أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - الشاعر عبد الهادي عباس طاقة شعرية متجددة














المزيد.....

الشاعر عبد الهادي عباس طاقة شعرية متجددة


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8340 - 2025 / 5 / 12 - 11:22
المحور: سيرة ذاتية
    


يعد الشاعر عبد الهادي عباس من بين القلة من الشعراء الذين حافظوا على مسلكهم الشعري، وهو مثال للشاعر الذي مزج بين الأصالة والحداثة، وشهدت قصائده تنوعاً كبيراً بين الأغراض الشعرية المختلفة، من الغزل إلى الوطنيات، الى الرثاء، إضافة إلى تأثره بالتراث الأدبي العربي وحرصه على إبراز الهويات الثقافية العراقية والعربية، وسنحاول في هذه الالمامة بيان أهم مميزات شعره، لغته الشعرية، وقدراته التصويرية.
تتميز قصائده بكثير من الخصائص التي جعلت له مكانة واضحة بين الشعراء، ومن أهم هذه المميزات:
أنه يميل في كثير من قصائده إلى التعبير عن أعمق المشاعر والأفكار التي تلامس الواقع الحياتي، فهو لا يقتصر على الصور الشعرية التقليدية، بل ينسج رؤىً فلسفية وعاطفية تلامس القلوب، وفي قصائده، يتجلى النزوع إلى التأمل في الحياة والموت، والمجتمع والسياسة، واهتم كثيراً بالجوانب الاجتماعية والإنسانية.، وهو ما يشير الى العمق الفكري والوجداني الذي توزع على كثير من نتاجه الشعري.
ورغم أنه اشتهر بالغزل والحب في بداية مسيرته، إلا أنه سرعان ما تنوعت أغراضه الشعرية، وأخذ يكتب في مواضيع متعددة مثل الوطن، الحرية، القضايا الاجتماعية، والإنسانية. وتُظهر قصائده قدرة كبيرة على التحول والابتكار في الأشكال الشعرية، وهو ما يعكس طبيعة التنوع في شعره.
ورغم حفاظه على بعض القوالب الشعرية، إلا أنه أضاف لمساته التجديدية في شعره وانصهرت في قصائده الأساليب الكلاسيكية مع اللمسات الحديثة، بما يعكس روح العصر الذي عاش فيه، وجعل شعره يتسم بالانسيابية والوضوح، والسير بخطى واضحة في طريق التجديد والحداثة.
أما لغته الشعرية، فقد انمازت بالقوة والرصانة، مع قدرة متميزة على التعبير عن مشاعره ومواقفه باستخدام مفردات غنية ومؤثرة. باعتماده على البساطة والوضوح، وحرصه على أن تكون لغته سهلة الفهم وثرية في نفس الوقت، ويتجنب التعقيد اللغوي المبالغ فيه، وهو ما يجعل قصائده في متناول الجميع، سواء كان القارئ متخصصًا في الأدب أم ليس له خلفية أدبية عميقة.
كما يتسم شعره بالقوة والجزالة، ويستخدم أحيانًا ألفاظًا مألوفة لكنها قوية، ما يمنح القصيدة نوعًا من الفخامة والعمق، وفي أحيان كثيرة، تأتي الكلمات لتتكامل مع المعنى العميق الذي يسعى إلى نقله، دون أن تكون هناك ازدواجية أو غموض، وهو يتفاعل مع الواقع، رغم صعوبة الظروف السياسية والاجتماعية التي مر بها العراق، إلا أنه كان دائم التفاعل مع هذا الواقع، فكانت قصائده تعكس كثير من الإحساس بالظلم والمأساة، وأحيانًا الطموح إلى التغيير.
كما تميز شعره بقدرة عالية على التصوير الشعري، وهو ما أضاف لقصائده لمسة فنية خاصة، فقد حفل شعره دائمًا بصور حية ومؤثرة. وأستخدم الاستعارات والتشبيهات بشكل مبدع ليضفي على المعاني أبعادًا جديدة. ولعل أبرز ما يميز قدراته التصويرية هو تقديمه لصور مبتكرة وغير تقليدية.
وقد وظف التراث في شعره رغم أنه كان يعيش روح العصر، لأنه كان يولي اهتمامًا كبيرًا للتراث العربي القديم في استخدام الصور، ويتعامل مع الرموز والمفردات القديمة، ويجعلها تتناغم مع الحداثة، ما يعطي قصائده طابعًا غنيًا، اضافة لامتلاكه قدرة على تصوير المشاعر، وكانت من أبرز سمات شعره، سواء كانت مشاعر حب أو حزن أو غضب أو أمل، فإنه كان يستعمل ألوانًا وصورًا متعددة ليمثل الحالة الشعورية التي يعيشها.
لقد اعتنى النقاد بشعر عبد الهادي عباس وأشادوا في دراساتهم العديدة بالجوانب المضيئة ، بدءًا من لغته الشعرية، ونجاحه في تجسيد الأصالة والحداثة في آن واحد، وأنه استطاع أن يكون أحد الشعراء الذين قدموا صورة متميزة للشعر العراقي المعاصر، وأنه ترك بصمة واضحة تضعه في مكانة واضحة بين الشعراء المعاصرين.
لذلك يمكن اعتباره من الشعراء الذين استطاعوا أن يخلقوا توازنًا بين التراث والحداثة في شعرهم، من خلال لغته الشعرية الراقية وقدراته التصويرية الفائقة، واستطاع أن يعبر عن قضايا مجتمعية وإنسانية بأسلوب مميز، وما يعكس شعره من تفاعلات عاطفية وفكرية واضحة.
ومن بين شعره المعبر عن عاطفة حقيقة ما جاء في مجموعته الشعرية أسئلة الفقد الصادرة عن اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين، التي ضمت مجموعة من شعره المعبر عن فجيعته برحيل زوجته، ففي هذه المجموعة يتلمس القارئ المرارة التي أحاطت بحياته، وما تركت من آثار مؤلمة في نفسه لم يتمكن من تجاوزها أو التخلص منها إلا باندياح فيض خواطره بصور حزينة تظهر عمق المأساة التي أحاطت بالشاعر، وجعلته يغرق في فيض من العواطف الوجدانية :
هكذا هو في حالة من ضجيج
لماذا يغصّ في محنته حين ينوي الدخول الى بيته
قد تشاكسه خطوات في الطريق
سيكبو وتتركه لائذا
عند باب تجرجره دهشة من انتظار
يعاتبه الوقت حينا.. وحينا يطارده
اين يمضي إذن ؟
قد يلملم ما تبقى من ظنون
ويمضي ، ليكتبه نصا... مثلما ينبغي ان يكون.
وفي قصيدة أخرى يغرق في مأساته ليعبر عن فيض لواعجه، وما يشعر به، فهو لا زال رهين أطيافها التي تأبى مغادرته، وتعيش معه كخيال يؤنس وحدته القاسية، ليغرق في دوار الذكريات بما تحمل من مرارة ولوعة اشتياق:
اشتقت إليها
لأمسح على رأسها بالياسمين
وأقبل يديها الناحلتين
ومن فرط دوار يتعبني
سأكون قريبا منها.
وتعانقه أطياف الماضي، فتنداح رؤاه لترسم خطوط الذاكرة صور متباعدة ، تلاحقه اينما حل وأنى ذهب، وهو يغرق في متاهات الذكرى، وعوالم لا نهاية لها من الشوق والحنين لأيام مضت ولن تعود:
في بيتي .. العثرات تشاكسني
وطبول الوقت تلاحقني
والحيطان ثقوب لنايات
كنت وحيدا... وأعاشر مخلوقات لا تنتهي
.. جاءت زائرتي .. وهي تقول.. تعال معي
إن شئت تعال.. لنؤسس بيتا من أحلام.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذات زمن في بغداد – قراءة في مذكرات مارغو كرتيكار
- قراءة في قصيدة - لون لا تعرفه الشمس-
- قراءة في رواية المتألم المتأمل
- الشاعر مالك مسلماوي.. أصالة الحرف وتجريب القصيدة
- القاضي زهير كاظم عبود كفاحه العلمي ونزاهته في القضاء
- عبد علي حسن... واعادة تشكيل الوعي السردي
- المجموعة القصصية وجه أزرق بين التكثيف والايحاء الرمزي
- ذو النون أيوب يدافع عـــــــن الرصافــي
- رحلة الشرق الأوسط
- الناقد باقر جاسم محمد وآراؤه النقدية
- العتابا والأبوذية الجذور والفروق وأسبقية الظهور
- الشاعرة وداد الواسطي اصالة في الشعر وفرادة في التعبير
- الشاعر العراقي جبار الكواز شاعر متجدد
- الشاعر سعد الشلاه شاعرية متأخرة لم تأخذ طريقها للبروز
- الشاعر حميد يحيى السراب: مسيرة إبداعية ناضجة
- الشاعرة حسينة بنيان.. تنوع في الاداء والأسلوب
- محطات من مسيرة الفقيد سامي عبد الرزاق (ابو عادل)
- انطلوجيا القصة البابلية
- الدارمي والصراع الطبقي
- ذكريات عن قادة الحزب الخالدين


المزيد.....




- بضغطة زر واحدة.. طائرة تهبط وحدها ومراسل CNN يجرّبها بنفسه
- قرود شبيهة بكرة القطن تختبئ بعيدًا عن الأعين داخل -غابة مطير ...
- السعودية والإمارات وقطر.. ترامب يزور 3 من أغنى دول العالم فم ...
- وزير الخارجية المصري يجري اتصالين هاتفيين مع نظيريه العماني ...
- وسائل إعلام: سقوط صاروخ حوثي في السعودية استهدف إسرائيل
- قطع أثرية غامضة عثر عليها في روسيا تحير العلماء! (صور)
- لأول مرة.. استخدام مقاتلات -ميغ-35- الروسية الحديثة لاعتراض ...
- وزير الخارجية الألماني: سنواصل إمداد أوكرانيا بالسلاح إن است ...
- سوريا.. إحباط محاولة لتهريب صواريخ مضادة للدروع (صواريخ)
- المكسيك.. مقتل شخص وإصابة اثنين في حادث سقوط منطاد (فيديو) ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - الشاعر عبد الهادي عباس طاقة شعرية متجددة