أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - حمزة فيصل المردان شاعر يتقاطع فيه النبض العمودي والهمّ الحداثي














المزيد.....

حمزة فيصل المردان شاعر يتقاطع فيه النبض العمودي والهمّ الحداثي


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8348 - 2025 / 5 / 20 - 11:07
المحور: سيرة ذاتية
    


في مدينة الحلة، حيث يمتزج عبق التاريخ بجريان الفرات، وُلد الشاعر حمزة فيصل مردان في الأول من كانون الثاني عام 1968م. هناك، في قلب الفرات الأوسط، بدأت ملامح التجربة الشعرية لهذا الصوت الشعري تتكوّن، متأثرة بمزيج من التراث وقلق الحداثة، ومنذ بداياته المبكرة اتجه نحو الشعر كخيار وجودي لا ترف إبداعي، ممارسًا الكتابة خلال سنوات دراسته، ومعلنًا حضوره منذ تسعينيات القرن الماضي عبر الصحف والمجلات العراقية.
تخرج من معهد الشؤون الإدارية سنة 1983، لكنه لم يجعل من العمل الإداري حاجزًا يحول بينه وبين صوته الشعري، بل استمر يكتب وينشر، متتبعًا أثر الشعر في التكوين والهوية.
انتمى إلى الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العراقيين - فرع بابل سنة 2011، وشارك في العديد من المهرجانات الشعرية، أبرزها مهرجان الجواهري في ثلاث دورات، ومهرجانات بابل الدولي، والمربد في البصرة، والحبوبي في الناصرية، وفرسان العمود الثقافي، مما يدلّ على موقعه الحاضر في المشهد الشعري العراقي.
تميّزت تجربة حمزة فيصل المردان بتنوّعها الفني، فهو شاعر يكتب العمودي والتفعيلة والنثر والسرد الشعري، وهي سمة تميّز شعراء التجريب الحقيقي، الذين لا يضعون القالب فوق الرؤيا. ففي ديوانه الأول "حتى تستريح الأسئلة" (2007)، يقدّم نماذج شعرية تتأرجح بين التفعيلة والنثر، حيث اللغة مشبعة بالقلق والأسئلة، وقد كتب عنه الشاعر عبد الهادي عباس مشيدًا بهذا الانفتاح على أفق المعنى.
في ديوانه الثاني "لا ظل له بمزايا دائرة الضوء" (2011)، تماهى مع النص المفتوح، عابرًا الأشكال التقليدية، ليخطّ نصوصًا نثرية ذات طابع فلسفي وتأملي، وقد توقف عندها الناقد محمد أبو خضير، مشيرًا إلى طاقة النص على التوليد الدلالي، وتعدد المستويات داخل القصيدة الواحدة.
أما في ديوانه "ما بين الغياب والحضور"، فقد جمع بين التفعيلة والنثر، في تنوّع دال على اقتدار لغوي ومرونة جمالية، ثم جاء ديوانه "إنها تجري من دوني" ليكمل هذا المنحى السردي النثري بلغة ناعمة وحزينة، وصفها الشاعر جبار الكواز بأنها "تشبه نواح الأنبياء المجهولين".
على الرغم من توجهه المتعدد، لم يقطع حمزة فيصل المردان الصلة بالشعر العمودي، بل عاد إليه بروح مجددة، متخذًا من هذا الشكل وسيلة لتفريغ همومه الوطنية والإنسانية، وهو ما يضعه في تقاطع بين الذائقة الكلاسيكية العراقية المألوفة، وهموم الحداثة التي تقتضي التمرد.
كتب عنه عدد من النقاد المعروفين، منهم: باقر جاسم محمد الذي نشر دراسة عن شعره في جريدة المدى سنة 2004، حيث رأى أن شعر المردان يتصف بـ"العمق التأملي والانفتاح على الأسطورة". سعدية السماوي التي رأت في نصوصه النثرية "لغة مضمخة بالجرح الجمالي". وغانم عمران المعموري ووسام العبيدي وسعد الساعدي، الذين سلطوا الضوء على التقنيات الأسلوبية والصور البلاغية في شعره، مركزين على البُعد الصوتي والإيقاعي في نصوصه العمودية.
لم يكن حضور المردان محليًا فحسب، بل تعدّى حدود العراق إلى صحف ومجلات عربية ودولية: من الراية القطرية وأخبار الخليج البحرينية والقبس الكويتية، إلى الزمان المصرية والجديد الجزائرية، ومعارج الفكر في ألمانيا، مما يعكس قدرة شعره على ملامسة همّ الإنسان العربي في كل مكان.
وقد تُوّج هذا الحضور المبكر بفوزه بالمركز الأول في مسابقة مديريات التربية العراقية عام 1984م، في إنجاز يعدّ بمثابة إعلان أوليّ عن شاعر قادم من بعيد، لكنه مشبع بروح المكان وتاريخه.
والشاعر حمزة فيصل المردان يكتب بدمه لا بحبره، شاعرًا يعبر الحقول كلها دون أن يُحرق خلفه المراكب، متنقّلًا بين العمود والنثر والتفعيلة، راسمًا لنفسه دربًا خاصًا وسط زحام الشعراء.
ومن شعره هذه القصيدة:
عندما تهت في عينيك
صادفتني اشياء لم تكن في الحسبان
الغابات على مرمى النظر
ترفل بالمطر
الايائل التي تجري قرب نهر الحياة
لا تثير ضجيجا الهدوء
يعمَّ الامكنة التي لم يرتادها غيري
زقزقات الحبّ تحفّ بي حانية
ترحيب الضوء الذي لم يحدث ان
رحّب بغيري مسبقاً.. وما يحدثه الترحال
فالهوى جدل.
وهذه القصيدة تشكّل قصيدة نصًا وجدانيًا يتكئ على الرمز والتأمل، وينطلق من تجربة حبّ تنفتح على عوالم مدهشة وغير متوقعة. يعبر الشاعر عن حالة انخطاف شعوري مفاجئ، حيث يقوده التوغل في نظرات الحبيبة إلى فضاء جديد، أشبه بعالم خيالي ممتلئ بالسكينة والجمال. وهي ترسم لوحة منسوجة من الطبيعة الهادئة والمشاعر العميقة، حيث تختفي الضوضاء وتحلّ محلها الطمأنينة والدهشة، وكأن الكون يحتفي بهذه التجربة الخاصة. تتوالى الصور التي تعكس الإحساس بالفرادة، فكل ما يحيط بالشاعر يبدو وكأنه لم يوجد إلا من أجله. حيث تنتهي القصيدة بتأمل فلسفي في الحبّ باعتباره ترحالًا دائمًا وجدلاً لا ينتهي، مما يضفي على النص بعدًا فكريًا إلى جانب شحنته العاطفية.
أما لغة القصيدة فهي هادئة، شفافة، مشحونة بالإيحاء، وتعتمد على صور طبيعية توظّف لترجمة أحاسيس داخلية. وذات بنية منفتحة على التأويل، والنبرة أقرب إلى التأمل منها إلى الانفعال.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حامد الشمري: شاعر العمود ومترجم القصيدة العالمية
- الدكتور جليل كمال الدين المُترجِم الذي أهدى القارئ العربي دف ...
- جبار الكواز.. صائغ الطين وحارس الذاكرة البابلية
- الدكتور علي إبراهيم قارئ السرد العراقي وناقد الغربة الحيّة
- أحمد زكي كاظم الأنباري بين ضوء الكلمة ونبض التاريخ
- الشاعر عبد الهادي عباس طاقة شعرية متجددة
- ذات زمن في بغداد – قراءة في مذكرات مارغو كرتيكار
- قراءة في قصيدة - لون لا تعرفه الشمس-
- قراءة في رواية المتألم المتأمل
- الشاعر مالك مسلماوي.. أصالة الحرف وتجريب القصيدة
- القاضي زهير كاظم عبود كفاحه العلمي ونزاهته في القضاء
- عبد علي حسن... واعادة تشكيل الوعي السردي
- المجموعة القصصية وجه أزرق بين التكثيف والايحاء الرمزي
- ذو النون أيوب يدافع عـــــــن الرصافــي
- رحلة الشرق الأوسط
- الناقد باقر جاسم محمد وآراؤه النقدية
- العتابا والأبوذية الجذور والفروق وأسبقية الظهور
- الشاعرة وداد الواسطي اصالة في الشعر وفرادة في التعبير
- الشاعر العراقي جبار الكواز شاعر متجدد
- الشاعر سعد الشلاه شاعرية متأخرة لم تأخذ طريقها للبروز


المزيد.....




- مصر تعلن اكتشاف مقابر أثرية تعود للعصرين اليوناني والروماني ...
- سوريا.. ما قاله مفتي لبنان أمام أحمد الشرع وسبب تقليده وساما ...
- واشنطن تُطلق الذباب القاتل.. حملة استثنائية لإنقاذ الثروة ال ...
- انضمام دول عربية لمجموعة بريكس: مكاسب كبيرة أم خسائر فادحة؟ ...
- قمة قازان ـ أجندة بوتين لتحويل بريكس لنادي مناهض للغرب
- مجموعة بريكس - كيف تشكلت وما أهدافها؟
- النوم مع نافذة مفتوحة - مخاطر صحية لا يعلمها كثيرون!
- تكساس: 50 قتيلا على الأقل بسبب فيضانات مدمرة وتواصل البحث عن ...
- إسرائيل تفرض عقوبات على مؤسسة هند رجب
- زيلينسكي: اتفاق مع أميركا يوفر لأوكرانيا مئات آلاف المُسيرات ...


المزيد.....

- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - حمزة فيصل المردان شاعر يتقاطع فيه النبض العمودي والهمّ الحداثي