أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - الدكتور محمد عبد اللطيف مطلب فيلسوف الفيزياء ورائد الحرف العلمي النبيل














المزيد.....

الدكتور محمد عبد اللطيف مطلب فيلسوف الفيزياء ورائد الحرف العلمي النبيل


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8391 - 2025 / 7 / 2 - 11:09
المحور: سيرة ذاتية
    


في مدينة الحلة، حيث يمتزج طين الفرات بالحرف الأصيل، وُلد عام 1921م رجل لا يشبه سواه، رجل آمن بأن العلم ليس حرفةً فحسب، بل رسالة يُعاش لها وتُعانق بها الحقول والمختبرات والفكر. هناك، في بيتٍ عراقيّ الجذور، نبتت بذرة الفيزيائي والفيلسوف الدكتور محمد عبد اللطيف مطلب الأسدي، فشبّ على توقٍ داخليٍّ للمعرفة، لا يشبعه سوى ضوء الحقيقة.
بدأت رحلة الدكتور مطلب من المدرسة الغربية، مرورًا بمتوسطة وثانوية الحلة، حيث ظهرت عليه ملامح النبوغ المبكر، ثم انطلقت قدماه نحو بيروت، المدينة التي كانت آنذاك منارة للتعليم العربي الحديث، ليدرس في الجامعة الأمريكية ويتخرج عام 1943م متخصصًا في العلوم الفيزيائية. ولم تكن شهادته نهاية طريق، بل كانت بوابة لعودته إلى العراق كي يعلّم، ويشعل في أذهان طلابه شرارات السؤال والمعرفة، أولاً في ثانوية الحلة، ثم أستاذًا في كلية العلوم بجامعة بغداد.
لم يكن الطريق مفروشًا بالورد لهذا العالِم الحالم، ففي وطنٍ اعتاد أن يتوجّس من الفكر الحرّ، لم يشفع له علمه ولا نُبله، فسُجن في نقرة السلمان لعشر سنوات، فقط لأنه آمن بوطنٍ أكثر عدلاً وحرية. ولعل هذه المحنة، بدل أن تضعف إرادته، شحذت عزيمته، فخرج بعد ثورة 14 تموز 1958، لا ليهدأ، بل ليبدأ من جديد، بحماس من يعرف أن العلم وحده لا يُسجن.
في عام 1964م، غادر إلى ألمانيا الشرقية، وهناك لم يكتفِ بالدراسة، بل أدهش أساتذته وحاز على شهادة "الهابيل"، وهي أعلى من الدكتوراه التقليدية. ثم نال عام 1968م دكتوراه في الفيزياء النووية من جامعة درسدن، تبعها بأخرى في فلسفة الفيزياء من جامعة همبولت عام 1974، وكأنه أراد أن يجمع بين الدقة العلمية وعمق التأمل الفلسفي، بين المخبَر والكتاب.
عاد إلى العراق عالمًا مكتمل النمو، فدرّس لأكثر من ثلاثة عقود، وساهم في صياغة عقولٍ شابة كانت بحاجة إلى عقلانية العالم وشغف الفيلسوف. لكن القلم لم يفارقه أيضًا، فكان مؤلفًا غزيرًا، ترك لنا إرثًا معرفيًا متينًا، من بينه:
فلسفة الفيزياء (1977)، تاريخ علوم الطبيعة (1978)، صورة الكون (1978) القنبلة النيوترونية (1981) علماء فلاسفة (حلقات ضمن الموسوعة الصغيرة) وكتب مقالاته بلغةٍ علمية سلسة، جعلت من الفيزياء حكايةً تُروى، ومن المعادلات أسئلةً وجودية، فكان الجسر بين التخصص والنخبة، والعامة المتعطشة للمعرفة.
لم يكن مجرد أستاذ أو كاتب، بل كان كما قال عنه أحد تلامذته: "يدخل القاعة وكأنّه يحمل الكون كله في دفتر، يشرحه لا بالأرقام، بل بالفكر، وبلغة من رحيق الحكمة". ورآه زملاؤه نسيجًا وحده، لا لأنه اجتهد، بل لأنه لم يتوقف عن الاجتهاد، ولأنه جسّد في شخصه معنى أن يكون الإنسان جسرًا بين الحضارات والعلوم.
خاتمة المسار... ولكن ليس للذكرى غياب
الدكتور محمد عبد اللطيف مطلب، لم يكن مجرد فيزيائي، بل كان فكرًا متجددًا، وعزيمة لم تلن أمام السجن أو الغربة أو الزمن. هو من الأسماء التي يجب ألا تغيب عن الذاكرة الأكاديمية العراقية والعربية. لقد أثبت أن العالم الحقيقي ليس من يحفظ القوانين، بل من يفتح بها أبوابًا جديدة للعقل والروح.
وفي زمن تغلب فيه الضوضاء على الفكرة، يظل الدكتور مطلب صوتًا نقيًا في سجل العراق العلمي، ورايةً مرفوعة لأجيالٍ لم تولد بعد.
.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فائق الخليلي قاصٌّ منفىً وسردٌ من ضوء الجرح
- علي جواد الطاهر صوت النقد النابض بين التراث والحداثة
- ستّار خضير… قامة نضالية شامخة
- عبد المجيد الماشطة الحِلّيُّ الذي نَفَذَ إلى لُغَة الإنسان
- الشيخ يوسف كركوش سادن الذاكرة الحِلِّيّة وأحد أعلام التأريخ ...
- الشيخ عبد الكريم الماشطة مصباح علمٍ وتنوير في ظلمات الركود
- قارئ الطين: طه باقر حين نطقت الأرض باللغة السومرية
- ريام الربيعي حين يكتب الجمال أنوثته شعراً
- صبري الحيدري الناقد الذي رأى في الإهداء مرآة للنص
- الدكتور سامي سعيد الأحمد راوي ذاكرة الحضارات
- الدكتور صباح نوري المرزوك عاشق الحلة ومؤرّخ وجدانها
- حسين علوان عينٌ على بابل وقدمٌ في لغة العالم
- أحمد الناجي مؤرخ الذاكرة ومثقف الحلة المتجدد
- جعفر هجول شاعر مترحل بين الغربة والعشق
- الناقد الذي عبر الظل أمين قاسم خليل
- أحمد سوسة ضميرُ العلمِ ومسافرُ الزمان في خرائط الأرض وذاكرة ...
- خالد الحلّي شاعر المنفى وصوت الطفولة البعيد
- قراءة في قصيدة -النهر والمقصلة- للشاعر موفق محمد
- جعفر الكوّاز حاملُ الهوى ومفهرسُ الذاكرة
- الدكتور عدنان الظاهر سيرة حياة عالم كيميائي مميز


المزيد.....




- السعودية.. ضجة وفاة -الأمير النائم- بين تداول تصريح سابق لوا ...
- مصر.. رد علاء مبارك على تعليق ساويرس عن عمر سليمان نائب حسني ...
- سوريا.. السفارة الأمريكية بعد لقاء مع مظلوم عبدي: الوقت قد ح ...
- أسرار الحياة المزدوجة لـ-السلطان- زعيم المخدرات المولع بالبو ...
- هجوم على النائب العربي أيمن عودة.. كسروا زجاج سيارته وبصقوا ...
- بالفيديو.. الجزيرة نت داخل سفينة حنظلة المتجهة لكسر حصار غزة ...
- إسرائيل تستهدف صيادين حاولوا دخول بحر غزة
- تداول فيديو لـ-الشرع بين أنصاره على تخوم السويداء-.. ما صحة ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي يشيد بعملية -مطرقة منتصف الليل-
- العشائر السورية تعلن إخراج كافة مقاتليها من السويداء


المزيد.....

- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - الدكتور محمد عبد اللطيف مطلب فيلسوف الفيزياء ورائد الحرف العلمي النبيل