أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - الدكتور علي الربيعي ذاكرة المسرح العراقي














المزيد.....

الدكتور علي الربيعي ذاكرة المسرح العراقي


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8355 - 2025 / 5 / 27 - 19:36
المحور: سيرة ذاتية
    


في قلب الحلة، المدينة التي تنام على ضفاف الفرات وتحرسها نخلة الحكمة، وُلد الدكتور علي محمد هادي الربيعي في الخامس والعشرين من شباط عام 1967، ليكون أحد أولئك القلائل الذين يربطون بين المعرفة والتوثيق، وبين الهوية والحداثة، عبر بوابة المسرح العراقي، بوصفه مرايا الأمة وصوتها المجهول.
نشأ الربيعي بين أزقة الحلة القديمة، في حيّ الجمعية، واختط لنفسه منذ فتوّته طريقًا فيه من الجمال الفني بقدر ما فيه من النُبل الأكاديمي، فجمع بين عشق الخشبة وصرامة الباحث، ليتخرج من كلية الفنون الجميلة في جامعة بابل سنة 1990، ثم يعود إلى حضن الجامعة ذاتها، ليجمع بين التاريخ والفن، فينال البكالوريوس في التاريخ، والماجستير، ثم الدكتوراه في الفنون المسرحية، مُعززًا علمه بشهادات مهنية وشهادات كفاءة عالية، جعلت منه واحدًا من أبرز أعمدة المسرح الأكاديمي في العراق.
لم يكن الدكتور علي الربيعي مجرد أكاديمي يكتب من خلف المكاتب، بل كان شاهدًا مشاركًا في رحلة المسرح العراقي، وموثِّقًا دؤوبًا لذاكرته المتشظية بين الحروب والمنفى والخيبات. فقد أنجز أكثر من أربعين كتابًا مطبوعًا، شكّلت خزانة معرفية لا غنى عنها لأي باحث أو قارئ مهتم بتاريخ المسرح العراقي والعربي. كتب عن المسرحيات المفقودة، وعرّف بجيل المسرحيين المهمَّشين، وأخرج من ظلال النسيان أسماء مثل شالوم درويش وأنور شاؤول وسليم بطي وهادي جبارة الحلي. وخلّد مدنًا وأزمنة منسية في كتبه عن المسرح في الحلة والمدارس والأجواق العراقية والمسيحية واليهودية، حتى غدا أرشيفًا ناطقًا للمسرح المنسي والمستبعد.
أعماله ليست مجرد توثيق، بل نقد وتحليل يقرأ التحولات الجمالية والاجتماعية في بنية العرض المسرحي العربي والعراقي، من خلال دراسات رصينة نشرت في أبرز المجلات المحكمة في العراق والعالم العربي، بل وحتى في مجلات عالمية مثل Linguistica Antverpiensia. وقد تناولت أبحاثه قضايا جوهرية مثل الاغتراب، التصوف، الواجب ، والوجودية، مما يدل على عمق قراءاته واتساع منهجه المقارن.
عضويته الفاعلة في نقابة الفنانين العراقيين منذ عام 1991، وفي اتحاد أدباء وكتاب بابل منذ 2014، ليست عضويات شكلية، بل حضور ثقافي متجدد، يتجسد في مساهماته الدائمة في المؤتمرات، والمهرجانات، وورش العمل. وهو أحد الأسماء التي تكرَّمت بتقديرات محلية وعربية، منها وسام الفنون من المهرجان المسرحي الدولي في مصر، وأوسمة من نقابة الفنانين، ومؤسسة الإبداع العراقي، فضلًا عن مئات الشهادات التقديرية وكتب الشكر.

أما في المجال الإداري، فقد شغل مواقع حساسة ومؤثرة، من رئاسة قسم الفنون المسرحية، إلى عمادة كلية الفنون الجميلة في جامعة بابل، إلى عضوية اللجنة الوزارية لاعتمادية كليات الفنون. كما أشرف على أكثر من خمس عشرة رسالة ماجستير، وعشر أطروحات دكتوراه، وناقش العشرات غيرها في جامعات العراق المختلفة، مما يجعله من أبرز الأكاديميين في رفد الجيل الجديد بالمنهج والانفتاح.
وقد ترك أثرًا عميقًا في طلابه، ليس فقط من خلال ما لقّنه إياهم من علوم نظرية، بل من خلال تجربته الأخلاقية والتربوية، حيث يرونه أستاذًا لا يبخل بنصيحة أو تشجيع أو فتح باب نحو النشر والتجريب. كثير من طلبته اليوم يحملون أفكاره في أطاريحهم، ويتتبعون رؤاه في فهم التحولات الفنية والدرامية في العراق، ويرون فيه مثال الأستاذ المنفتح على الجديد دون أن يقطع صلته بالأسس والمنابع.
أما في المهرجانات الثقافية والفنية، فكان وجهًا دائمًا، لا كمشارك فقط، بل كمؤثر ومحكِّم ومقدّم لرؤى نقدية تفتح باب الحوار وتعيد ترتيب المفاهيم الجمالية. شارك في مهرجانات عربية ومحلية مثل مهرجان بغداد الدولي للمسرح، مهرجان المسرح العربي، مهرجان أيام بابل، مهرجان بابل للثقافات، ومهرجان المسرح الجامعي، وغيرها، وكان في كل مرة يحمل مشروعًا معرفيًا يؤسس لفهم جديد للمسرح، ويعيد ربطه بالجمهور والواقع.
لم يكتف الدكتور الربيعي بما أنجزه، بل واصل الحفر في ذاكرة المسرح من خلال مشاريع توثيقية استثنائية مثل سلسلة "من خزانة المسرح"، و"المسرح العراقي في وثائق دائرة السينما والمسرح"، و"مخرجو الفرقة القومية"، و"مهرجان المسرح العراقي – مسيرة إبداع"، وهي مشاريع لا تثمّن بثمن لأنها تُنقذ الماضي من الغياب.
لقد كتب الدكتور علي الربيعي في النقد الفني، والأدب، والتاريخ، ونُشرت له مقالات في صحف ومجلات محلية وعربية، وكتب عنه آخرون دراسات أكاديمية وتراجم تقديرية، لأنه ليس فقط ناقدًا مسرحيًا أو مؤرخًا فنيًا، بل ضمير من ضمائر الثقافة العراقية في زمن العتمة والتشظي. يُشبه الدكتور الربيعي أرشيفًا حيًّا لا يهدأ، عاشقًا نادرًا لذاكرة الخشبة، حافظًا لتواريخ التجربة المسرحية العراقية بمدارسها ومرجعياتها، وباحثًا يسير على الحافة بين الشغف والانضباط، بين التوثيق والابتكار، ليكتب اسمه عميقًا في سفر الثقافة العراقية، كحارس أمين على بوابة الزمن الفني.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حسين السلطاني.. الشاعر الذي ظلمه المجتمع
- عادل الياسري.. وردة عراقية نزفت شعراً
- علي الحمداني... شاعر تفتّحت في قلبه حدائق الشعر والوفاء
- حمزة فيصل المردان شاعر يتقاطع فيه النبض العمودي والهمّ الحدا ...
- حامد الشمري: شاعر العمود ومترجم القصيدة العالمية
- الدكتور جليل كمال الدين المُترجِم الذي أهدى القارئ العربي دف ...
- جبار الكواز.. صائغ الطين وحارس الذاكرة البابلية
- الدكتور علي إبراهيم قارئ السرد العراقي وناقد الغربة الحيّة
- أحمد زكي كاظم الأنباري بين ضوء الكلمة ونبض التاريخ
- الشاعر عبد الهادي عباس طاقة شعرية متجددة
- ذات زمن في بغداد – قراءة في مذكرات مارغو كرتيكار
- قراءة في قصيدة - لون لا تعرفه الشمس-
- قراءة في رواية المتألم المتأمل
- الشاعر مالك مسلماوي.. أصالة الحرف وتجريب القصيدة
- القاضي زهير كاظم عبود كفاحه العلمي ونزاهته في القضاء
- عبد علي حسن... واعادة تشكيل الوعي السردي
- المجموعة القصصية وجه أزرق بين التكثيف والايحاء الرمزي
- ذو النون أيوب يدافع عـــــــن الرصافــي
- رحلة الشرق الأوسط
- الناقد باقر جاسم محمد وآراؤه النقدية


المزيد.....




- شاهد كيف يحدد ترامب الجدول الزمني لكل شيء تقريبًا بـ-خلال أس ...
- ماذا نعلم عنه؟.. مقتل ضابط روسي بارز بانفجار داخل روسيا
- مسؤول إسرائيلي يكشف لـCNN الموافقة على اقتراح أميركي لوقف إط ...
- كيف يساعد الغرب روسيا في تمويل حربها على أوكرانيا؟
- في تحد للسلطة.. نساء إيران تحملن -نعش الحجاب- إلى مثواه الأخ ...
- الخارجية الروسية: نأمل أن تحذو كييف حذو موسكو في جدية التفاو ...
- موسكو: فريق ترامب يتعامل مع روسيا بعقلانية وبراغماتية أكثر
- العليمي يروي لـRT قصة أربع طائرات دمرتها إسرائيل في مطار صنع ...
- -مبعوث الرب-.. منشور غامض من الرئيس الأمريكي يثير الجدل
- -الاعتراف بدولة فلسطين مطلب سياسي-.. ماكرون يدعو لتشديد المو ...


المزيد.....

- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - الدكتور علي الربيعي ذاكرة المسرح العراقي