أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - أديب كمال الدين شاعر الحرف ومتصوف المعنى














المزيد.....

أديب كمال الدين شاعر الحرف ومتصوف المعنى


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8362 - 2025 / 6 / 3 - 12:43
المحور: سيرة ذاتية
    


في مدينة الحلة، حيث تنبض الذاكرة العراقية بعطر الحرف الأول ودهشة القصيدة، وُلد الشاعر والناقد والمترجم أديب كمال الدين عام 1953، ليحمل اسمه منذ بداياته وعدًا شعريًا وموهبة متوهّجة. نال شهادته الجامعية الأولى في الإدارة والاقتصاد من جامعة بغداد عام 1976، ثم ما لبث أن عاد إلى محراب اللغة فحصل على بكالوريوس في الأدب الإنكليزي من كلية اللغات في الجامعة ذاتها عام 1999، ومن بعده دبلوم الترجمة الفورية في أستراليا عام 2005، حيث استقر لاحقًا، مواصلًا فعل الإبداع بلغة الروح ومفردات المنافي.
عمل كمال الدين في الصحافة العراقية والعربية، وشارك في تأسيس مجلة أسفار، كما انتسب إلى عدد من النقابات والاتحادات الأدبية والثقافية. ترجم شعره إلى لغات شتّى: الإيطالية، الإنكليزية، الفارسية، الإسبانية، الفرنسية، الكردية، الأوردية وغيرها. نال جائزة الإبداع في العراق عام 1999، وكرّمه برلمان ولاية نيو ساوث ويلز في أستراليا عام 2016 عن منجزه الشعري والصحفي، فيما اختيرت قصائده مرتين ضمن أفضل القصائد الأسترالية المكتوبة بالإنكليزية.
أصدر خمسًا وعشرين مجموعة شعريّة بالعربية والإنكليزية، نذكر منها: تفاصيل (1976)، ديوان عربي (1981)، نون (1993)، أخبار المعنى (1996)، النقطة (1999)، حاء (2002)، ما قبل الحرف .. ما بعد النقطة (2006)، الحرف والغراب (2013)، رقصة الحرف الأخيرة (2015)، وحياتي، حياتي! (2021). وقد صدرت أعماله الشعرية الكاملة في ستة مجلدات عن دار ضفاف – بيروت بين 2015 و2020. وامتدت تجربته الشعرية إلى لغات العالم، فترجمت بعض مجموعاته إلى الفارسية، والفرنسية، والإسبانية، والأوردية، واحتُفي بها أكاديميًا في العديد من الرسائل الجامعية والدراسات النقدية.
وأديب كمال الدين لم يكن شاعرًا تقليديًا، بل مؤسِّسَ مدرسة شعرية قائمة على فلسفة الحرف، فالحروف العربية في قصائده ليست مجرد أصوات أو أدوات بل كائنات حية، رمزية، متوهجة، تُجسِّد الصراع الوجودي، وتفتح نوافذ على أسرار الروح والمعنى. لقد استعار من الحرف العربي عمقه الروحي والثقافي، وحوّله إلى مرآة للذات، ومفتاح للأسئلة الكبرى: من نحن؟ وما جدوى الكلمة؟ وما مصير هذا العبور؟
في ديوانه الأول تفاصيل، تتبدّى البذور الأولى لهذه الرؤية، لكنها تتبلور لاحقًا في مجموعات مثل أبواب والحرف والغراب، حيث يصبح الحرف ذاته محمولًا بالقلق والأسى، ويتحول إلى رمزية كونية تشمل الموت والحياة، الفقد والحضور، السؤال واليقين.
ولم تكن هذه الحروفية منعزلة عن تراثه الروحي، فقد تأثر كمال الدين بتراث التصوف الإسلامي، وبأسماء مثل الحلاج وابن عربي، فامتزج في قصائده التأمل الصوفي بالبحث الفلسفي، حتى بدت أشعاره كأنها حوار بين الروح والنص، بين الماورائي واليومي، بين العزلة والحلم.
أما الغربة، فقد حفرت في وجدانه مساحات واسعة من الحنين والقلق، فبعد مغادرته العراق واستقراره في أستراليا، صار المنفى سطرًا ثابتًا في دواوينه، وغدت الهوية سؤالًا وجوديًا لا يفتأ يطل برأسه من خلف كل حرف وكل استعارة. كتب عن الانتماء الممزق، وعن الوطن المزدوج، وعن الغياب الذي لا يُعوَّض إلا بالقصيدة.
تتميز لغته الشعرية بالاختزال والتكثيف، إذ لا يركن إلى البلاغة الجاهزة، بل يغوص في اللغة باحثًا عن أشكال جديدة للتعبير، فيغامر بتركيب الصورة وتوليد المجاز، تاركًا نصوصه مشرعة على التأويلات. ولهذا فإن شعره لا يُقرأ بل يُستكشَف، كأنه ألغاز معرفية وروحية تنتظر من يفتح مغاليقها.
لقد أرسى أديب كمال الدين مشروعًا شعريًا فريدًا، زاوج فيه بين الحرف والهوية، بين الغربة والمعنى، بين اللغة والروح، فغدا شاعرًا يُعيد تشكيل اللغة لا بوصفها وسيلة بل غاية، ولا بوصفها نظامًا بل كونًا.
وما تجربته إلا مرآة لرحلة إنسانية وجمالية نادرة، تحتفي بالحرف وتغامر بالمعنى. إنها تجربة تستحق أن تُدرَس بعمق، لا لأنها فقط أغنت الشعر العربي الحديث، بل لأنها أيضًا طرحت أسئلته الكبرى، وسعت إلى بناء جسر بين الذات والعالم، بين الشرق والمنفى، بين الشعر والحياة.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدكتور وليد جاسم الزبيدي شاعر الذاكرة والمناسبات
- قاسم عبد الأمير عجام الناقد الذي قتلته الكلمات الحية
- الدكتور علي الربيعي ذاكرة المسرح العراقي
- حسين السلطاني.. الشاعر الذي ظلمه المجتمع
- عادل الياسري.. وردة عراقية نزفت شعراً
- علي الحمداني... شاعر تفتّحت في قلبه حدائق الشعر والوفاء
- حمزة فيصل المردان شاعر يتقاطع فيه النبض العمودي والهمّ الحدا ...
- حامد الشمري: شاعر العمود ومترجم القصيدة العالمية
- الدكتور جليل كمال الدين المُترجِم الذي أهدى القارئ العربي دف ...
- جبار الكواز.. صائغ الطين وحارس الذاكرة البابلية
- الدكتور علي إبراهيم قارئ السرد العراقي وناقد الغربة الحيّة
- أحمد زكي كاظم الأنباري بين ضوء الكلمة ونبض التاريخ
- الشاعر عبد الهادي عباس طاقة شعرية متجددة
- ذات زمن في بغداد – قراءة في مذكرات مارغو كرتيكار
- قراءة في قصيدة - لون لا تعرفه الشمس-
- قراءة في رواية المتألم المتأمل
- الشاعر مالك مسلماوي.. أصالة الحرف وتجريب القصيدة
- القاضي زهير كاظم عبود كفاحه العلمي ونزاهته في القضاء
- عبد علي حسن... واعادة تشكيل الوعي السردي
- المجموعة القصصية وجه أزرق بين التكثيف والايحاء الرمزي


المزيد.....




- سوريا: مقتل 13 من العلويين بينهم 8 برصاص حاجز أمني في ريف حم ...
- ترامب يحظر دخول مواطني 12 دولة منها إيران وليبيا والسودان وا ...
- ترامب يحظر دخول مواطني 12 بلدا منها ليبيا والسودان واليمن
- زوما يخسر استئنافه ويواجه تهم فساد
- حجاج بيت الله يستعدون للوقوف بعرفة
- غروسي: سوريا بصدد الموافقة على دخول مفتشين لمواقع نووية
- ترامب يحظر منح تأشيرات للطلاب الأجانب الجدد في هارفارد
- أول تعليق لترامب على حظر السفر الجديد والدول التي يشملها
- مصدران لـCNN: ترامب يحظر السفر إلى الولايات المتحدة من دول ع ...
- استطلاع للرأي: 70% من سكان منطقة ألزاس الفرنسية يطالبون باست ...


المزيد.....

- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - أديب كمال الدين شاعر الحرف ومتصوف المعنى