمد سوسة ضميرُ العلمِ ومسافرُ الزمان في خرائط الأرض وذاكرة ...
- خالد الحلّي شاعر المنفى وصوت الطفولة البعيد
- قراءة في قصيدة -النهر والمقصلة- للشاعر موفق محمد
- جعفر الكوّاز حاملُ الهوى ومفهرسُ الذاكرة
- الدكتور عدنان الظاهر سيرة حياة عالم كيميائي مميز
- عبد الإله كمال الدين... العابر بين الخشبة والمكتبة
- أديب كمال الدين شاعر الحرف ومتصوف المعنى
- الدكتور وليد جاسم الزبيدي شاعر الذاكرة والمناسبات
- قاسم عبد الأمير عجام الناقد الذي قتلته الكلمات الحية


المزيد.....




- الرئيس الأمريكي يوقع على اتفاق سلام لإنهاء أحد أقدم الصراعات ...
- بيزنس إنسايدر: قطر أسقطت الصواريخ الإيرانية ببطاريات باتريوت ...
- الرئيس الجيبوتي يعتزم تفعيل دور -إيغاد- لحل الأزمة السودانية ...
- جنرال أميركي يكشف سبب عدم قصف موقع إيراني نووي بقنابل خارقة ...
- -الشيوخ- الأمريكي يحبط -محاولة ديمقراطية- لتقييد قدرة ترامب ...
- عراقجي: على ترامب التوقف عن استخدام لهجة غير لائقة تجاه المر ...
- مجلس الشيوخ يرفض تقييد صلاحيات ترامب في الحرب مع إيران
- مقتل مواطنين عراقيين في تركيا.. وتحرك عاجل للسلطات
- أول رد من إيران على تصريحات ترامب عن -إنقاذ خامنئي من موت مش ...
- تحقيق إسرائيلي يكشف عن أوامر بقتل فلسطينيين أثناء تلقيهم مسا ...


المزيد.....

- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - عبد المجيد الماشطة الحِلّيُّ الذي نَفَذَ إلى لُغَة الإنسان