أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - الدكتور علي إبراهيم قارئ السرد العراقي وناقد الغربة الحيّة














المزيد.....

الدكتور علي إبراهيم قارئ السرد العراقي وناقد الغربة الحيّة


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8343 - 2025 / 5 / 15 - 12:40
المحور: سيرة ذاتية
    


في مدينة الحلة، حيث يتجاور الفرات مع بساتين التمر، ولد الدكتور علي إبراهيم عام 1950، فكان مولده وعدًا مبكرًا لحضور فكريّ مميز، سيجد لاحقًا تجليه الأبهى في قراءة النصوص السردية، وتحليل بنياتها، والكشف عن أزمنتها وأمكنتها المتشابكة. لم يكن مساره العلمي يسيرًا ولا مفروشًا بالورود؛ فقد عبر محطات منفية، ووقف على تخوم منفى فكري وجغرافي، لكنه ظل يكتب ويؤمن بالكلمة التي تحفر أثرها في الذاكرة الجمعية للأدب العراقي الحديث.
منذ أطروحته الجامعية التي ناقشها في جامعة صوفيا البلغارية، والموسومة بـ(الزمان والمكان في روايات غائب طعمة فرمان)، والتي نال عنها شهادة الدكتوراه بامتياز، وضع علي إبراهيم نفسه في مسار نقدي ينتمي إلى ما يمكن تسميته بـ"نقد الداخل الروائي"، حيث تُقارب النصوص لا من خارجها الأكاديمي فقط، بل من داخلها الإنساني والثقافي، باحثًا عن نبض الشخوص، وجغرافيا الألم، وزمن القهر أو الحلم.
لقد جعل من أعمال غائب طعمة فرمان، وهي أعمال مثقلة بالهجرة والحيرة والانكسار، مرآة لفهم سرديات المنفى العراقي، وراح يستخلص منها أدواته النقدية التي توسعت لاحقًا لتشمل القصة القصيرة والرواية والشعر، وترك بصمته في مجلات متخصصة عراقية وعربية وأوروبية.
ولا تنفصل الرؤية النقدية عند الدكتور علي إبراهيم عن تجربة المنفى التي عاشها، فهو لم يكتف بكتابة النصوص، بل ساهم في صياغة المنفى ذاته كموضوع نقدي. لقد انتقل من الحلة إلى بغداد، ومن بغداد إلى صوفيا، ومن هناك إلى هولندا، حاملاً همَّ الكتابة والمعنى، وحاضرًا في المنصات الثقافية من بيروت إلى برلين، ومن السليمانية إلى لاهاي.
كتب عن القص العراقي الذي "ابتعد عن سماواته"، مشيرًا إلى الضياع الإبداعي الذي أصاب النص العراقي بفعل التحولات السياسية والاجتماعية، وقدم كتابات صافية عن تجربته الشخصية كقارئ ومثقف وناقد، كانت أشبه بسيرة نقدية تتقاطع فيها الذات مع النص، والتاريخ مع اللحظة الجمالية.
تميّز الدكتور علي إبراهيم بموقف نقدي لا ينحاز إلا للنص ذاته، رافضًا التهويل أو المحاباة. يشتغل على تفاصيل السرد كما يشتغل الفلاح على الأرض، بصبر وانتباه، ويكشف عن بنيات متوارية خلف سطح الحكاية. ولعل أبرز ما يميّز رؤيته هو الحس التأويلي العالي، الذي لا يقف عند ظاهر البنية بل يتوغل في دلالاتها، عابرًا من المكان الواقعي إلى الزمكان النصي، ومن الحكاية إلى التاريخ السردي.
كما أن مشاركته في ثقافة الأنصار، وفي مجلات اليسار الفلسطيني والعراقي، مثل فلسطين الثورة والهدف والشغيلة، كشفت عن توازن نادر بين الالتزام السياسي والوعي الجمالي، فلم تكن نصوصه محض انعكاس أيديولوجي، بل محاولة حقيقية لفهم الواقع السردي ضمن تشابك مع الواقع السياسي.
في قاعات جامعة بابل، وجامعة السليمانية، وفي قاعات جامعات أوروبا، كان الدكتور علي إبراهيم يُدَرِّس النقد الأدبي لا كمادة جامدة، بل ككائن حي يتنفس من النص ويعود إليه. أشرف على عشرات الرسائل الجامعية، وشارك في لجان علمية، وفتح آفاقًا جديدة لدراسات عليا في جامعات الناصرية وواسط.
ترقى إلى درجة الأستاذية عام 2011، وواصل عمله الأكاديمي حتى بعد تقاعده، فاختير أستاذًا متمرسًا في كلية التربية، ليبقى على تماس حيٍّ مع جيل جديد من الباحثين الذين تلقوا على يديه أدوات النقد وآفاقه.
أصدر مجموعة من الكتب التي أثارت اهتمام النقاد، منها: القص العراقي بعيدًا عن سماواته، وهو محاولة جريئة لتفكيك المسكوت عنه في السرد العراقي، قصص الرواية، الذي يمزج فيه النقد بالإبداع، كتابات عن تجربتي، سيرة فكرية في هيئة مقالات نقدية، تكثيف المعنى الشعري، كتاب يكشف عن حساسيته تجاه اللغة وقوة الانزياح فيها، ولم يغب الشعر عن حقل اشتغاله، فقد تعمق في تحليل البنية الشعرية أيضًا، وظل وفيًّا لقضية المعنى ومركزية الإنسان في النصوص.
لم يكن حضور الدكتور علي إبراهيم في المشهد النقدي العراقي مجرد وجود وظيفي، بل كان حضورًا مميزًا وفاعلاً، تُرجم في الندوات، والمؤتمرات، والدراسات التي كُتبت عنه. عشرات النقاد، من أمثال ناجح المعموري، جاسم المطير، قيس حمزة الخفاجي، عدنان حسين أحمد، وغيرهم، احتفوا بتجربته، ووقفوا أمام اجتهاده النقدي بإجلال، لأنه يمثل الجيل الذي كتب عن الرواية وهو يقرأها بضمير الإنسان، لا بحبر النظرية فقط.
وفي زمن كثرت فيه الأصوات وقلَّت الرؤى، يظل الدكتور علي إبراهيم أحد الأعمدة الهادئة في النقد العربي الحديث، لا يُضجّر القارئ بكثرة المصطلحات، بل يُضيء له الطريق إلى فهم النص في مرآته الزمانية والمكانية والإنسانية. هو ابن الحلة، ونزيل المنفى، ورفيق السرد، وحارس المعنى، الذي كتب بوعي النقد، ومرارة المنفى، وصدق المثقف الباحث عن نور في أزمنة الظلمة.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحمد زكي كاظم الأنباري بين ضوء الكلمة ونبض التاريخ
- الشاعر عبد الهادي عباس طاقة شعرية متجددة
- ذات زمن في بغداد – قراءة في مذكرات مارغو كرتيكار
- قراءة في قصيدة - لون لا تعرفه الشمس-
- قراءة في رواية المتألم المتأمل
- الشاعر مالك مسلماوي.. أصالة الحرف وتجريب القصيدة
- القاضي زهير كاظم عبود كفاحه العلمي ونزاهته في القضاء
- عبد علي حسن... واعادة تشكيل الوعي السردي
- المجموعة القصصية وجه أزرق بين التكثيف والايحاء الرمزي
- ذو النون أيوب يدافع عـــــــن الرصافــي
- رحلة الشرق الأوسط
- الناقد باقر جاسم محمد وآراؤه النقدية
- العتابا والأبوذية الجذور والفروق وأسبقية الظهور
- الشاعرة وداد الواسطي اصالة في الشعر وفرادة في التعبير
- الشاعر العراقي جبار الكواز شاعر متجدد
- الشاعر سعد الشلاه شاعرية متأخرة لم تأخذ طريقها للبروز
- الشاعر حميد يحيى السراب: مسيرة إبداعية ناضجة
- الشاعرة حسينة بنيان.. تنوع في الاداء والأسلوب
- محطات من مسيرة الفقيد سامي عبد الرزاق (ابو عادل)
- انطلوجيا القصة البابلية


المزيد.....




- أول طاهية في أمريكا تحصل على ثلاث نجوم ميشلان.. ما قصتها؟
- بوتين يغيب عن محادثات السلام مع أوكرانيا في إسطنبول التي وصل ...
- بعد مواجهة عسكرية عنيفة... الهند وباكستان تتبادلان المطالبة ...
- مشاهد تظهر لحظة وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الى الإمار ...
- -حاملة الورود- وتفاعله مع الرقصة الشعبية.. أبرز مشاهد استقبا ...
- ترامب: سأكون فخورًا بتدخل أمريكي في غزة يُحوّلها إلى -منطقة ...
- ترامب: قريبون من اتفاق بشأن برنامج إيران النووي وطهران تبدو ...
- - لن نرحل-.. هتافات ومفاتيح العودة في شوارع رام الله بمناسبة ...
- -القاتل الصامت-.. أسباب وطرق علاج ارتفاع ضغط الدم!
- -بوند- - مبادرة مصرية تتصدى للتحرش الجنسي بالأطفال ذوي الإعا ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - الدكتور علي إبراهيم قارئ السرد العراقي وناقد الغربة الحيّة