أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - إبراهيم خليل ياسين قلبٌ يخطُّ القصيدة ويحكي الحكاية














المزيد.....

إبراهيم خليل ياسين قلبٌ يخطُّ القصيدة ويحكي الحكاية


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8396 - 2025 / 7 / 7 - 11:15
المحور: سيرة ذاتية
    


في الحلة، حيث تنام الأساطير على ضفاف الفرات، وُلد إبراهيم خليل الهيتي يوم 22 نيسان من عام 1959. هناك، بين بساتين النخيل وأزقة الطفولة، خطا خطواته الأولى في عالم المعرفة، فأكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة. غير أن رياح الحياة، بما تحمل من قسوة، حالت دون أن يبلغ مدارج التعليم العليا، فاستعاض عن ذلك بأن حمل قلمه سلاحًا ومرفأ.
انخرط في العمل محاسبًا في إحدى دوائر وزارة التجارة العراقية، يؤدي واجبه اليومي بصبر العارف أن له في الحياة شأنًا آخر ينتظره، حتى إذا بلغ السن القانونية، ترجل عن الوظيفة، لكنه لم يترجل عن الحلم.
منذ بواكير شبابه، كانت القصيدة تهمس له، تشده إلى سماواتها. نظم الشعر بقلبٍ فتيّ، ثم وجد في القصة القصيرة ضفافًا أخرى لبوحه، فراح يكتبها كما تكتب الأم دعاءها على كف طفلها. وفي عام 2005، انتمى إلى اتحاد الأدباء والكتّاب العراقيين، مُثبتًا اسمه بين قامات الأدب وصُنّاع الكلمة.
أما آثاره فهي علامات مضيئة في درب الحلم:أحلام الرماد – مجموعة قصصية صدرت عن دار أهلة للنشر في بابل، تروي وجع الإنسان في رماد الأيام. آخر الليل أول الفجر – قصصٌ صدرت عن دار رند في دمشق، تنسج الليل بالأمل. صانع التوابيت – مجموعة قصصية تنتظر النور، وهي قيد الطبع، تحكي عن الموت والحياة بين أصابع النحات الحزين. بيني والرصاصة حلبة للرقص – ديوان شعري صدر عن دار روافد في القاهرة، يرقص فيه الألم والكبرياء على إيقاع الرصاص. لم تعد ضفائري أرجوحة لعينيك – مجموعة شعرية أخرى، ما تزال تختمر في رحم الطبع، عنوانها وحده حكاية شجنٍ طويل.
وقد توزعت نصوصه بين صفحات الجرائد والمجلات، تنبض بالحياة أينما حلّت: في الصباح، المدى، طريق الشعب، المشرق، الصباح الجديد، الأهالي، الزمان، التآخي، الاتحاد، ووصل صوته حتى جريدة النهار اللبنانية.
فهو ليس مجرد كاتب؛ إنه صدى لأوجاع الأرض، ونبضٌ يخبئ بين كلماته أحلام مدينته وأحلامنا جميعًا... شاعرٌ وقاصٌّ يمشي في الدروب القديمة، وهو يحمل في عينيه وهج القصيدة، وفي قلبه صبر الحكاية.
وهذه قراءة في قصيدة "لا تلقي علي باللائمة":
ماذا أفعل يا صديقي...؟
فسقف المطالب بات مرتفعا
حتى أصبحت قريبة
من اسمى غيمة
ص ، ص ص
لم تعد ذرائعك
تخفف من جراحي
جعلتني احوم في زحمة الشكوك
بعد هروبك عن سكتي
كنت النجم الوحيد
الذي يضيء ممراتي الحالكة
ويفكك اسرار انزوائي
ويزيح الخوف عن توحدي
الغارق بالشك حينا
وباليقين حينا اخر
حلمي الوحيد كنت انت
من يوقظ ترنيمة الحب
في حرائقي وسكوني
فتجتر الضحكة من عتمة احزاني
ومن صمت يرتعش خوفا وريبة
بيد القدر أصبح يمضي
خارج حدود سيرنا
إلى حد بات ظلك محض سراب
ما لذي طرأ الآن...؟
ما دمت لا تعلم
ابق بعيدا
اترك مقبض الموت
يطبق الخناق على نافذتي
هذه القصيدة تحمل في طياتها نزعة وجدانية عميقة، تنبثق من قلبٍ جريح يرزح تحت وطأة الخيبة والفقد. الشاعر هنا لا يسرد ألمَهُ سردًا مباشرًا، بل يُحوّله إلى مشهدية شعرية متقنة، تتداخل فيها الصورة والوجدان ضمن بناء لغوي مفعم بالتوتر والانفعال.
تقوم القصيدة على بنية حوارية تخاطب "الصديق" الذي كان ملاذًا ومصدرًا للضوء والأمل. هذا الحوار الداخلي يعزز من تماسك النص، ويمنحه إيقاعًا نفسيًا متدرجًا من العتب الخافت إلى الصرخة المدوية في ختام القصيدة. كما تتبع القصيدة منحنى تصاعديًا: من وصف حالة الشاعر الداخلية إلى تحميل الآخر وزر الانهيار والخذلان.
تعتمد القصيدة بشكل رئيسي على صور شعرية مكثفة ومؤثرة، منها "كنت النجم الوحيد الذي يضيء ممراتي الحالكة" – فهي صورة مشرقة تُبرز دور الصديق بوصفه النور وسط عتمة الشك والخوف. و" ترنيمة الحب في حرائقي وسكوني" – مشهد فني يجمع بين الحريق والسكون، مما يعبر عن اضطراب داخلي عميق. أو "قشة تنجبني من غرق" – استعارة قوية تختزل المأساة، وتصور اليأس بأبسط الرموز. وتتكرر في النص ثنائيات الضوء والظلمة، اليقين والشك، السكون والحركة، مما يضفي عليه عمقًا دراميًا ويعكس صراع الذات بين الأمل والخسران.
وتميل القصيدة إلى استخدام لغة مباشرة لكنها مشبعة بالعاطفة. لا تغرق في الزخرف اللفظي، بل تبني تأثيرها من الصدق الشعوري ومن البساطة التي تسمح للصور بالتوهج. ونلمس تكرارًا مقصودًا لبعض المفردات ("الشك"، "الخوف"، "العتمة") مما يعزز النغمة الحزينة ويزيد من وطأة المعاناة.
وهي نص يتأرجح بين الاستسلام والغضب، بين البحث عن خلاص داخلي وإدانة الخارج. وهي قصيدة مشحونة بطبقات من الألم الشخصي تُقدّم عبر صور شعرية مؤثرة، وأسلوب لغوي بسيط يلامس أعماق القارئ، ويرسم ملامح الخيبة بأدق تفاصيلها.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إبراهيم الجنابي شاعرُ الأرضِ والهواء ومراكبُ الحلم
- شمران الياسري...راوي السخرية الحزينة وصوت الفلاحين
- في ذكرى انتفاضة معسكر الرشيد حسن سريع... أيقونة نضالية لا تت ...
- ركن الدين يونس عاشق الكلمات المتوهجة
- محمد سالم البيرماني شاعر الغربة والبرهان
- الدكتور محمد عبد اللطيف مطلب فيلسوف الفيزياء ورائد الحرف الع ...
- فائق الخليلي قاصٌّ منفىً وسردٌ من ضوء الجرح
- علي جواد الطاهر صوت النقد النابض بين التراث والحداثة
- ستّار خضير… قامة نضالية شامخة
- عبد المجيد الماشطة الحِلّيُّ الذي نَفَذَ إلى لُغَة الإنسان
- الشيخ يوسف كركوش سادن الذاكرة الحِلِّيّة وأحد أعلام التأريخ ...
- الشيخ عبد الكريم الماشطة مصباح علمٍ وتنوير في ظلمات الركود
- قارئ الطين: طه باقر حين نطقت الأرض باللغة السومرية
- ريام الربيعي حين يكتب الجمال أنوثته شعراً
- صبري الحيدري الناقد الذي رأى في الإهداء مرآة للنص
- الدكتور سامي سعيد الأحمد راوي ذاكرة الحضارات
- الدكتور صباح نوري المرزوك عاشق الحلة ومؤرّخ وجدانها
- حسين علوان عينٌ على بابل وقدمٌ في لغة العالم
- أحمد الناجي مؤرخ الذاكرة ومثقف الحلة المتجدد
- جعفر هجول شاعر مترحل بين الغربة والعشق


المزيد.....




- اختفت منذ 82 عامًا.. اكتشاف سفينة حربية يابانية من الحرب الع ...
- نظرة على معاناة عائلة للحصول على طبق واحد فقط في غزة
- غزة: مقتل أكثر من 1000 فلسطيني لدى محاولتهم الحصول على مساعد ...
- إردام أوزان يكتب: وهم -الشرق الأوسط الجديد-.. إعادة صياغة ال ...
- جندي يؤدي تحية عسكرية للأنصار في سيطرة ألقوش
- 25 دولة غربية تدعو لإنهاء الحرب في غزة وإسرائيل تحمل حماس ال ...
- -إكس- و-ميتا- تروّجان لبيع الأسلحة في اليمن.. ونشطاء: لا يحذ ...
- عاجل | السيناتور الأميركي ساندرز: الجيش الإسرائيلي أطلق النا ...
- سلاح الهندسة بجيش الاحتلال يعاني أزمة غير مسبوقة في صفوفه
- السويداء وتحدي إسرائيل الوقح لسوريا


المزيد.....

- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - إبراهيم خليل ياسين قلبٌ يخطُّ القصيدة ويحكي الحكاية